النقيب السابق لمحامي الشمال، الوزير السابق رشيد درباس
أنا ممن بُنيت ثقافتهم السياسة على أنّ فلسطين عربية من النهر إلى البحر، ولكن الأحداث تُريني أنّ ما كُتب على باب "الكنيست": "مُلكك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، يأخذ نصيباً كبيراً من حيّز الواقع.
أعود إلى ما كدّستُه من مبادىء في عميق وجداني، وإلى التحاليل التي تؤكد أن اسرائيل جسم غريب هجين، ستلفظه الطبيعة، وتحاصره الجغرافية، وتمتصه الديموغرافيا، فأجد مع الأسف أن الجسم العربي يتشتت في العراق، ويتمزق في سوريا ويتحارب في اليمن، ويختنق في لبنان، وتحاصره تركيا والحبشة في مصر، ويهدر نفطه وعرضه في ليبيا، فيما يسقط ما تبقى من فلسطين صريعاً أمام صفقة القرن.
لم يمر على الأمة أخبث وأشرّ مما نمر به، بعدما أعادونا إلى سقيفة بني ساعدة، ومسألة الحق بالخلافة، وأغرقونا بحديث الإفك الذي اتهم السيدة عائشة، وسبي السيدة زينب مرة أخرى، فيما تؤول الخلافة الفعلية إلى الذراع الاسرائيلية الطويلة التي تضرب كل يوم ضرباً مؤذياً من غير رد، والتي راحت تسرّب القرائن على مسؤوليتها المباشرة عن مجزرة بيروت الرهيبة فيما نحن نتسابق لتبرئتها.
أثبتت دولة اسرائيل "للمجتمع الدولي" أنها جديرة بالشراكة، فاعتمدها رأس حربة يطعن بسنانها ويهوّل بأسنانها أو يقدّمها، كما يحدث الآن، جاراً لطيفاً لا يشكل خطراً داهماً كالخطر الفارسي، وها هي الآن مفاوض مباشر أو مضمر على طاولة إعادة النظر في الخريطة العربية.
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن أرى فيه نجمة داود خفاقة في العواصم العربية، وما كنت أحسبني أرى أن مبدأ عداوتنا لإسرائيل قد أصابه الفتور، رغم حرارة عداوتها لنا...
لم يكن هناك أفضل من أن يهرق الخليج العربي كثيراً من موارد الأجيال ثمناً للأسلحة على حساب الاستثمار في البناء واللحاق بالتطور.
لم يكن هناك أفضل من تشجيع إيران على التمدد الامبراطوري على حساب استغلال الثروات الهائلة في التنمية والتقدم ودعم القضية الفلسطينية.
وهل يوجد أفضل، من حل الجيش العراقي وتشويه هوية بغداد وردّها إلى عهد التتار ومدنية هولاكو، حتى لا تكون سنداً للشعب الفلسطيني..؟
وهل في الخلاصة زمن حل على أمريكا وإسرائيل أنسب من هذا الزمن..!
أصدقائي..
أجمل المظاهرات التي خرجت من أجل الجزائر كانت لبنانية.
أروع الشعارات التي رفعت من أجل فلسطين كانت لبنانية.
أبلغ الشعراء العرب أعلنوا انتمائهم إلى بيروت...
لأنها كانت الحبر ، وكانت البحر، وكانت الربح، فلما صارت حرباً بكوها بأعز قصائدهم...
أمرُّ الأشياء أن يصبح المبدأ أقل قيمة من ثمن الخبز.
لا تلوموا من شغلهم اللحاق برغيفهم عن مبادئهم.. بل لوموا من نصَّبوا أنفسهم أوصياء على تلك المبادىء.. فنصبوا على من سار في هواهم..وما زلوا.
إِنَّني لا أكْتبُ التَّاريخَ...
لكِّني رَبيبُ الـمَرْحَلَهْ
عِشْتُ فيها...
وَلِساني مُثْقَلٌ بالحَوْقَلَهْ
هَلَكَتْ مِنِّي عقودٌ في طَريقِ الجُلْجُلَهْ
وَبَلَوْتُ العُمْرَ حتَّى أرْذَلَهْ
فَرَأَيْتُ الشَّعْبَ نَهْبًا...
لنِضَالِ السَّفَلَهْ.
شِرْكَةُ الإجرامِ...
رأسُ المالِ فيها... من سهامٍ غادراتٍ مُغْفَلَهْ
وقلوبٍ مُقْفَلَهْ
فَيَمينُ الشَّرِّ
طاحَتْ بِشِمالِ البَوْصَلَهْ
زَوَّرَتْ مِنْ مَحْضَرِ التَّاريخِ فَصْلًا...
فَرَمتنا في سِجِلٍّ...المَزْبَلَهْ
بين المبدأ والتعنت خيط دقيق،
وبين الاستبداد والهزيمة حبل غليظ.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا