د. نبيل خليفة - نداء الوطن
محليات
د. نبيل خليفة
رئاسة الجمهوريّة... وتحدّيات المرحلة!
11 . 01 . 202502 : 00 AM
انتخب مجلس النوّاب اللبناني بأكثرية 99 صوتاً من أصل 128 العماد جوزاف عون قائد الجيش اللبناني، رئيساً للجمهورية. وأدّى الرئيس الجديد قسم اليمين أمام مجلس النواب. وصعد إلى القصر الجمهوري في بعبدا حيث سيبدأ ممارسة سلطاته الدستوريّة. إن اختيار الرئيس جوزاف عون لم يكن أمراً سهلاً. فقد سبقته تحدّيات، ورافقته تحدّيات، وستتبعه تحدّيات أيضاً. إنها تحدّيات المرحلة التاريخية التي يعيشها لبنان والمنطقة والعالم في المرحلة الراهنة. وهي تحديات كبيرة وكثيرة ومتنوّعة نشير إلى بعضها:
1- تحدّي السياسة الدوليّة للقوى العظمى وخاصةً الولايات المتحدة الأميركية التي حسمت خيارها بالنسبة للبنان باختيار العماد عون لرئاسة الجمهورية، وشرعت في العمل على تحقيق ذلك سواء بالإشارة أو التعليمات أو المبعوثين، وجميعها تشير إلى خيار واحد للرئاسة هو العماد عون.
2- تحدّي السياسة الاقتصاديّة الدوليّة والإقليميّة التي ربطت كل سعي لإعادة إعمار لبنان بعد الحرب، بتنفيذ خيارها السياسي كمدخل لمساعداتها الاقتصاديّة والماليّة. وإلا، لن يكون هناك دعم لإعادة إعمار لبنان إذا لم يلتزم اللبنانيون الخط السياسي المرسوم بدءاً من رئاسة الجمهورية.
3- تحدي السياسة الإقليمية المتمثلة بنشاط الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأذرعها في العالم العربي من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن، بضرب هذه الأذرع والحدّ من النفوذ الفارسي في المنطقة. وكانت اسرائيل قد عملت على تدمير القواعد الإيرانية في دول المشرق العربي في لبنان، خاصة بضربها قواعد ومقرّات "حزب الله" العسكرية والمدنيّة في مختلف المناطق اللبنانية ولا سيما في الجنوب والضاحية الجنوبية وبيروت والبقاع. وأدى كل هذا الأمر إلى اضعاف دور "حزب الله" في المعادلة اللبنانية وترك مجالاً أوسع لبقية القوى، لا سيما القوى المسيحية، كي تأخذ حجماً أوسع تمثيلاً لها. وهو ما سمح عملياً بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.
4- التحدّيات الكبرى التي واجهها ويواجهها المسيحيون، وفيها دعوة مباشرة في سبعة أمور أساسية متصلة بكونهم جزءاً من النسيج الاجتماعي في مجتمع الشرق – أدنوي:
أ) حسم على مستوى فلسفة القيم والمتمثلة باعتبار "لبنان أولاً".
ب) حسم على مستوى الجغرافيا والتاريخ: نهائية لبنان.
ج) حسم على مستوى السوسيولوجيا: باعتماد الميثاقية دستور حياته.
د) حسم على مستوى مفهوم السلطة: خيار الديمقراطية .
ه) حسم على مستوى نمط الحياة: خيار الليبرالية.
و) حسم على مستوى الانتماء والهوية: بالعروبة الحضارية الجديدة.
ز) حسم على المستوى الحضاري – الثقافي: قيام مجتمع المعرفة: مجتمع القرن الحادي والعشرين، قرن التعليم العالي.
5- التحدّيات المباشرة للرئيس والمتمثّلة في مجمل الوضع اللبناني السياسي والأمني والاقتصادي وهو وضع بحاجة ليس فقط إلى تصحيح بل إلى تغيير كونه وضعاً مهترئاً وفاسداً. ولعلّ خطاب الرئاسة الذي ألقاه الرئيس عون وضع اليد على الكثير من الأمراض التي يعاني منها الشعب اللبناني وهي بحاجة لمن ينقذه منها.
لقد رسم الرئيس عون لوحة شبه متكاملة للوضعية اللبنانية المريضة. ولكن، لم يكن من الممكن وضع كل النقاط على كل الحروف في يوم واحد.
6- هذا يستدعي انتظار بدء التغيير مع رئيس حكومة جديد، وحكومة جديدة يتميّز وزراؤها بالوطنية والعلم والثقافة والاستقلالية والإصلاح ويكونون فريق عمل متجانساً يعمل لمصلحة الوطن والشعب وليس لمصالحه الخاصة. ويشجع مثل هذا الفريق المراجع المالية الدولية على العمل لمساعدة لبنان كي ينهض من كبوته.
باختصار، إن شبه الإجماع على الرئيس عون يحمّله مسؤولية كبرى في قيادة البلاد إلى مصير آمن ويلزمه بمقولة كبير فلاسفة اليونان بأنّ عليه "أن يرى صحيحاً وان يرى بعيداً"، كي يستطيع حكم شعبه. هذا يعني، أن تكون لديه رؤية سليمة وصحيحة للواقع الذي يعيش فيه، وأن تكون لديه رؤية سليمة وصحيحة للمستقبل. وهذا يفرض التعالي عن النزاعات والخلافات وتصفية الحسابات. وأن يجعل عهده الذي أقسم عليه عشرات المرات في خطاب القسم، عهد الوطنية والنزاهة والتقدّم.
لقد قلنا من قبل، وفي نطاق خيارنا لرئيس الجمهورية لبنان هو الأستاذ إدمون رزق، قلنا إننا نختاره لأن فيه ثلاثة:"لبنانويّ، مارونويّ، نهضويّ". نتمنّى أن يجسّدها الرئيس الجديد! كما نتمنى له النجاح في مهمّته التاريخية!