لغة الآه وأخواتها
لغة الآه وأخواتها

ناقوس في أحد - تعليق على الاحداث مع رشيد درباس - Sunday, September 1, 2024 8:01:00 PM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس

أبدأ بتحية الإعلامي الصديق شادي معلوف الذي سد فجوة الأحد الماضي، بإذاعة حلقة سابقة خففت طرافتها من آثار الوعكة التي حالت دوني والقيام بالواجب الأسبوعي.

الحمد لله على أن الأمور عادت إلى طبيعتها، فشكراً للدكتور رشيد والدكتورغالب وإدارة مستشفى هيكل وللصديق ريتشي ولكفاءة جهاز التمريض.

وبالمناسبة، أذكرُ أن الأديب المصري الكبير الراحل الدكتور يوسف إدريس، كتب مجموعة قصصية في ستينيات القرن الماضي أسماها: "لغة الأي آي" فأثار العنوان فضولي، فاكتشفت بعد القراءة، أن الدكتور يوسف الذي كان طبيباً في إحدى المستشفيات قد خصص مؤلفه ذلك للحديث عن تجربته مع مرضاه الذين كانوا يخاطبونه غالباً بلغة الآي أي، أي لغة التألم، وهي أقوى من لغة الأنين.

يبذل الأطباء عناياتهم، ويصفون العقاقير والمهدئات، لكنَّ للجسد لغته الخاصة التي يبقى على المرءِ أن يستمع إليها جيداً، ويستجيب لما تمليه عليه من أوامر (كما قال لي محمد المشنوق). ورغم ذلك، فما يكاد المريضُ يُبِلُّ من دائه حتى يعود إلى معاناة الداء العميم الذي وحد اللبنانيين على لغة الآه وأخواتِها: فآهٍ من لصوص المصارف، وآخٍ من تعطيل المؤسسات الدستورية، وأَوْهِ من انقطاع الماء، وأوّاهُ من انقطاع الأمل من فئات تمسك زمام الأمور، وهي عقيمة الفكر والروح والأخلاق والتدبير.

وبأي لغة من هذه اللغات، سيتوجه اللبنانيون إلى رئيس كهرباء لبنان، الذي سئم  من إدارته للعتمة والظلام، فراح يستمتع بإجازته الطويلة في اليخوت، بعد أن أقفل هاتفه، وقد فاته سهواً أن يوقع الاعتمادات اللازمة لشراء المحروقات اللازمة لمعامل الكهرباء.

كل شيء يتهتك فمجلس القضاء الأعلى على وشك انتهاء ولايته، رئاسة الأركان تبحث عن توقيع، واستحقاق قيادة الجيش، أي صمام ما تبقى من أمان، عرضة للتجاذبات والعنعنات، والجنوب ينتظر غزة، والغزة في يد نتنياهو الذي يريد إطالة الحرب إلى أبعد مدى، فيما المجتمع الدولي يجتمع بلا طائل، والرئيس الأميركي يخرج من مبادرة كاذبة ليدخل في مبادرة أكذب، فالأساطيل أصدق إنباء من المبادرات، وهي في هذه المرة تأخذ وضعية الاشتباك المباشر فيما لو تعرضت إسرائيل لأي خطر...

ليست إيران في وارد الحرب المباشرة، وسوريا ليست كذلك، ومصر لها دور آخر، أما لبنان فإنه بأمس الحاجة لاستعادة وحدته الوطنية، وللمصارحة الخالية من الشعارات والتوريات والحذلقات، فعلينا الرجوع إلى لغتنا الأصلية وهي عربية قحة، قيمتها تتمثل ببلوغ المعاني بأقصر العبارات، وقد قالت العرب إن البلاغة تعني إجاعة المبنى وإشباع المعنى.

وهل من معنى مشبع بالدلالات، أصدقُ مما قاله لي بالأمس الدكتور غسان سلامة، أن لبنان يسير قدماً نحو القائمة الرمادية، وهذا يعني بحد ذاته فوضى معيشية واقتصادية وتضخماً، وقلاقل واضطراب حبل أمن.؟

ما زال الحاكم الرصين وسيم منصوري يحاول، ولكن السياسيين في شغل فاكهون، وبعضهم يبشرنا بنصر معجل، أو مؤجل، وآخرون يتنصلون من النصر مؤجلاً ومعجلاً، في حين المطلوب واحد، هو استعادة الدولة واعتراف الأطراف بشجاعة أن حساب البيادر خان حسابات حقولهم.

آن لنا أن نهجر لغة الآي أي، ولغة أواه ما حيلتي.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني