البلاء .. بالكهرباء!
البلاء .. بالكهرباء!

رأي منير- تعليق على الأحداث مع منير الحافي - Thursday, July 11, 2024 2:41:00 PM

الإعلامي منير الحافي

لمتابعة الكاتب:

mounirhafi@

X, Facebook, Instagram

إبتلى لبنان واللبنانيون، أقلّه منذ اندلاع الحرب الأهلية الملعونة بكثير من المصائب والأشخاص، لا مجال لحصرها لكثرتها! من الحرب نفسها، وارتداداتها على صعيد تكوين الدولة، والاقتصاد المنهار، والمصارف التي نهبت المودعين، والفساد الذي أغنى أشخاصاً على حساب الدولة والمواطنين. القائمة طويلة جداً. لكن في هذا المقام، سأتحدث بما أتيح لي من وقت، عن معضلة الكهرباء. 

يَذكر الذين عاشوا في أيام القصف والقصف المضاد أيام حرب السنتين، أوقاتاً سيئة قضوها على ضوء الشموع وقناديل الكاز وما يسمّى «اللوكس». وهو قنديل يعمل على الغاز أو خلافه من سوائل الاحتراق، ليضيء لنا الليالي سواء في جلسات البيوت أو الملاجىء التي اعتقدنا أنها تحمينا من القصف العشوائي.  ظلت هذه النعمة التي اسمها كهرباء مفقودة، طويلاً. حتى مع استراحة المتحاربين - وهم كثر - سواء في ما كان يسمّى «غربية» أو «شرقية»، كان عمّال شركة الكهرباء يعملون بقدر إمكاناتهم، على إصلاح خطوط التوتر العالي والخطوط الداخلية. في كل معركة بين المتحاربين كان يموت الناس.. وتموت الكهرباء. مات اللبنانيون، ومات كل شيء عندهم. 

بعد اتفاق الطائف في العام ١٩٨٩، وانتهاء الحرب، سعى الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى حلّ أزمة الكهرباء. وقام الحريري بتكليف شاب نشيط اسمه مهيب عيتاني، الذي أعاد الكهرباء بخطة محكمة في العام ١٩٩٦، ٢٤ ساعة على ٢٤، على الرغم من العدوان الإسرائيلي يومها، وبمساعدة تقنية من فرنسا. عادت حليمة إلى عادتها القديمة. ما لبثت الأضرار أن أصابت الشبكات المهترئة، ودخلت سياسة المناطق وأصحاب النفوذ ولم يستطع الحريري نفض هذا القطاع برمته وتحويله إلى قطاع منتج بسبب العراقيل التي وضعها أمامه المتضررون من قيام الدولة. كل الوزراء الذين تولّوا قطاع الطاقة منذ الطائف حتى الآن لم يسعوا إلى تخليص هذا القطاع الحيوي بشكل علمي دقيق وقد يكون البعض حاول ففشل أو عُرقل. في النتيجة: الكهرباء اليوم: صفر. مفارقة المفارقات الحملة التي قادها وزير الطاقة «السوبرمان» جبران باسيل حين أنتج إعلانات تقول إن لبنان راجع يضوي ٢٤ على ٢٤. كان ذلك في العام ٢٠١١ وبقي في الطاقة حتى العام ٢٠١٤. لم تتقدم الكهرباء، بل تراجعت. وأكمل بعده وزراء مقربون منه: آرتور نزاريان، سيزار أبي خليل، ندى بستاني، ريمون غجر، وآخرهم وليد فياض. كل هؤلاء لم يقدّموا للمواطنين الكهرباء. الكهرباء تطوّر مستمر. لم يفعل أحدٌ ذلك. بقي الموضوع حتى اليوم: الحقّ على بيي.. لا الحق على بيّك! بين الطاقة والمالية، وبين الطاقة ومصرف لبنان.. حتى طالت الاشتباكات رئاسة الحكومة.

معيب أمر الوزراء غير النافعين، ومبكي حالُكم يا لبنانيين الذين تنتخبون نفس الأشخاص الذين لا يريدون الإصلاح ولا الصلاح في لبنان بل يهمهم مصالحهم الخاصة. ألا يوجد في لبنان متخصصون فعليون، نظيفو الكفّ؟! نتغنى بالمنقوشة وصحن الحمّص والتبولة، بين الأمم. ألا يوجد إنسان واحد يمكن أن نتغنى به بين الوزراء والنواب والمسؤولين؟! في لبنان المقيم والمغترب الذي يضاهي عدد سكانه أضعاف عدد المقيمين في لبنان، ألا يوجد أشخاص يمكن أن يكونوا مسؤولين في هذا البلد لنهضته من كبوته المريرة؟ ألا يوجد مهندس كهرباء، نظيف الكف، يستطيع أن يأتي إلى وزارة الطاقة لإنقاذ القطاع وإنقاذ العباد من غطرسة التبعيات المالية والحزبية والمناطقية؟ أعلم أن الوزير لوحده لا يملك مفاتيح الحل. الأمر ينطبق على قطاع الكهرباء وغيره. مطلوب «نفضة» في كل القطاعات يأتي إليها المتخصص، الكفء، الوطني، الذي يخاف على بلده وأهله. بتعاون الجميع يمكن أن نصل إلى بلد.

التاريخ يكشف المتخاذل. كشَفَ كل الوزراء والمسؤولين غير المنتجين. نصيحتي إلى الوزراء المستلقين اليوم على جنوبهم وظهورهم عند شاطئ البحر: لا تناموا قريري العين.. فاللبنانيون غير قادرين على النوم بسبب الحرّ، وفقدان الكهرباء! وتذكروا أن التاريخ لا يرحم.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني