العربية
منذ بدء حرب أوكرانيا قبل نحو أكثر من عامين فرضت الدول الغربية عقوبات قاسية على روسيا لحرمانها من السلع والتكنولوجيا الغربية وإجبارها على الانسحاب وإلغاء عمليتها العسكرية.
إلا أن هذه العقوبات على ما يبدو لم تكن فعّالة كما أراد الغرب بل تخللتها ثغرات وطرق سرية زودت موسكو بما تحتاجه من سلع وتقنيات لتطوير صناعاتها وسد احتياجاتها.
فقد استهدفت العقوبات الدولية كل شيء بدءاً من الشؤون المالية للأفراد وحتى الصناعات الرئيسية، وهدفت إلى عزل المستهلكين الروس، مع وقف العلامات التجارية الكبرى عملياتها في البلاد مثل "أبل" و"ماكدونالدز".
ولكن بعد مرور عامين، أظهر الاقتصاد الروسي مرونة مدهشة، ومن المتوقع أن ينمو بسرعة أكبر من أغلب الاقتصادات المتقدمة في العالم، على رغم أن الخبراء يقولون إنه غير مستدام على المدى الطويل، وفق تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية.
"ثغرة في العقوبات"
ورغم العقوبات، كشف الباحثون أن البيانات الداخلية الصادرة عن وكالة الجمارك الروسية أظهرت أن الواردات إلى روسيا تنتعش لتقترب من مستويات ما قبل الحرب، على رغم الأسعار المرتفعة.
كما ساعدت هذه الواردات في دعم الصناعات الضعيفة، مثل الطيران وصناعة السيارات.
وأشار المراقبون إلى هذا على أنه "ثغرة في العقوبات" حيث يمكن نقل أي شيء بدءاً من أشباه الموصلات إلى أجزاء الطائرات إلى أجهزة "آيفون" وإعادة تصديره إلى روسيا من خلال شركات في الصين أو تركيا أو عبر أرمينيا وكازاخستان وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
منتجات تقنية
فيما تشمل هذه السلع عناصر تخضع لتدقيق شديد مثل الرقائق الدقيقة المستخدمة في المجهود الحربي الروسي من بينها تلك التي يصنعها المنتجون الأميركيون مثل Xilinx وTexas Instruments، أو المعالجات من شركة Intel.
كما أظهرت البيانات أن هذه التكنولوجيا غالباً ما تشتريها شركات في هونغ كونغ أو الصين ثم يُعاد تصديرها إلى روسيا.
في موازاة ذلك كشفت الدراسات أن الجيش الروسي استغل هذه الثغرات للحصول على التكنولوجيا العسكرية الغربية المهمة.
ووفقاً لتقرير صادر عن مركز أبحاث الدفاع التابع للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، تم اكتشاف أكثر من 450 مكوناً أجنبي الصنع في الأسلحة الروسية الموجودة في أوكرانيا.
بيع الناقلات اليونانية
في الأثناء استمرار الواردات إلى روسيا والحفاظ على الاقتصاد الأوسع سيكون مستحيلاً دون الإيرادات الكبيرة المتولدة من موارد الطاقة لديها وهنا اعتمدت موسكو أيضاً على جهات خارجية راغبة في تحدي تحالف العقوبات الغربي.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، فرضت المملكة المتحدة، إلى جانب دول مجموعة السبع وأستراليا والاتحاد الأوروبي، حداً أقصى لسعر البرميل قدره 60 دولاراً لمنع الشركات الغربية من نقل أو صيانة أو التوسط في شحنات النفط الخام الروسي من أجل تقويض تجارة النفط الروسي، والتي تعتمد بشكل كبير على الناقلات المملوكة للغرب والمؤمن عليها.
"الأسطول المظلم"
لكن من أجل شحن النفط الخام إلى الخارج وكسب العملات الأجنبية التي تحتاجها بشدة، لجأت روسيا إلى "الأسطول المظلم" من الناقلات القديمة ذات الملكية الغامضة.
وتدخّل أقطاب الشحن اليونانيون، الذين يلعبون دوراً كبيراً في تجارة النفط العالمية، وباعوا للروس مئات السفن القديمة في ظاهرة أطلق عليها اسم "بيع الناقلات اليونانية الكبرى".
وفقا للنشرة التجارية TradeWinds، باع أصحاب السفن اليونانيون ما لا يقل عن 125 حاملة للنفط الخام والسفن، تبلغ قيمتها أكثر من 4 مليارات دولار، لدعم "الأسطول الأسود" الروسي.
آلاف العقوبات
يذكر أن الولايات المتحدة وحلفاءها، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، فرضوا آلاف العقوبات على روسيا منذ انطلاق عمليتها العسكرية في 24 فبراير الماضي، طالت مختلف القطاعات والسياسيين، والمسؤولين من بينهم بوتين، فضلا عن رجال الأعمال الداعمين له.
وفي ظل الوضع الحالي يتفق المسؤولون والمحللون الغربيون إلى حد كبير على أن تأثير العقوبات على روسيا كان أبطأ مما كان متوقعا وأن الهدف الرئيسي لها وهو خروج روسيا من أوكرانيا لم يتحقق.