ناجي شربل وأحمد عزالدين_الانباء الكويتية
لم تكد الأمور تعود إلى مسارها الروتيني في الداخل اللبناني وعلى الجبهة الجنوبية مع إسرائيل، مع خفوت إيقاع الضربات الجوية الإسرائيلية، بعد تصعيد غير مسبوق، حتى نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي بواحدة من طراز F 35 غارة في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت قرب مجمع القائم، منطقة الجاموس على تخوم مدينة الحدت، بأربعة صواريخ.
وأشارت معلومات إلى استهداف القيادي في ««حزب الله» ابراهيم عقيل، والذي بات ترتيبه الرقم 2 في «الحزب» والمسؤول العسكري الأرفع بعد اغتيال المسؤول السابق فؤاد شكر في 30 يوليو الماضي.
ولابد أن الضربة الجوية وهي الثالثة للضاحية الجنوبية، بعد اغتيال القائد في حركة «حماس» الشيخ صالح العاروي ثم شكر، لابد ان تدفع بالأمور أكثر نحو التدحرج إلى الأسوأ في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله»، منذ إعلان فتح «جبة الإسناد» لغزة من جنوب لبنان.
وكان سعاة الخير كثفوا من جهودهم للملمة الأمور والجراح في الداخل اللبناني، خصوصا بعد الضربتين الإسرائيليتين الأشد فتكا في المواجهة مع «حزب الله» منذ قيامه في بداية ثمانينيات القرن الماضي، بتفجير أجهزة اللاسلكي.
ومع اشتداد الهجمات الإسرائيلية على قرى وبلدات المواجهة في جنوب لبنان والبقاع وكذلك بيروت، بتكثيف الغارات الجوية كما حصل أمس وقبله، إلا ان شمال إسرائيل ومناطق أخرى سيبقى في المقابل عرضة لضربات تصاعدية كما حصل في مستعمرة المطلة التي تحول ليلها نهارا بفعل الحرائق التي اندلعت فيها بعد استهدافها بصواريخ من الجهة اللبنانية.
وإذا كان واضحا ان إسرائيل قد نقلت ثقل عملياتها العسكرية من غزة إلى حدودها الشمالية مع لبنان، فإن الجانب اللبناني يمضي في المقابل في المواجهة انطلاقا من تضامن داخلي غير مسبوق أمام الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت عاملين غير عسكريين في «حزب الله» في 17 و18 سبتمبر، بما عرف بتفجير أجهزة اتصالات لاسلكية وغيرها.
وفي معلومات خاصة بـ «الأنباء» ان رئيس مجلس النواب نبيه بري دخل مباشرة على خط الدعوة إلى التعاطي بواقعية مع الأمور، وتفادي ردات الفعل التي لا تحقق الهدف المرجو، وتقدم عن غير قصد خدمة إلى إسرائيل.
وتمنى بري، بحسب معلومات خاصة، على الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الاستمرار بالتقيد بـ «قواعد الاشتباك» المعتمدة في الحرب مع إسرائيل.
وكان رئيس المجلس شدد على ضرورة عودة الحياة إلى طبيعتها في البلاد، مثمنا التضامن الكامل، ومتفهما «وجود متنفس للناس في مناطق بعيدة من العمليات العسكرية». ونقل عنه في مجلس خاص تقديره «لتبرع اللبنانيين بالدم من كافة المناطق». وثمن جهود القطاع الطبي «الذي نجح في التعامل مع أشد الأزمات في الحروب».
وبعد اتصالين برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباشرة إلى اللبنانيين، عبر مقطع ڤيديو وزعته السفارة الفرنسية، وقال: «أصدقائي اللبنانيين الأعزاء، مرة أخرى أتوجه إليكم مباشرة، أن بلدكم غال جدا على قلبي وعلى قلب الفرنسيين، ونظرا إلى تاريخنا المشترك، نقف في كل أزمة إلى جانبكم بأخوة وإخلاص».
وأضاف: «بعد يومين من انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، أتيت إلى لبنان لأعبر عن تضامن الشعب الفرنسي مع الشعب اللبناني. اليوم يعصف بلبنان، مرة أخرى، الحزن والخوف، الحزن على ضحايا مدنيين جراء التفجيرات هذا الأسبوع والخوف من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية».
وتابع: «بينما يواصل بلدكم التغلب على التحديات، لا يمكن للبنان أن يعيش في خوف من حرب وشيكة. وأقول لكم بكل وضوح، كما قلت لمسؤوليكم ولجميع الذين تواصلت معهم من الأطراف المؤثرة في الأزمة من إسرائيل إلى إيران، علينا أن نرفض هذه الكارثة، ونحافظ على لبنان»، معتبرا أن على «الزعماء السياسيين اللبنانيين أيضا العمل في هذا الاتجاه».
وأشار إلى ان «المسار الديبلوماسي قائم وملح وهذا هو المسار الذي تريده فرنسا للبنان».
وقال: «لا أحد لديه مصلحة في التصعيد. ويجب الحفاظ على وحدة لبنان وسيادته وأمنه، لا شيء، لا مغامرة إقليمية، ولا مصلحة خاصة، ولا ولاء لأي قضية مهما كانت، يستحق إثارة صراع في لبنان».
وأكد أن «فرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين». وقال: «أكثر من أي وقت مضى، تحتاجون في هذه اللحظة إلى رئيس يتولى قيادة البلاد في مواجهة التهديدات».
وختم: «أعلم أنه في حال الارتباك والحزن، يكون الأمل نادرا، وفي هذا الارتباك، وفي هذا الحزن، تقف فرنسا إلى جانبكم».
وفي التحركات بحث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان ليزا جونسون في السرايا أمس، في الوضع الراهن في لبنان والجلسة المقررة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة ملف التفجيرات التي حصلت في لبنان أخيرا. واستقبل ميقاتي كلا من سفيري اليابان ماسايوكي ماغوشي والمجر فيرنز تشيلاغ، وتم التشاور في موضوع التفجيرات، وطلب منهما المؤازرة والمساعدة التقنية في التحقيقات الذي يقوم بها الجيش في هذا الملف.
وفي اليوميات اللبنانية، ساد الذعر في بيروت عصر الخميس أثناء تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض تزامنا مع كلمة السيد نصرالله. وعلق عدد من الجامعات الخاصة الدروس لطلابها، وأوعزت اليهم بالمغادرة حرصا على سلامتهم.
وتوجه اللبنانيون من الساعات الأولى لبعد ظهر أمس لقضاء عطلة نهاية الأسبوع كل في منطقته بعيدا من العاصمة، وإن كان الإقبال أكثر ناحية الشمال البعيد عن مسرح العمليات العسكرية السائدة جنوبا وفي قسم من البقاع الغربي.
ولم تشهد متاجر المواد الغذائية ومحطات الوقود والأفران ضغطا، ذلك ان انتصار القطاع الطبي في مواجهة الأزمة غير المسبوقة، باحتضان آلاف الجرحى وإخضاعهم لعمليات دقيقة، عززت الثقة لدى المواطنين بالتعاطي مع الأزمات، وصولا إلى التغلب عليها وتخطيها.
ويأمل اللبنانيون حصول انفراج على طريقة «اشتدي أزمة تنفرجي»، مع التعويل على «يوم تالي» يحمل انفراجات تؤسس لرخاء طال انتظاره.
ميدانيا، استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي بغارتين بلدة كفركلا في مرجعيون، وكذلك بلدات ميس الجبل وأطراف العديسة - كفركلا والطيبة في القضاء عينه. كما أغار على بلدة يارون في قضاء بنت جبيل. فيما تعرضت أطراف بلدات يارون، بيت ليف، وحانين لقصف مدفعي.