صلاح سلام-اللواء
يستعجل اللبنانيون ولادة الحكومة الجديدة، وإختصار فترة التأليف، لأن الآمال التي يعلقونها على العهد والحكومة كبيرة، وبحجم الوعود العالية التي تضمَّنها خطاب القسم الرئاسي، وما جاء في بيان الرئيس المكلف عقب تسميته في الإستشارات النيابية، من إلتزام ببناء دولة المؤسسات والدستور.
الفترة المتعارف عليها لتأليف الحكومات في لبنان لم تُستنفد بعد، ولكن ثمة رهان عند اللبنانيين على قدرة الرئيس المكلف إنجاز مهمته وإعلان حكومة العهد الأولى خلال الأيام القليلة المقبلة، متجاوزاً المطبات التي يحاول البعض وضعها في طريقه نحو السراي الكبير، مترجماً بذلك الإرتياح الكبير، في الداخل والخارج، الذي أثاره تكليفه برئاسة الحكومة، إلى خطوة عملية أولى على طريق الإصلاح والإنقاذ.
وبقدر حماس اللبنانيين لولادة الحكومة السلامية بالسرعة الممكنة، بقدر ما يتمنّون أن تكون التركيبة الوزارية مختلفة جذرياً عن حكومات العقدين الماضيين، سواءٌ بالنسبة لتدوير الحقائب، وإنهاء إحتكار الطوائف للوزارات السيادية، أو عدم تحوّلها إلى «برلمان مصغر»، وتوزير ممثلين عن كل الكتل النيابية، الأمر الذي يُغيّب دور المعارضة البرلمانية في متابعة أعمال الحكومة والمراقبة والمحاسبة.
لقد أثبتت تجارب الحكومات الإئتلافية، التي كان يتم تشكيلها وتقاسم حصصها تحت شعار «حكومات الوحدة الوطنية»، عقم الحركة السياسية، وتراجع إنتاجية الوزراء والإدارات العامة، وإفساح المجال لإنتشار سرطان الفساد في جسد الدولة، وشيوع الصفقات والإلتزامات المشبوهة، دون حسيب أو رقيب، بسبب غياب المعارضة النيابية، وما يستتبعه من شلل في مؤسسات الرقابة، بسبب التدخلات السياسية، والولاءات الحزبية والزبائنية لشخص الزعيم.
مضمون خطاب القسم، ومفاصل بيان الرئيس المكلف، يشكلان خريطة طريق لإعادة بناء الدولة، وإستعادة الثقة الداخلية والخارجية، ويشكلان مسماراً قوياً في نعش الفساد، وكل موبقات السنوات الماضية.
عودة الإنتظام للحركة السياسية تتطلّب وجود معارضة برلمانية فاعلة، تُعيد الحياة للممارسة الديموقراطية الصحيحة والسليمة، كجسر لا غنى عنه لتحقيق الإصلاحات السياسية المنشودة.