بوحدتنا نقف ونستمر ونصون لبنان
بوحدتنا نقف ونستمر ونصون لبنان

ناقوس في أحد - تعليق على الاحداث مع رشيد درباس - Sunday, September 29, 2024 10:01:00 AM

 
 
النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس
 
يوم الخميس الماضي زرت بمعيّة الرئيس فؤاد السنيورة ومعالي الدكتور خالد قباني، سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان للوقوف على رأيه وتبادل وجهات النظر في الكوارث التي تتتابع على الشعب اللبناني كل يوم وكل ساعة بل كل دقيقة. كانت لهجة الحزن طاغية على حديث سماحته، كما لمست طيّ كلماته نبرة وجل وترقب وتحسب، تُغني عن التصريح.
 
وأشار إلى أنّ ما يجري في الجنوب والبقاع والجبل من اعتداءات إسرائيلية متوالية يطاول لبنان كلّه، ويشرّد أهلنا في أنحاء البلاد بما يفيض عن الطاقة والاستعداد، منوّهاً في الوقت عينه بأريحية اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم. ولقد عرض الرئيس السنيورة على سماحته رؤية متكاملة، مشفوعة بمقارنة حصيفة مع تجربته في العام 2006 أيام كان رئيس حكومة المقاومة السياسية إبان العدوان الإسرائيلي الذي دمّر الجنوب والضاحية والبنى التحتية للدولة اللبنانية.
 
كذلك بيَّن الدكتور خالد قباني مخاطر رهان إسرائيل على الانقاسمات الداخلية، وكان هناك توافق على إطلاق نداء للإخوة العرب والدول الصديقة والمنظمات الدولية لإغاثة لبنان بالمساعدات العاجلة لاحتواء هذه الكارثة الإنسانية والوطنية. لكنني لم أتمالك نفسي في نهاية اللقاء من سؤال صاحب السماحة عن سرِّ قلقه فأجاب باقتضاب وبما معناه، أن الشعب اللبناني متمرّس باستيعاب الاعتداءات الصهيونية، وسلاحه بهذا كان دوماً الوحدة الوطنية، التي يجب الحفاظ عليها بأي ثمن، وتحمّل المكاره والمرارة، بصبر وشجاعة.
 
رويت لكم شيئاً من ذلك اللقاء، لأنتقل معكم إلى صعيد آخر أرى فيه مهلكة أشد فتكأ من قنابل العدو، ذلكم أن من يشاهد الحوارات السياسية على الشاشات، قد يظن أن الحرب دائرة بين اللبنانيين واللبنانيين، لا بين لبنان وإسرائيل. ولقد صعقت تماماً عندما سمعت أحد أبرز إعلاميي الممانعة يندد بالجيش اللبناني وبتاريخه المتخاذل على حد قوله، ويصفه بأنه جيش لحماية نظام الامتيازات، من غير أن يوفّر قائده فراح ينعته بنعوت مفترية، كأنما الغرض من ذلك ألا تكون للبنان حاضنة أمنية فتذهب البلاد إلى الفوضى التامة.
 
يضاف إلى ذلك الإسراف في استعمال عبارة "بيئة المقاومة" كنعتٍ يطلق على فئة من اللبنانيين، فيما الأمر الطبيعي أن يكون الشعب كلَّه بيئة حاضنة للمقاومة. وأكثر ما يمض في المقابلات التلفزيونية أن تلك التي تجمع شخصين مختلفين، يتبدد هواؤها تماماً لإختلاط الغضب بالغضب، والزعاق بالزعاق، فكأن المشاهد أمام مبارزة لا يسمع منها إلا صليل الألسنة وزئير الأوداج، وسُعَارَ الكراهية.
 
في هذه الظروف العصيبة، أرى من واجب أصحاب البرامج التلفزيونية البحث عن ضيوف يمتلكون شجاعة الرأي وأدبَ المخاطبة ومَلَكَةَ التبصر، حتى يكون للحوار جدوى ومنفعة، إذ من العار تماماً أن تتحول الشاشات إلى نوافذ يتشاتم فيها الجيران عن بعد، من غير أن يتمكن أحد من الإمساك بتلابيب الآخر.
 
ألا يحق للبنانيين من كبيرهم إلى صغيرهم، ومن نازحيهم إلى مضيفيهم أن يفهموا ويتفاهموا ويتشجعوا على تخطي المقولات المعلَّبة والجاهزة، طالما أن الممسكين بأزمتنا ليسوا سوى بشر مثلنا، لهم أسوةٌ بالرسول الكريم الذي اختار يوم بدر موضعاً لمعسكره، فسأله الحُبابُ بن المنذر: 
 
" يا رسول الله، أمنزلاً أنزلَكَهُ الله ليس لنا أن نتعداه ولا نَقْصُرَ "عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال النبي بل هو "الرأي والحرب والمكيدة". فأشار الحبابُ على النبي بتغيير "موضع معسكره ليحولوا بين جيش قريش وماء بدر".
ايها الاصدقاء.. إننا في هول عظيم. انهم يستهدفون الاحياء والشقق والغرف والعائلات والاطفال.
 
ورغم ذلك فإن هذه الكارثة لا تطال فئة ولا منطقة، بل هي كارثة على الشعب اللبناني برمّته ، بل على العروبة والانسانية.
إنها لحظة للحزن وللدعاء أن يشمل الله الشهداء برحمته وأن يلهمنا جميعًا التضافر والتضامن والمحبة. ففي وحدتنا نستطيع ان نقف ونستمر ونصون لبنان.
 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني