رامح حمية - الاخبار
عندما خرج أهالي بعلبك وقرى «الغربي» (مقنة وإيعات ودورس...) من بيوتهم، مع تصاعد العدوان الإسرائيلي الذي نال البقاع الشمالي حصة وافرة منه، كانت وجهتهم الأولى بلدة دير الأحمر ومحيطها، شليفا وبتدعي وبرقا وعيناتا وبشوات والقدام. وصل عدد النازحين إلى هذه البلدات إلى حوالي 12 ألفاً، ثلاثة آلاف منهم يقيمون في ستة مراكز إيواء، والبقية في منازل مستأجرة أو مقدّمة مجاناً.
لم «يقصّر» أهل هذه البلدات مع النازحين، سواء في استقبالهم أو في تأمين ما تيسّر من احتياجاتهم، فيما تحوّلت دير الأحمر، كبرى بلدات المنطقة، إلى خليّة نحلٍ لتأمين احتياجات الوافدين إليها واحتضانهم. في المقابل، فإن التقاعس الفاضح من قبل الجهات الرسمية لجهة تأمين المساعدات الضرورية للعائلات النازحة ينذر بـ«وضعٍ مأسوي وكارثي ما لم تتحرك الحكومة سريعاً»، يقول جان الفخري، رئيس اتحاد بلديات دير الاحمر. إذ إن «الإمكانيات في البلديات والاتحاد صفر، فيما وصلت الجمعيات الأهلية والمدنية التي تسعى لتأمين ما أمكن للنازحين إلى درجة الإنهاك»، ومن بينها «الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب» التي تعمل بالتنسيق مع البلديات والاتحادات، في توزيع مساعدات ووجبات غذائية يومية.
يؤكد الفخري أنه «لم يصل الى منطقة دير الأحمر وقرى الاتحاد أيّ مساعدات، رغم الوعود التي تلقيناها خلال الاجتماع مع وزراء الحكومة المعنيين منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في السرايا الحكومية». وأوضح: «يومها وُعدنا بأن المساعدات ستصل فور الانتهاء من آلية تنظيم العمل، ولا نزال ننتظر». وبعد التواصل مع محافظ بعلبك - الهرمل، بشير خضر «وعدنا بأن من المحتمل أن تصل المساعدات إلى القطاع الغربي، ومنها بلدات دير الأحمر في 29 الجاري». في انتظار ذلك، يجود الناس هناك مما هو موجود. وفي هذا السياق يوضح الأب إيلي الجميل، كاهن رعية كنيسة مار يوسف في دير الأحمر، أنه «على مدى شهر تقريباً نجهد لتأمين ما أمكن بالتعاون ما بين المطرانية والجمعيات المدنية والأهلية، من مواد غذائية ومواد تنظيف وفرش وحرامات لمراكز الإيواء ولعدد قليل جداً ممن هم خارجها»، محذّراً من أنه «إذا لم تتم المساعدة قريباً من قبل الدولة فسنكون أمام تداعيات سلبية».
ولفتت مصادر متابعة إلى أن «شاحنات المساعدات التي وصلت إلى البقاع الشمالي وُزّعت على قرى عرسال ورأس بعلبك وحربتا والفاكهة - الجديدة والقاع، ولم يصل منها شيء إلى منطقة دير الأحمر»، لافتة إلى أن «كمية المساعدات التي وصلت لا تكفي أساساً حتى في القرى التي وصلت إليها، ولا تشكل أكثر من 5% من حاجة النازحين في القرى»، مشيرة مثلاً إلى أن «بلدة رأس بعلبك وصلها 230 حصة، فيما هناك 950 نازحاً في مراكز الإيواء و1500 في المنازل».
وما ينطبق على الغذاء ينسحب أيضاً على القطاع الصحي، حيث يبرز بشكلٍ واضح شحّ في الأدوية والمستلزمات الطبية في ظلّ امتناع شركات استيراد الأدوية وأصحاب المستودعات عن إيصال الأدوية إلى قرى الأطراف. ويبدو ذلك جليّاً من وضع الصيدليات التي تعاني «نقصاً حاداً في الأدوية»، كما يؤكد أحد الصيادلة في دير الأحمر، مشيراً إلى أن «طلبيات الأدوية التي نسعى إلى تأمينها من خارج المنطقة غير كاملة ولا تفي بالغرض، ونستشعر من الوكلاء ملامح تقليص للأدوية وهو ما يشير إلى أن هناك ربما من يفكر باحتكار الأدوية وخلق أزمة لفرض ما يريده من أسعار». ولذلك، يستعيض أهالي المنطقة بما تقدّمه المستوصفات الصحية من معاينات طبية وبعض الأدوية الضرورية للأطفال.
في المقابل، ساهمت حركة النزوح في تنشيط الدورة الاقتصادية في المنطقة، حيث تشهد المحال التجارية حركة نشطة طوال ساعات النهار قوامها النازحون الذين يسعون إلى تلبية احتياجات عائلاتهم وسط دعوات للأقارب والمغتربين بالمساعدة السريعة بالنظر الى معاناتهم اليومية.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا