الانباء الكويتية
الصاروخ «المجهول» على قرية مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، وضع لبنان على حافة الحرب الشاملة وحبس الأنفاس لساعات طويلة، قبل ان تنجح الاتصالات في إبعاد شبح الحرب الشاملة، دون ان تلغيها من خلال المعلومات الإسرائيلية بالاكتفاء بتوجيه ضربات قوية لـ ««حزب الله».
وأدى الصاروخ الذي سقط في ملعب لكرة القدم في البلدة السورية المحتلة، إلى مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 20. وسارعت إسرائيل إلى اتهام «حزب الله» والقول ان الصاروخ أطلق من شمال بلدة شبعا القريبة من الجولان المحتل، وانه من طراز «فلق -1» الإيراني الصنع والمملوك لـ «حزب الله»، وان وزن رأسه الحربي يصل إلى 53 كيلوغراما، وأن من أطلقه هو قائد المنطقة في «الحزب» علي محمد يحيى.
وترقب اللبنانيون ساعات الليل التي تلت التهديدات الإسرائيلية، ومضت ثقيلة عليهم لجهة المتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي لتسقط أخبار عن ردود فعل إسرائيلية محتملة، بعد كلام عالي النبرة من الضفة الثانية من الحدود، لمسؤولين إسرائيليين، في طليعتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ثم رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وتوجيههما توعدا لـ «حزب الله» بدفع الثمن، محملينه مسؤولية إطلاق الصاروخ.
من جانبه، نفى «حزب الله» أي علاقة له بالأمر وأصدر بيانا باللغتين العربية والإنجليزية، وهي المرة الأولى التي يلجأ إلى مثل هذا الأسلوب. وأبلغ الأمم المتحدة بعدم علاقته بالأمر، مؤكدا في الوقت عينه انه في حال توجهت إسرائيل إلى مغامرة فسيكون هناك رد مزلزل.
وكانت مناطق عدة في الجنوب شهدت نزوحا خفيفا لبعض الأهالي الذين يملكون بيوتا أخرى في العاصمة بيروت ومحيطها. في حين اتخذ «حزب الله» إجراءات ميدانية في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث نقطة الثقل لتواجده. وأمكن ملاحظة إخلاء بعض المراكز التي يصفها عدد من المراقبين بالنقاط العسكرية، إلى انتشار أفراد في نقاط معينة على مفاصل الطرق ومفارقها.
وعلمت «الأنباء» ان مجموعات مكلفة تولي شؤون عملية على الأرض في الضاحية في حال تطور الأمور وضعت في جاهزية، إلا ان أفرادها بقوا في منازلهم في المنطقة من دون التحاقهم بمراكز الخدمة.
وصحا السكان صباح أمس في ضاحية بيروت الجنوبية على حركة عادية روتينية، ولم تسجل تحركات باتجاه الأفران ومحطات الوقود ومتاجر المواد الغذائية. لا بل انشغل الناس في تلك البقعة بعادة إطلاق المفرقعات والأعيرة النارية ابتهاجا بنجاح أولادهم في شهادة الثانوية العامة اللبنانية، والتي صدرت نتائجها بعد منتصف ليل السبت - الأحد، برسائل نصية وصلت إلى الهواتف الخليوية لأهالي التلامذة.
وكانت الحركة عادية في مناطق أخرى باتجاه المنتجعات البحرية والجبال. وجاء جواب موحد على سؤال لـ «الأنباء» لعدد من إدارات المطاعم عن حجوزات يوم الأحد (يوم العطلة الرسمية في لبنان): «كاملة».
وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها من توسع الحرب وعملت على خط التهدئة، ودعت إلى امتصاص التصعيد بإجراء الاتصالات مع مختلف الأطراف. وصدر بيان مشترك عن المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، ورئيس بعثة «اليونيفيل» الجنرال ارولدو لاتارو، استنكرا فيه ما حصل، وحثا الأطراف «على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووضع حد للتبادل المكثف لإطلاق النار الذي يشعل المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها».
ونفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات على البلدات الجنوبية، كان أعنفها على منطقه الأبراج في بلدة البرج الشمالي قرب صور حيث كانت غارة مدمرة.
في المواقف الداخلية، تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالا من بلاسخارت. وأكد ان «لبنان الذي تتعرض قراه الجنوبية منذ أكتوبر الماضي للعدوان بكل الأسلحة المحرمة، وعلى الرغم من هذه الانتهاكات الصريحة للقرار 1701، فهو ملتزم بهذا القرار». وقال أنه لا علاقة للبنان بالقصف.
وبعيدا عن آثار تداعيات «صاروخ مجدل شمس»، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد الأسبوعية من المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان بشمال لبنان، «كم نتمنى لو أن السياسيين المعرقلين انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنة و8 أشهر، عادوا إلى أعماق نفوسهم وأصغوا إلى صوت ضميرهم، لأدركوا خطأهم الجسيم وتابوا عنه، واتخذوا قرارا تاريخيا حرا، ولأنقذوا أنفسهم والبلد».
ودعا «السياسيين واحدا واحدا إلى تحمل مسؤولية خراب البلد بمؤسساته الدستورية وبالميثاق وبحالة الاقتصاد المنهار وبازدياد هجرة الشباب، إلى اتخاذ قرار شجاع، مدركين خطأهم الكبير بحق الشعب الذي ائتمنهم على السلطة لتأمين الخير العام».
في حين يغادر إلى مدينة جدة السعودية صباح اليوم، مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتو المناطق اللبنانية، تلبية لدعوة رسمية. ومن المتوقع بحسب معلومات لـ «الأنباء» ان يلتقي المفتي دريان والوفد المرافق كبار المسؤولين السعوديين، للبحث في الشأن الإسلامي خاصة واللبناني بصورة عامة، في ظل الظروف التي يمر بها لبنان.
رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع قال في عشاء حزبي ان «محور الممانعة والتيار الوطني الحر سرطان يضرب البلاد»، مشددا على أن «وجودهما يعوق أي أمل في تحقيق الخير للبنان، وعلى أن جهودنا كلها تنصب اليوم على محاولة كف شرهما عن الدولة لتحقيق وجود دولة فعلية في لبنان».