مشهدية نازية تدعو للرثاء!
مشهدية نازية تدعو للرثاء!

ناقوس في أحد - تعليق على الاحداث مع رشيد درباس - Sunday, July 28, 2024 2:52:00 PM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس

في السادس من حزيران الماضي التقى قادة العالم في "النورماندي" إحياء لذكرى الانتصارعلى النازية المتوحشة التي أنزلت بالبشر أكبر البلاء في التاريخ. وقف الرئيس الأميركي جو بايدن إلى جانب الرئيس ماكرون وِقفةَ من يريد تذكير العالم بأنه كان فيما مضى رجال من قامة ديغول وروزفلت، فما أظنهما أفلحا لأن فرحة الاحتفال كانت تعكرها صرخات الموت الفلسطيني ومشاهد قطاع غزة وقد أصبح قطعاً مدمرة متناثرة، ورؤية مليوني إنسان يتقون القذائف بافتداء بعضهم بعضًا وآباءٍ يدفنون أبناءهم، وأبناءٍ يحتمون بقبور آباءهم وأمهاتهم، فيما الحياة تقاوم القتل بالأمل الأعزل والإرداة المجردة من الحلفاء؛ لكن هذا كله لم يُنقصِ الارتياحَ الكبير الذي عم العالم بعد الخلاص من النازية العنصرية المتوحشة.

ولست أدري من الذي اقترح على السيد جونسون رئيس مجلس النواب الأميركي، بأن يشوه أكثر تلك الاحتفالاتِ المصبوغةَ بالدم الفلسطيني بدعوة بنيامين نتنياهو، ليلقي كلمته العصماء أمام الكونغرس الأميركي في مشهدية تدعو للرثاء لأعلى هيئة تمثيلية في أكبر دول العالم، وقد اصطف أعضاؤها في نظام مرصوص يشخصون بأنظارهم وأسماعهم ثم بأكفهم وأرجلهم، إلى نازي بن نازي بن نازي، فالعنصرية داء لا جنسية له، وكأنه سيد القطيع، حيث امتثلوا على مدى خمس وخمسين دقيقة إلى إشاراته وقوفاً، تصفيقاً جلوساً ثم وقوفاً تصفيقاً جلوساً ثلاثين مرة، وبعد أن ألقى عليهم خطبته المنحولة من الأفلام الأميركية القديمة حيث كان يتباهى الفرسان بالعودة من غزواتهم المظفرة وكل يحمل مشكاكاً مليئًا بفروات رؤوس الهنود الحمر، أي السكان الأصليين. قال نتنياهو للأمة الأميركية: أنا لا أقل عنكم براعة بحروب الإبادة، فلا تأبهوا للقتلى، فهم ليسوا من المدنيين، وكأنه يقول ضمناً، بل هم مجموعة من الأباتشي والشيروكي وإيننداهو وموهاك، الذين قضيتم عليهم أنتم ثم صرتم تطلقون أسماءهم على سياراتكم ومخترعاتكم.

قال نتنياهو وسط التصفيق الحار: إن كل فلسطيني ليس مدنياً بل مشروع إرهابي قبل ولادته، ألا قدس الله سر الأراغون والشتيرن وفندق الملك داود واللد والرملة... وقال لا فض فوه إن اسرائيل هي حامية الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق، وإنها لا يستغنى عنها، ولهذا جاء يطالب بإطلاق اليد وإرسال الأسلحة. وإذ أنكر وجود ضحايا مدنيين فاقوا الخمسين ألفًا، تبجح بأنه لا يُجوع أهالي القطاع بل حماس هي التي تسرق المساعدات.

في المقابل استنسبت كامالا هاريس عدم ترؤس الجلسة وكذلك فعلت نائبتها، فاستهجن السيد جونسون رئيس مجلس النواب الأمر وترأس وكأنه المرؤوس، أما نانسي بيلوسي فقالت عنه إنه أسوأ رجل يلقي كلمته في الكونغرس وقاطعت الجلسة، كما فعل أيضاً ريكي ساندرز السناتور المحترم وصرح بأن الكونغرس ليس مكاناً لاستقبال القتلة، وأن نتنياهو ليس مجرم حرب وحسب وإنما كاذب كبير، وكذلك النائبة عن ولاية إلينوي، كما قاطع تلك الحضرة غير المشرفة أربعون من الممثلين ذوي الكرامة، أبرزهم السناتور كوري بوكر الذي وصف المجرم بما يستحق، وزعيم المعارضة الإسرائيلية وصف الخطاب بأنه ساعة من الثرثرة خلت من الجملة المفيدة المطلوبة ولقد كان الأجدر به أن يبقى في بيته بعد أن أفشل التسوية، فيما كان نتنياهو يقوم بدعاية فظة وانتهازية لترامب، مراهناً على فوزه لكي يحصل منه على الكرت الأبيض، اتهم نتنياهو الجموع المحتشدة خارج مبنى الكابيتول بأنها معادية للسامية، ولكن ما نغص نشوته طوال وقوفه منظر تلك النائبة التي اتخذت مكانًا وسطاً لا تستطيع أن تشيح عنه الكاميرات، كما أشاحت عن تصوير المقاعد الشاغرة، وربطت عنقها بكوفية فلسطينية وأمسكت يافطة من كلمتين (Wanted- Killer ) أي قاتل ومطلوب.

إن مساء الاربعاء الواقع في الرابع والعشرين من تموز، كان يوم عار على الدولة العظمى.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني