تتواصل المساعي الديبلوماسية بمواجهة العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان اذ وصل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مساء امس إلى لبنان، وهو يعتزم، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية،"التباحث مع السلطات المحلية وتقديم الدعم الفرنسي، وبخاصة الإنساني".
وكانت باريس دعت يوم السبت إلى "وقف فوري للضربات الإسرائيلية في لبنان"مشيرة إلى أنها "تعارض أي عملية برية" في البلاد.
ويستهل وزير الخارجية الفرنسي لقاءاته الرسمية من بكركي بلقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في التاسعة صباحاً ثم يعقد اجتماعات متتالية، حيث يلتقي في العاشرة صباحاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن ثم قائد الجيش جوزيف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وسيعقد بارو ظهر اليوم اجتماعاً مع منسق الأمم المتحدة في لبنان وقوات الطوارئ اليونيفيل، على أن يختتم الزيارة بمؤتمر صحافي.
وحسب معلومات «اللواء» سيكتفي بارو بلقاء القيادات الرسمية ولن يلتقي اي جهة سياسية، وسيعقد مؤتمراً صحافياً في قصر الصنوبر عصراً قبل مغارة بيروت يتحدث فيه عن اهداف الزيارة ونتائجها، وهي زيارة تضامن ودعم للبنان بعد العدوان الاسرائيلي الواسع على مناطق واسعة في لبنان.
ونقلت «اللواء» عن مصادر موثوقة مطلعة على الزيارة، ان بارو لا يحمل اي مقترحات جديدة حول التهدئة في جبهة الجنوب ولبنان، التي كان يسعى اليها المجتمع الدولي في مجلس الامن، بعدما افشلها رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو وراوغ الجميع بالكلام عن انه مستعد للتفاوض، لكنه اقدم وبالتنسيق مع الاميركيين على توسيع نطاق الهجمات العنيفة على لبنان وصولا الى اغتيال السيد نصر لله، ما اوقف المبادرة الدولية والعربية وقطع اي مجال للتفاوض وبات من الصعب بعد النتائج الدموية للعدوان الاسرائيلي حصول اي تفاوض جديد.
واشارت المصادر الى ان نتنياهو والاميركيين اشاعوا اجواء تفاؤل بإمكانية حصول تقدم لكن النتيجة كانت ان التنسيق كان قائما بين نتياهو و«الدولة العميقة» في اميركا لتصعيد الصراع، وهو الامر الذي اساء الى مصداقية فرنسا والدول الاخرى التي ساندت المبادرة ومنها مصر والسعودية والامارات وقطر، وادى الى استياء فرنسي كبير مما جرى.
وكتبت" النهار": تزامنت المجازر الإسرائيلية مع تزايد التقارير عن احتمال بدء القوات الإسرائيلية باجتياح بري للأراضي اللبنانية، وسط تزايد الدعوات داخل إسرائيل لـ"التهاز الفرصة" بعد سلسلة الضربات الأمنية والعسكرية التي تعرّض لها "حزب الله"، وأبرزها اغتيال أمينه العام. ويعتقد قادة في الجيش الإسرائيلي أنه من الضروري مواصلة العملية العسكرية المتصاعدة في لبنان، ويرون أن ثمة "نافذة زمنية محدودة لتنفيذ اجتياح بري"، وفق تقرير لصحيفة "هآرتس". وأفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان" أن الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية عسكرية برية في لبنان، وقالت إن الولايات المتحدة تعارض بشدة وتطالب باتفاق. ووفق الهيئة إن القرار لم يتخذ بعد، وبحسب تقديرات الجيش أن معظم القدرات الصاروخية لـ"حزب الله" قد دمرت.
وألمح مسؤولان أميركيان إلى اجتياح بري إسرائيلي وشيك في لبنان، وقالا إن "عمليات صغيرة النطاق" أو "تحركات حدودية" داخل لبنان قد بدأت أو على وشك أن تبدأ، في محاولة لإبعاد مقاتلي "حزب الله" عن الحدود، وفق ما ذكرت شبكة "إي بي سي" الأميركية. وقال القائد السابق للدفاعات الجوية الإسرائيلية الجنرال في قوات الاحتياط دورون غابيش، في مقابلة إذاعية أمس إن خيار الاجتياح البري للبنان يجب أن يدرس بجدية من القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، وأشار إلى أنه "بالتأكيد خيار مهم، لا أستطيع القول إنه ضرورة، لكنني أعتقد أنه خيار يجب دراسته بعناية. السؤال هنا هو ما البديل؟ من الناحية العسكرية، لا شك في أن الاجتياح البري هو الخطوة التالية".
وكتبت" الاخبار": تعثرت، أخيراً، جهودٌ قادتها فرنسا لمنع غزو بريّ إسرائيلي نتيجة الدعم الأميركي الكامل لاسرائيل. فقد أحبطت واشنطن مساعي سعيٍ فرنسيّة - بريطانية لاصدار بيان عن مجلس الأمن يدعو إلى وقف النار في لبنان. وبرر الاميركيون موقفهم بان لدى اسرائيل مشكلة أمنية في لبنان، «من المشروع أن تتعامل معها». مضيفة «أنّه يجب انجاز اتفاق ديبلوماسي أكثر تعقيداً، يضمن أمن إسرائيل». علما ان واشنطن تعرف ان روسيا والصين ستعارضان اي قرار يراعي هواجس إسرائيل دون لبنان.وعكس وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، موقف بلاده بالقول إن ««لإسرائيل الحق المطلق بالتعامل مع المشكلة الأمنية على حدودها الشماليّة»، ملقياً بـ«اللوم الشديد على حزب الله، لاستمراره في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، منذ هجوم السابع من أكتوبر، وتسبّب بتهجير أكثر من سبعين ألف إسرائيلي من منازلهم».
لكن واشنطن تبدي استعداداً لدعم مسار جديد يؤدي الى قرار يشمل تدمير قدرات حزب الله العسكريّة بعيداً عن الخط الأزرق، بالتزامن مع انتشار واسع للجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، بالتنسيق الفاعل مع قوات اليونيفيل. مقابل ان يتوقف تحليق الطائرات الإسرائيلية والعمل على إطلاق مفاوضات جديدة حول ترسيم الحدود البرية، وانشاء آلية مراقبة للترتيبات الأمنية، على نسق الصيغة التي اعتمدت بعد تفاهم نيسان عام 1996، تضمّ، إلى كل من لبنان وإسرائيل، ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة.
وكان الفرنسيون عرضوا جدولاً زمنياً يتضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار لثلاثة أسابيع، لاتاحة المجال للبحث الدبلوماسي، على أن يسحب الحزب قواته شمال الليطاني خلال ثلاثة أيّام، قبل أن تنطلق المحادثات بشأن ترسيم الحدود خلال عشرة أيّام. لكن واشنطن ادخلت تعديلات على الخطة الفرنسيّة، واقترحت إضافة حوافز اقتصاديّة، لتمكين الدّولة اللبنانية والجيش من القيام بدور فاعل في لجم أعمال المقاومة، أقلّه في المنطقة التي تعتبرها إسرائيل بمثابة «نطاق عازل» لا غنى عنه، لتوفير الحماية لمستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
وطلبت واشنطن من الفرنسيين استخدام نفوذهم لضمان قبول لبنان، رسمياً، بالخطة، بما يشمل استخدام القناة الفرنسيّة المفتوحة مع حزب الله لتسهيل الأمور في هذا الاتجاه. وتعهدت واشنطن، من جهتها، بمخاطبة الطرف الإسرائيلي، وتأمين موافقته على الهدنة. وانعكس ذلك التفاهم على موقف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أعلن، بثقة، من على منبر الأمم المتحدة، أنّه «لا يمكن أن تكون هناك حرب في لبنان».
لكن، تبين بعد يومين على بدء الاتصالات، ان الجميع كان ضحية خدعة او فخ كبير. اذ سرعان ما تناهت الى مسامع الدبلوماسية العربية اخبار عن ان اسرائيل ليست في وارد القبول بأي حل، وانها تريد مواصلة الحرب على حزب الله. لتبيّن للجميع أن الولايات المتحدة كانت، في الواقع، تمنح إسرائيل غطاءً ومزيداً من الوقت، لتنفيذ عملياتها، بما في ذلك استهداف الأمين العام لحزب الله، الشهيد السيد حسن نصر الله.
وترافق ذلك، مع اعلان واشنطن تحشيد المزيد من القوات في الشرق الأوسط، في خطوة قال الاميركيون انها تهدف إلى ردع الإيرانيين عن التدخل في الحرب، وسط مؤشرات لدى الغربيين على أنّ العملية البرية للعدو باتت امرا محتوما. لكن واشنطن نشرت انباء عن اتصال بلينكن بوزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الذي وصل ليل امس الى بيروت لـ«دفع العملية السياسية في لبنان لتنفيذ القرار 1701».
اما وزير الدفاع الاميركي لويد اوستن فقد اكد لنظيره الإسرائيلي تصميم واشنطن على «منع إيران من استغلال الوضع بلبنان لتوسيع الصراع، وانها ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل» مبلغا اياه قراره استمرار بقاء حاملة الطائرات »أبراهام لينكولن» وقوتها الضاربة في شرق المتوسط.
تجدر الاشارة الى ان الإدارة الاميركية الحاليّة رحّبت على لسان رئيسها جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، بـ«نجاح» عمليّة اغتيال السيد نصر الله، متعهدَين مجدداً بحماية إسرائيل، التي استقبلت الاسبوع الماضي المزيد من الذخائر الاميركية التي تستخدمها في العدوان على لبنان. ويتوقع ان يستمر الصمت الاميركي الى حين الانتخابات الاميركية بعد نحو خمسة أسابيع على الاقل.
وكتبت" الديار": قال مصدر لبناني واسع الاطلاع أن «اسرائيل تتصرف وتطلق المواقف «العنترية»، لاعتبارها ان لا رادع امام تحقيق اهدافها، وفي الوقت الذي تجمع دول العالم، اقله علنا، على وجوب وقف اطلاق النار والبدء بمسار الحل الديبلوماسي»، لافتا الى ان «تل ابيب وكعادتها تضرب كل التفاهمات الدولية عرض الحائط، ما دامت لا تحقق مصالحها العليا، لذلك نستبعد ان نكون اقتربنا من نهاية النفق الذي دخلناه». واضاف المصدر:»من غير المستبعد على الاطلاق ان يواصل العدو حفلة جنونه فيقوم باجتياح لبنان.. لكنه عندئذ سيكون وقع حقيقة في المصيدة، ومعها وعندئذ تكون المقاومة استعادت زمام المبادرة».
وبحسب معلومات «الديار»، فان «باريس تدرك ان مساعيها السياسية قد لا تثمر وقفا قريبا لإطلاق النار، الا انها تعتبر ان الضغوط الدولية على نتنياهو لا بد منها، والا يتمادى اكثر بعد بجنونه... لذلك يأتي تحرك بارو الذي يسعى بشكل اساسي ايضا للاطلاع على حاجات لبنان الانسانية لمد يد المساعدة الفرنسية».
وأشار وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الى انه “تحدّث مع نظيره الفرنسي بشأن الوضع في لبنان واتفقا على ضرورة وقف إراقة الدماء”، لافتاً إلى أننا “اتفقنا على ضرورة تمكين الدعم الإنساني وإنجاز حل دبلوماسي ينهي الصراع”.
كما ناقش وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في اتصال مع وزير الخارجية الفرنسي أهمية جهود تجنب تصعيد الصراع في لبنان”، لافتاً الى أنهما “ناقشا دفع العملية السياسية في لبنان لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701”.