يتزايد تأييد هذه الفكرة أكثر كل يوم، حيث بات جلياً أن أوكرانيا ستدعمها. وبلغت إيرادات نقل الغاز عبر البلاد نحو مليار دولار خلال 2021، ما يوفر تمويلاً مهماً للاقتصاد الذي قوضته الحرب. وتوجد أيضاً مخاوف من أن تصبح خطوط الأنابيب غير المستخدمة أهدافاً عسكرية، أو أن تتدهور بدرجة كبيرة تجعل تكلفة الإصلاح باهظة للغاية.
أوضح أوليكسي تشيرنيشوف، الرئيس التنفيذي لشركة "نافتوغاز" (Naftogaz) الأوكرانية الحكومية، لـ"بلومبرغ نيوز" أمس: "يوجد عاملان ينبغي أخذهما في الحسبان دائماً. الأول: هو أن أوكرانيا تملك بنية تحتية هائلة لنقل وتخزين الغاز، والتي ينبغي مواصلة استخدامها، والثاني، هو أن كييف تميل لاستخدام هذه البنية التحتية لأنها تحقق لها قدر هائل من المنافع".
استبعد تشيرنيشوف وجود أي خطة تتضمن التعاون مع شركة "غازبروم" الروسية، مشيراً إلى أن نقل الغاز من أذربيجان "قد يكون له مستقبل واعد".
مقايضة توصيل الغاز إلى أوروبا
لم تستجب شركة الطاقة الحكومية الأذرية "سوكار" (Socar) لطلبات التعليق على الأمر. ولطالما سعت وزارة الطاقة الأذرية لتعزيز صادراتها إلى أوروبا، ولم تتمكن هي الأخرى من التعليق في حينه على الموضوع. كما لم ترد الحكومة الروسية و"غازبروم" على طلبات التعليق في هذا الشأن.
نظرياً، يمكن أن تستفيد روسيا من خطة استخدام الغاز الأذري إذا نُفذت بوصفها عملية مقايضة تسمح لموسكو بإرسال غازها إلى مناطق أخرى. وواجهت روسيا صعوبات في العثور على عدد كاف من العملاء الجدد لبيع وقودها إذ أن بنيتها التحتية مصممة لإمداد أوروبا به، كما تجري الصين من الجانب الآخر مفاوضات شرسة لتظفر بهذا الغاز وفق شروط جيدة.
ولا تعد فكرة المقايضات غريبة على أسواق النفط والغاز، حيث تُستخدم عندما يكون من غير الممكن تسليم الوقود من موقع إلى آخر. وتستغل أذربيجان فعلاً خط أنابيبها الواصل إلى أوروبا بكامل سعته.
عوامل تؤثر على اتفاق الغاز
لا تزال المحادثات في مراحلها الأولية، ويتوقع الأشخاص المطلعون على الموضوع أن تُتخذ القرارات فقط بحلول نهاية السنة الجارية، عندما يؤدي انتهاء الموعد النهائي وبداية الشتاء الأوروبي إلى تفاقم الضغط على الأطراف المعنية.
أيضاً ما تزال هناك عدة تفاصيل ينبغي توضيحها، ومن غير الواضح ما إذا كان سيجري إبرام اتفاق أو لا. وربما تلعب التطورات في ساحة المعركة كذلك دوراً في تحديد مصير هذا الاتفاق.
شاركت شركة "يونيبر" (Uniper) العملاقة للغاز كذلك في هذه المفاوضات، وأممت ألمانيا هذه الشركة بعدما قوضت أزمة الطاقة نموذج أعمالها، بحسب بعض الأشخاص. ورغم امتناع المتحدث باسم "يونيبر" عن التعليق على الموضوع، إلا أن المتحدثة باسم وزارة الاقتصاد الألمانية قالت إن الحكومة "انخرطت في محادثات مع الاتحاد الأوروبي".
ليس هذا وحسب، حيث تعد سلوفاكيا واحدة من البلدان الرئيسية التي يمكنها الاستفادة من مثل هذا الاتفاق أيضاً، وتحدث رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيكو، الشهر الماضي عن إمكانية إبرام اتفاق بعد رحلته إلى أذربيجان دون تقديم تفاصيل.
وصرح فيكو للصحفيين مايو الماضي: "في الوقت الحالي، يعتمد الأمر على المفاوضات بين الشركات مثل غازبروم الروسية والشركات الأذرية والأوكرانية وغيرها للاتفاق على الشروط الاقتصادية والأسعار. إذا حدث ذلك؛ يمكن لسلوفاكيا استيراد الغاز من أذربيجان، مع بقاء جزء منه في سلوفاكيا ومرور جزء آخر إلى بلدان أخرى".
ورفض متحدث باسم الحكومة تقديم تعليق إضافي. فيما لم ترد وزارة الطاقة في النمسا، -وهي دولة أخرى ستستفيد من الاتفاق- على طلب التعليق.
وقف واردات الغاز الروسي لأوروبا
ما تزال روسيا تصدر نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا سنوياً، أغلبها يذهب إلى سلوفاكيا والنمسا، حيث تعتبر روسيا مورد رئيسي للإمدادات في النمسا، وغطى الغاز الروسي أكثر من 80% من استهلاك النمسا على مدار 5 شهور متتالية.
كما تستورد أوروبا أيضاً الغاز الطبيعي المسال الروسي عبر السفن، رغم فتح نقاشات متكررة حول ما إذا كان ينبغي لها ذلك أو لا، خاصة وأنها لم توقع عقوبات على الغاز الروسي مطلقاً.
تعتقد المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- أن التكتل الموحد يمكنه تحمل وقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا دون أي خطر كبير على الأمن. وتعتمد خطتها على وجود بدائل من الموردين ومواصلة استراتيجيتها الطموحة المتعلقة بالمناخ، بما فيها الطاقة المتجددة وتوفير الطاقة.
لكن على الجانب الآخر، تشعر بعض الدول الأعضاء في الاتحاد بتفاؤل أقل وتتحسب لتكرار أزمة الطاقة، ما يجعل مصالحها متوافقة مع مصالح أوكرانيا.
اختتم تشيرنيشوف: "أبذل كل ما بوسعي للتوصل لحل يضمن استمرار عمل منظومة نقل الغاز الأوكراني، لأنها تعتبر من الأصول الكبيرة التي تحتاج إلى وجود عملاء لاستغلالها. وما لم يحدث ذلك؛ ستقع خسائر".