ربى أبو فاضل - الديار
يعاني لبنان العديد من الأزمات، التي أنهكت كاهله، محولة إياه إلى بلد مهترىء في قطاعاته كافة، فلم يسلم أي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد من الانهيار المدوي، فمن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأت عام 2019، والتي أدت إلى انهيار الليرة اللبنانية وفقدانها أكثر من 90 في المئة من قدرتها الشرائية، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، ناهيك بأزمة كورونا وانفجار المرفأ عام 2020 ، إضافة إلى النزوح من بلاد الجوار المستمر إلى اليوم، دون أن ننسى الحرب الهمجية من قبل العدو "الإسرائيلي".
هذه الأزمات المتتالية، أدت إلى تفاقم معاناة الشعب اللبناني الاقتصادية والاجتماعية، والتي تترافق مع شلل سياسي في البلاد، ووجد 80 في المئة من الشعب نفسه تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي، مع ارتفاع جنوني في الأسعار دون رقيب او حسيب، شاملا كل المنتجات التي يستهلكها المواطنون دون استثناء، وخصوصا الدواء. فالبعض لجأ إلى المستوصفات للمعاينة، وفي بعض الأحيان الحصول على الأدوية مجاناً أو بسعر رمزي، فالأزمة أسقطت الشعور بالخجل، على اعتبار من يذهب إلى المستوصف هو الأقل ماديا من غيره، والبعض لجأ إلى الصيدلي لتوفير "كشفية" الطبيب، فزيارة الطبيب وشراء الدواء معا فوق قدرتهم الشرائية، وتتجاوز ما يتقاضونه من معاش شهري، فيشتري الدواء من الصيدلي الذي بات البديل الآمن بالنسبة لهم.
توازياً، نرى في زمن الفقر المدقع مَن لجأ إلى الطب البديل، بسبب عجزهم عن دفع معاينة الطبيب والوصفة الطبية معاً، على قاعدة "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، و"إن لم تنفع لا تضر"، أو ربما إيمان من المرضى بأهمية الطب البديل، فعاد الطب البديل والتداوي بالأعشاب ليزدهر بدلاً من الأدوية.
وتجدر الإشارة، إلى أن نسبة الأُسر التي لا تغطية صحية لها زادت 59% عن العام 2022 ونحو 50% عن عام 2019، حيث أصبحت 70% من الأُسر اللبنانية من دون تغطية صحية، بحسب دراسة أجرتها منظمة Reach مع مكتب الأُمم المتحدة العام الماضي.
"ليس باليد حيلة في هذا البلد الفقير ولو كانت الفائدة 15% فهي أفضل من لا شيء "بهذه الكلمات عبّرالستيني "أبو علاء" الذي يلجأ إلى الأعشاب في كثير من الأحيان، لان لا قدرة لديه على شراء الأدوية، بعدما ارتفع سعر الدواء عدة أضعاف، مشيراً إلى أنه يفضل العودة إلى الأعشاب، وخصوصاً أنها تربطنا بتراثنا القديم، حيث كان آباؤنا وأجدادنا يلجؤون إليها لعلاج كثير من الأمراض".
وهو أمر تؤكده سميرة مربية منزل ولديها 4 أطفال "مرض أطفالي ولم أطرق باب طبيب، لأنني لا أستطيع تحمل التكاليف، فلجأت إلى العطار لمعالجتهم من أمراض الجهاز التنفسي من رشح وكريب والتهاب".
هذا وقد حذر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض في وقت سابق من مخاطر الاعتماد على الأعشاب، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة مثل السرطان" هذا مقلق ولا يمكن أن تكون الأعشاب بديلاً للدواء".
السيدة راغدة وهي موظفة وأم لطفلين تقول "مهنة الطب ابتعدت عن إنسانيتها، واتجهت نحو التجارة والربح، وهذا ما دفع الفقراء الى التوجه نحو طب الأعشاب، فهو رخيص نسبياً"، وتضيف "أنا عالجت أمي من آلام في مفاصلها عند العطار، بعد أن تهت في دائرة الأطباء لمدة سنة كاملة، فكل طبيب له رأيه وتشخيصه، وفي النهاية لم تشفَ إلا على يد العطار".
الجدير بالذكر أن الطب البديل بحسب المعترف به في منطقة الشرق الأوسط، هو مزيج من العلاجات الاسلامية والصينية والأيروفيدية، وفي لبنان هي عبارة عن أعشاب أو مزيج من الأعشاب والتوابل والزيوت الطبيعية، فضلاً عن العلاجات الجسدية مثل الحجامة والشفاء بالطاقة والوخز بالابر لعلاج الأمراض.