"الولاد بجيبوا الرزقة معن" مقولة نسمعها كثيرا، انما للاسف في لبنان أصبحت تربية الاولاد تفوق قدرة الاهل، فتأمين متطلباتهم لم يعد أمرا سهلا.
خياران امام الاهل أصبحا، في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة، اما التضحية بأنفسهم واما التضحية بأولادهم... وفي الحالتين غالبا ما تكون النتيجة واحدة:"فراق!"
البعض "يعيش بالنعيم"، والبعض الاخر ينتظر انجازات الحكومة الجديدة التي أعطيت ثقة النواب ولم تتمكن حتى الان من نيل ثقة اللبنانيين، أما فئة ليست بصغيرة فبدأت تفقد الامل وقررت للاسف الرحيل وأولها "شهيد الفقر" جورج زريق الذي اختار أن يرتاح من خلال "بطاقة سفر بلا عودة"، فأحرق نفسه لأنه لم يستطع تحمّل الاعباء المادية الملقاة على عاتقه خصوصا تلك المتعلقة بالأقساط المدرسية لولديه.
الامل يزول شيئا فشيئا من قلوب اللبنانيين، حادثة جورج تلتها حادثة تعدّ غريبة انما في لبنان أصبحت مألوفة، اذ لجأ سليم الحموي الى بيع كليته ليعيش وتمسّك بـ"كرتونة" كتب عليها "انا لبناني عندي أولاد بدي عيش... لمن يهمه الأمر قررت بيع كليتي".
فهل يمكن لليأس أن يدخل البيوت الصغيرة الدافئة وينتزع منها أحد أفرادها؟
الاجابة أصبحت واضحة فبعد جورج زريق، ها هو اليوم عمر نجار، من منطقة ابي سمراء، يجلس في ساحة عبد الحميد في طرابلس منتظرا الشاري، فبدل أن يتمسك بحياته وعائلته، قرر أن يتمسك بلافتة من "الكرتون" ليعرض كليته وابنه للبيع.
موقع VDLnews تابع الموضوع وعلم أن عمر لديه عائلة مؤلفة من 5 أفراد، وهم زوجته وأولاده الاربعة وجنين ينتظر أن يبصر النور، لكن لا أحد يدري ان كان سيتمكن من رؤية أخيه فادي "المعروض للبيع".
ويعتمد عمر ليعتاش وعائلته على "سيارة أجرة لا تؤمن له الا عشرة آلاف ليرة لبنانية في اليوم الواحد ما لا يكفي لتأمين أبسط المتطلبات الضرورية وهي الاكل والشرب"، بحسب ما قال عمر لموقع "VDLnews".
مندوب "صوت لبنان" حسام الحسن توجّه الى الساحة المذكورة واستوضح من عمر الاسباب التي دفعته الى عرض ابنه وكليته للبيع.
وأوضح عمر لـ"VDLnews" أنه ليس بمقدوره أن يدفع المال لاصحاب المنزل الذي يستأجره، ما دفعه الى اختيار هذا الحل ليحصل على المال.
هل أصبح الأولاد "نقمة" بدل النعمة؟
"بيع ابني وكليتي، واذا بياخدو كليتي قبل ابني ما عندي مشكلة"، بهذه الجملة أظهر عمر اصراره على بيع ابنه وليس فقط كليته، وكيف أن الفقر جعله رغما عنه أبا قاسي القلب يتخلى عن أحد أعضاء جسمه وعن ابنه معا.
وطالب عمر المعنيين في الدولة بمراعاة أوضاع الفقراء والنظر الى حالتهم ومساعدتهم، قائلا: "غدا سيتم طردي من المنزل اذا لم أدفع الايجار"، سائلا بحيرة:"شو بعمل؟"
سؤال طرحه عمر وجورج وسليم في أذهانهم، وكل منهم اجاب عليه على طريقته بعدما لم يحصل على اجابة من المعنيين...
فمتى سينتهي كابوس الانتحار وبيع الكلى والاطفال بسبب الوجع نفسه... وجع الفقر والقهر؟