في خطاب وصف بالهادئ، خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم أمس ليفنّد العمليات الـ11 التي أطلقت باتجاه إسرائيل في إطار الرد على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القائد البارز في حزب الله فؤاد شكر، وللإعلان عن الهدف المركزي لهذه العمليات.
وفي ضوء الحديث عن الرّد وانعكاساته على مجريات المواجهة في الميدان، فَصَل الأمين العام للحزب رده عن رد باقي ساحات المحور أو ما عُرف مؤخرًا بجبهات المساندة، فيما فرضية الهجوم من اليمن والعراق ولبنان وإيران بالتزامن وفي آن واحد كانت لا تزال قيد التداول إلى أن قطع نصر الله دابر التقديرات والتوقعات وانفرد بالهجوم.
مقر الوحدة 8200 في معسكرات غليليوت في رمات هشارون، والتي تبعد حوالي كيلومتر ونصف عن حدود مدينة تل أبيب، هي الهدف الرئيس بين الأهداف الفرعية الأخرى، فماذا نعرف عن هذا المقر؟ وما أهمية استهدافه؟
الوحدة 8200 ومقرها
تقع القاعدة الأم للوحدة 8200 في معسكرات غليليوت في رمات هشارون، وهي قاعدة مغلقة وتعد أكبر قاعدة تنصّت، وتمتاز بنظام خاص بها من حيث القوانين التي تحكمها والهيكلية العسكرية الهرمية التي تعتمدها.
أما الوحدة 8200، فتعتبر العامود الفقري والشبكة العصبية لمجتمع الاستخبارات الإسرائيلي بأكمله والوحدة الاستخباراتية التقنية الأهم في العالم، وتمثل بالنسبة للجيش الوحدة المركزية للجمع الاستخباراتي وإحدى أكبر وحداته النخبوية. يتركز نطاق عملها في المجال السيبراني، وهي المسؤولة عن التجسس الإلكتروني، وقيادة الحرب الإلكترونية.
قائد الوحدة
في نيسان 2024، سقط قائد الوحدة 8200 في هفوة معلوماتية تسببت بفضح هويته السريّة، بعد قيامه بنشر كتاب باسم سرّي عن "دمج العمليات الاستخباراتية والحربية بالـ AI" (أو الذكاء الاصطناعي) على موقع أمازون وربط الاسم بموقعه الالكتروني ومعلوماته الشخصية، ليتبين أنه المقدم يوسي ساريئيل.
نبذة تاريخية
نواة الوحدة تأسست خلال الانتداب البريطاني لفلسطين في ثلاثينيات القرن العشرين، وانخرطت كوحدة في الجيش الإسرائيلي عام 1948. سُميت في البداية باسم "وحدة التحصيل المركزية"، وفي 22 تموز من العام عينه، أطلق عليها اسم "شين ميم 2"، وتم تحديد دور الوحدة بـ"الحصول على معلومات عن العدو في كافة أراضيه من خلال الاستماع إلى بثه ومحادثاته وفك شيفراته"، ثم أعيد تسميتها بالوحدة 515 ولاحقاً الوحدة 848، لتثبت التسمية عند الوحدة 8200 بعد "حرب أكتوبر" في 1973.
أبواب تل أبيب فُتِحَت
في سياق الحديث عن المقر الاستخباري المستهدف أمس، قال الكاتب والباحث في الشؤون الاستراتيجية الدكتور علي حمية في حديث لـVDLnews، إن "السيد حسن نصر الله فنّد في خطابه ما جرى، حيث شرح عن التأخر بالرد ومن ثم عن الميدان وضوابط الرّد والسلاح المستخدم والتوقيت ولافتًا إلى تسمية العملية بـ"يوم الأربعين" ومن ثم أتى على سردية العدو الإسرائيلي وإظهار الكذب والنفاق تجاه ما كان يجري، ليصل للحديث عن شجاعة المقاومة اليوم في ظل وجود كل الأساطيل الغربية والحشود الإسرائيلية".
وتابع: "بالمناسبة، حزب الله لا يضرب البنى التحتية ولا المدنيين، إنما العدو هو من يقوم بذلك ونحن بواقع المتغيرات حاليًا، لأننا نحارب من أجل تغيير المصير والواقع، فنحن على أرضنا وبالتالي إذا خسرنا نحن باقون وإذا ربحنا فنحن ذاهبون إلى التحرير، بينما العدو الإسرائيلي إذا ربح فإنه سيصمد وإن خسر فسيكون زواله ولا سبيل له في البقاء".
من ناحية أخرى، أشار الدكتور حمية إلى أن "الرد على اغتيال القائد فؤاد شكر والاعتداء على الضاحية، قابله رد من حزب الله باستهداف منطقة غليلوت وبضرب وحدة 8200 (شعبة أمان - سييرت متكال) في تل أبيب، وبالتالي فالرد كان وفقًا لمعادلة عاصمة مقابل عاصمة ورمز مقابل رمز".
وبحسب الكاتب والباحث الاستراتيجي فـ"حزب الله أطلق 340 صاروخًا وعشرات المسيّرات التي دكّت الحصون في الشمال وفي تل أبيب العاصمة، ومع ذلك، استخدم العدو كامل قدراته الجوية ولم يستطع القيام بشيء يذكر، فهذه القدرات الكبيرة التي تمثلت بمائة طيارة وتنفيذ أكثر من 40 غارة، تدل على جحم التكاليف، والتي يتكلم عنها الإسرائيلي بلسانه حيث ذكر أنها فاقت ملايين الدولارات، الا أنه لم يحقق شيئًا سوى استهداف منصات لا تتجاوز تكلفتها الـ100 ألف دولار".
ورأى حمية أن "أبواب تل أبيب قد فُتحت حاليًا وأصبحت مركز الهدف للمقاومة، الأمس من لبنان اليوم من غزة وفي القريب العاجل من اليمن وبعدها من العراق ومن ثم إذا لم يرتدع العدو الإسرائيلي وانسحب من غزة فالرد الإيراني قادم عسكريًا وأمنيًا إلّا إذا نجحت المفاوضات، عندها يأتي الرد الإيراني أيضًا وفق معادلة عاصمة مقابل عاصمة ورمز مقابل رمز".