أشار وزير الخارجية السابق الدكتور ناصيف حتي في حديث لبرنامج "لقاء الاحد" عبر إذاعة "صوت كل لبنان" الى انه "بعيدا عن نظرية المؤامرة هناك ترابط موضوعي وموضعي في ما يتعلق بسوريا ولبنان وفلسطين، والسؤال الذي يطرح لماذا في هذه اللحظة؟ خاصة بعد بقاء سوريا في منأى عن وحدة الساحات".
ولفت الى أن "انتقال الحماوة والحرارة من لبنان الى سوريا يعود الى عدة عوامل منها أن سوريا الرسمية بقيت في منأى عن الحرب الدائرة منذ بداية حرب غزة لكنها أيضًا امتداد للمسرح الاستراتيجي القتالي كخلفية للمسرح الاستراتيجي اللبناني حيث إن هناك مواقع ومخازن أسلحة ووصول أسلحة وتسلح لحزب الله عن طريق سوريا".
كما شرح أنه "من أسباب ما يحصل في سوريا أيضًا تراجع الدور الروسي بسبب غرق روسيا في الملف الاوكراني ومحاولة ايجاد حل بشكل سريع خاصة مع وجود إدارة أميركية جديدة وعدم استبعاد التوصل الى تفاهم روسي مع ترامب وهذا أخذ روسيا الى مكان معين كما حالة الوهن والتعب اللتان أصابتا وحدة الساحات في سوريا ووقف القتال في لبنان وبالتالي يعتبر حزب الله كليًا في لبنان وضعف في سوريا للاسباب الموضوعية المعروفة وذلك بسبب الحرب على جبهة الجنوب اللبناني".
وتابع حتي: "من الاسباب أيضًا حالة الارتباك في الموقف الإيراني فمن جهة تقول إيران إنها تريد السلام ومن جهة أخرى يعتبر المشرق العربي وتحديدا سوريا ولبنان أوراق رئيسية في الصراع الاستراتيجي الايراني مع خصوم إيران وأعدائها في تلك المنطقة وهذا ما يسمح لتركيا أن تحاول أن تتقدم إن لم يكن بشكل مباشر بواسطة بعض حلفائها".
وأضاف: "لا يمكن أن نقرأ من الآن ما سيحصل فلا زالت المعركة في بدايتها، ونحن في دينامية شديدة التعقيد للأسف مأساوية في سوريا. واستبعد ان تطيح احداث حلب بإتفاق استانة".
وعلى الصعيد المحلي، لفت حتي الى ان "الهدف الإسرائيلي بالقضاء على حزب الله لا يمكن ان يتحقق".
وقال: "وحدة الساحات غيرت بقواعد اللعبة وطموح إسرائيل بعد حرب غزة. يجب ان نعود الى ضرورة تطبيق ال 1701 عبر اقامة منطقة عازلة جنوب الليطاني تحت اشراف الجيش اللبناني، أي أن تكون منطقة لا حرب فيها. ما تحاول إسرائيل ان تقوم به بما يسمى اتفاقات جانبية، لجهة الدفاع الاستباقي عن النفس. والحديث عن ستين يوماً يعني فرض شروط معينة من قبل إسرائيل ويجب ان تظهر، وهي تحاول احداث تغييرات ديموغرافية وجغرافية حتى تنتهي المهلة، وبالمفهوم الإسرائيلي هي هدنة مؤقتة للوصول الى وقف اطلاق النار".
كما أشار حتي الى ان "لبنان يطمئنه وجود فرنسا في لجنة المراقبة والطرف الاخر يطمئنه وجود اميركا، ما يهم هي المعايير والمؤشرات لفرض التهدئة ووقف الحرب، تحت مظلة الأمم المتحدة".
وإذ اعتبر أنه عند أي خرق على الجيش اللبناني أن يرد ويدافع عن لبنان، اكد انه "علينا إعادة بناء السلطة اللبنانية وان يكون موقف اجماعي لبناني كي لا نبقى مجرد ملعب بأسماء وعناوين مختلفة".
ولفت الى انه "لا يمكن استمرار التعامل بمنطق الكيدية والصراع، وان يكون الرئيس حائزا على ثقة الجميع يعبر عن رؤية ضرورية للبنان، وان تكون له مشروعية وطنية، كما أن الحاجة ضرورية الى حكومة مهمة وليس حكومة تسوية".
وأضاف حتي: "التوازنات دائما متغيرة، وتفاهم الخارج ضروري بسبب تأثيره على مختلف المكونات ولكن هناك مسؤولية وطنية لبنانية على الجميع، وإذا أردنا الدخول في عملية انقاذ لبنان من استمرار الانهيار علينا التفكير بشكل مختلف ومن ثم نعود الى اللعبة السياسية التقليدية وذلك عبر انتخاب رئيس توافقي وهذا لا يعني أنه سيكون تسوويًا كما تشكيل حكومة صاحبة مهمة لتنفيذ برنامج إصلاحي شامل وهيكلي والبحث عن الاولويات التي يجب معالجتها في الشأنين الداخلي والخارجي".
وقال: "لنبدأ بالبحث عن الأولويات التي يجب ان نعالجها لنعيد لبنان من ملعب الى لاعب سياسي في المنطقة، اذ من غير الواقعي ان نعتقد انه يمكن انقاذ لبنان ونحن لا نزال في نفس العقلية السابقة".
وأشار حتي الى ان "اتفاق الدوحة منع الانهيار الكامل ولكن يجب ان نعود الى تحت سقف الطائف، ونحن بحاجة الى وقفة ونقد ذاتي للسير الى الامام"، مشددًا على أن "الحوار اليوم ضروري قبل انتخاب الرئيس ويجب البحث في أي مشروع نريد للبنان في الشقين الداخلي والخارجي".
واكد حتي انه "لن يأتي احد ليساعد لبنان اذا كان في خط سياسي يختلف مع مصالح الدول، وهناك مسؤولية اساسية لبنانية لتغيير هذه الصورة"، مضيفًا: "عندما يقف لبنان على قدميه يجب ان يعود الى الدور المتوازن في المنطقة من اجل ان نحصل على دعم من جميع الاشقاء لا سيما المملكة العربية السعودية".
وختم حتي بالقول: "تمكين الدولة واعتماد سياسة خارجية ومتوازنة تعيد لبنان الى مكانه بين الدول العربية وعندها نستطيع بالقوة اللينة ان نتحرك في كل العلاقات، وان يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية".