أحداث متسارعة
أحداث متسارعة

ناقوس في أحد - تعليق على الاحداث مع رشيد درباس - Sunday, January 19, 2025 3:47:00 PM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس
 

نحن على أعتاب تشكيل حكومة جديدة، على وزرائها  أن يكونوا شموع أمل، وأوتاد عمل تسارعت الأحداث بوتيرة عجزنا عن ملاحقتها، وبعضها يدخل ضمن المفاجآت السارة، إذ بعد مرور شهور طويلة من جرائم الإبادة التي تعرّض ويتعرّض لها الشعب الفلسطيني، ومسلسلات القتل والتدمير  الممنهج على الشعب اللبناني، كانت العيون متعلقة بالشاشات التي صارت عدادات شهداء، وصحفات الأرض اليباب.

تقدّم العدو في جنوبنا فأرانا عيّنة من أحقاده، بما أنزله في القرى والبلدات، وأبدى لنا ذكاءه المصنّع، بمقدرته على الاغتيال من بعد، وذهب أخيراً إلى وقف إطلاق نار في لبنان وغزّة بعد أن خلّف وراءه مآسي لن تنساها الإنسانية. لقد قاوم المقاومون، وارتفع الشهداء إلى السماء، وبقي لنا الحزن والبكاء، والبحث عن بقايا  شهدائنا لنعيدها إلى أعماق التراب.

تحمّل الشعب اللبناني كلّه آثار العدوان بأشكال مختلفة، وقبع كلّه في وهدة يأس من الخروج من الهول، ودخلنا في دوامة الفراغ بعد أن قطع الأمل من أنّ الحضرة السياسة ستخرج من عقمها، وتنتخب رئيساً للجمهورية.

فجأة تراجع القصف الرهيب، وذهب النواب إلى المجلس، وازدحمت الشرفة بالسفراء والممثلين، وبعد فاصل مملّ من تبادل الألقاب المقذعة، واستراحة بين الفصلين، دخل من باب المجلس رجل يلبس ثيابًا مدنية لم نره فيها من قبل، وحلف اليمين الدستورية، وألقى خطابًا مدنيًا أيضًا لا يخلو من حزم العسكر إذ اقتضت الضرورة، لكنه لم يهدّد بقطع الرؤوس ولا بتر الأيدي، بل أبدى الوعود بدل الوعيد، وعرض علينا ما يراه وما يتوقعه وما يأمله، فكان في غاية الواقعية رغم علو سقف الكلام، إذ كان وطيد الثقة أنّ الظروف تتحول إيجابًا وأنّ فرصًا كثيرة تنتظرنا، وأنه متمسك بها، بمؤاررة الشعب والمؤسسات .

أصدقائي،

عندما كان أبنائي صغارًا كانوا يلحّون عَلَيَّ دائمًا أن أحكي لهم الحكايات قبل النوم وكنت أبذل جهدي بتلفيق بعض الروايات الجميلة والتي تدعو إلى التفاؤل. اليوم تنازعني نفسي حنانًا وحزنًا، فأتمنى أن أعود القهقرى، وأتدارك ما أتلفناه من الأعمار والسنين، فأحكي لأولادي هذه المرة قصة حقيقية، صاغها خيال واقعي، تبدأ صفحتها الأولى بمعجزة ملء الفراغ الرئاسي. لكن صفحتها الثانية فيها بعض التنغيص، بسبب الخطابات النارية والسجالات التي لم تعد تجدي، وما صاحب التكليف كان من نشاز، فمن حق اللعبة البرلمانية أن تأخذ مداها، وأن تسفر المناورات الذكية عن تكليف شخصية جديدة، ولكنّ الرئيس نجيب ميقاتي يستحق وداعًا مختلفًا عما شهدناه.

إنّ اللعبة البرلمانية المغذّاة من الداخل الشعبي والمدعومة من الخارج الصديق والشقيق أسفرت عن نتيجتين مبهرتين على خلاف السياق، بالمجيء برئيس للبلاد من خارج السوق، وبرئيس كلّف كان يتولى أعلى العدالة الدولية، ورغم ذلك فهو ليس من أهل الأبهة وهو لا يملك سيارة في لاهاي. لأنه يفضّل الذهاب سيرًا على قدميه من بيته المتواضع إلى قصر السلام ذي الفخامة التاريخية.

إذن، لكنت ختمت روايتي لأولادي بفصل سعيد، يقول إنّ بعض الصيادين نفدت محروقاتهم وراحت الماء تتسرب الى الزورق من ثقوب كثيرة في القاع، وتقاذفتهم الأمواج العاتية فأخذوا بتلاوة صلواتهم الأخيرة الى أن شاهد أحدهم أنوار قارب إنقاذ يقترب فصاح بملء الجوارح: لقد أتى العون... فهتف الباقون يا سلام.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني