دخلت الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" ومناطق لبنانية واسعة أسبوعها الثاني اليوم، والسؤال الأشدّ الحاحاً هو إلى أين تمضي إسرائيل في تعميم المجازر في قلب المدن والبلدات والقرى جنوباً وبقاعاً وفي الضاحية الجنوبية؟
والسؤال الاهم يتصل مباشرة بمصير الهيكلية القيادية لـ"حزب الله" بعد استشهاد أمينه العام السيد حسن نصرالله مع عدد وافر من أكبر معاونيه وقادة الحزب.
أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رقماً عقب ترؤسه اجتماع لجنة الطوارئ الوزارية: "المقدر أن عدد النازحين من الممكن أن يصل إلى مليون شخص، ولا يمكننا أن ننسى الضغط الكبير الذي حصل من الجنوب والضاحية الجنوبية
البقاع خلال ساعات ضمن الإمكانات الموجودة، فإن الدولة تقوم بكل ما يلزم وهي مستنفرة بكل اجهزتها لتأمين هذا الأمر… ولكن العدد كبير جداً ويمكن أن يصل إلى حدود المليون نسمة أي أن هناك مليون شخص لبناني تحركوا من مكان إلى مكان آخر خلال أيام، في أكبر عملية نزوح في المنطقة ولبنان وفي التاريخ حتى".
أما عن المساعي الديبلوماسية التي يقوم بها، فقال: "لن نتقاعس لحظة عن متابعة الدور الدبلوماسي، ولا خيار لنا سوى الخيار الدبلوماسي. ومنذ بدء الأزمة قلنا بتطبيق القرار الرقم 1701. مهما طالت الحرب فسنعود بالنهاية إلى القرار 1701 فلنوفر الدماء وكل ما يحصل، ولنذهب إلى تطبيق الاتفاق. الجيش حاضر لهذا الموضوع ويجب أن نهيىء له المستلزمات اللازمة ليكون موجودا".
وقالت اوساط حكومية لـ"النهار" إن ما قصده ميقاتي بالدعوة إلى تطبيق القرار 1701 إنما عنى به البدء بوقف العدوان الإسرائيلي والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، انطلاقاً مما هو على الطاولة اليوم عبر المقترح الأميركي- الفرنسي الصادر عن البيت الأبيض، وذلك كمقدمة للدخول في وضع القرار الدولي حيز التنفيذ وفق ما ورد في مندرجاته. وأشارت إلى أن ميقاتي كان واضحاً عندما قال إن الجيش جاهز لتسلم مسؤولياته، كما جاء في القرار ولكن المطلوب تغطية حاجاته التمويلية التي تؤهله للقيام بدوره، مشيرة إلى أن الجيش موجود أساساً في الجنوب ولكن بقدرات محدودة جداً.
وكشفت الأوساط أن ميقاتي كان طرح هذا الموضوع خلال لقاءاته ومشاوراته في نيويورك، لافتة إلى أهمية استكمال البحث في هذا الموضوع لوضع الآلية التطبيقية للقرار الدولي.
وكتبت" الاخبار": دشّن العدو ليل امس مرحلة جديدة من العدوان، بإدخال العاصمة بيروت للمرة الأولى في دائرة الاستهداف بغارة على منطقة الكولا، مسنهدفاً اغتيال مقاومين يشاركون في جبهة اسناد غزة. فيما تشير الانباء الواردة من الكيان، ومن عواصم خارجية، إلى ان العدو يستعد لتوسيع دائرة الاعتداءات، وللقيام بعمليات برية في اكثر من منطقة لبنانية.
وفي وقت صارت الجبهة مع لبنان تحتلّ أولوية مطلقة على أي ملف آخر، بما فيها الحرب في غزة. برز ايضا توافق وتجانس بين المستويين الأمني والسياسي في الكيان، على ضرورة دخول القوات الإسرائيلية الى جنوب لبنان. كما تدعم المعارضة هذا الخيار، رغم وجود خلاف في الآراء حول العمق الجغرافي الذي ستتوغل إليه القوات الإسرائيلية، بين من يطالب بالوصول الى
نهر الليطاني، ومن يدعون الى توغل ضمن شريط حدودي ضيق يتيح «فرض الارادة السياسية على لبنان لإجبار قوات حزب الله على الانسحاب بعيداً عن خطوط التماس». وسربت مصادر اسرائيلية إن «الجيش يستعدّ لعملية برية محدودة في لبنان وسط ضغوط أميركية غير مسبوقة لمنع هذه الخطوة». ونقل عن مسؤولين أميركيين أن «واشنطن تخشى أن ياتي الغزو البرّي بنتائج عكسية».
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن مرحلة ما بعد اغتيال السيد حسن نصر لله لم تتكشَّف ملامحها بعد وكل ذلك في انتظار انتهاء المشهد الذي رافق هذا الاغتيال. ولفتت إلى أن ما من أحد في وارد الدخول منذ الآن في البحث في هذه المرحلة قبل انتهاء مراسم الوداع مع العلم أن تحليلات بدأت تصدر حول أهمية عدم سعي حزب لله إلى أية مواجهة ولاسيما الشاملة.
ولا يبدو حسب مواقف قيادة حزب لله بعد اغتيال السيد نصر لله ان هناك تغييرات مبدئية في توجهات الحزب، ولكن قد تفرض الوقائع السياسية والعسكرية الجديدة التعاطي مع الطروحات السياسية الجديدة تغييراً في تكتيك التعاطي معها وقد لا تشهد اي متغيرات، وذلك حسب ما سيطرحه الوسطاء العرب والدوليون وما يقبله او لا يقبله الكيان الاسرائيلي او الجانب الفلسطيني وبالتالي حزب لله.
لذلك تبدو المرحلة المقبلة ضبابية سياسياً ومعقدة وليست سهلة عسكرياً وتخضع للكثير من الاعتبارات لا سيما في الميدان، فستحاول اسرائيل كما قال نتنياهو «التفاوض تحت النار» وتصعيد الاعتداءات او مواصلتها ولو بوتيرة اقل، بهدف دفع الحزب الى تقديم تنازلات في الجنوب، اولاً على صعيد وقف حرب إسناد غزة، وثانياً على صعيد الترتيبات التي يمكن ان تتخذ في الحدود الجنوبية.
وفي كل الاحوال ما قبل استشهاد السيد حسن نصر لله سيكون غير ما بعده، لجهة تعاطي الحزب مع المستجدات حسب الوقائع اليومية وحسب الطروحات والتوجهات السياسية. وثمة من يربط تعيين القيادة الجديدة والتوجه الجديد للحزب، بما «تنصح» به ايران وبما يواكب المرحلة الاقليمية المقبلة وما يتخللها من مفاوضات حول وضع المنطقة ككل عدا الملف النووي، إنطلاقاً مما نُقل عن الحرس الثوري «بأن الاولوية هي الآن لتشكيل هيكل قيادي لحزب لله، وانشاء شبكة اتصالات آمنة». وما نقل عن رئيس الجمهورية
مسعود بزشكيان «بأن طهران لا يجب أن تنجرّ إلى حرب أوسع نطاقا في المنطقة»!
ويبقى المهم حسب الخبراء،ان يحمي حزب لله باقي اعضاء القيادتين السياسية والعسكرية بكشف الخرق الامني الخطير الذي تسبب بهذا العدد من الاغتيالات، وأن يغيّر من اساليب تنقل قياداته وامكنة اجتماعاتهم ويُغيّر غرف عملياته وربما يُغيّر بعض المسؤولين القدامى بمسؤولين جدد عقيدتهم ثابتة وتدريبهم حديث. ولعل أنفاق «عماد4» ومثيلاتها خير مكان لقيادة عمليات المقاومة ولقاءات قياداتها.
وبرغم حجم الضربة الصاعقة واغتيال مجموعة كبيرة من قادة حزب لله السياسيين والعسكريين والامنيين، فإن المرتقب من هذا التنظيم الحزبي ذي الهيكلية المنظمة تنظيما متيناً تجديد نفسه خلال فترة قريبة ولو تحت النار.