ملفات محلية عديدة لا تزال تطرح نفسها كضرورة ملحة وتدل على حجم الازمات العميقة التي يعاني منها لبنان، بدءا من ملف الشغور الرئاسي مرورا بالازمة الاقتصادية الخانقة وصولا الى الوضع الامني المتوتر وملف النزوح السوري وانعكاساته السلبية على الداخل اللبناني على مستويات عدة.
ولو أن أزمة النزوح ليست وليدة الساعة، إلا أنها عادت لتستقطب اهتمام المعنيين والرأي العام المحلي على حد سواء.
وقد باتت مطالب لبنان في هذا الشأن واضحة، لاسيما مع التوصيات التي صدرت أخيرًا عن مجلس النواب. الى ذلك، تظهرالخلافات الموجودة بين الجانب اللبناني والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين جليةً أكثر فأكثر، لاسيما ان وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار قال منذ بضعة أيام إنه "أثبت أن المفوضيّة (UNHCR) تنفّذ أجندات خبيثة"، الى جانب كل ما ورد في الصحف عن خلافات بين الجانبين.
وفي حديث لـvdlnews، أشار الباحث في سياسات الهجرة واللجوء والمدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ الى أن "مؤتمر بروكسل تقليديًا يقارب المسألة الانسانية أكان على مستوى اللاجئين السوريين في دول الشرق الاوسط أو النازحين السوريين داخل سوريا، ويحاول تمتين التواصل مع الحكومات المعنية باستضافة اللاجئين، بهذا المعنى، وكما درجت السنوات السابقة، من الواضح أن مقاربة الاتحاد الاوروبي ما زالت على المستوى الانساني في ظل تعثر العملية السياسية".
وتابع الصائغ: "أما في ما يعنى بالاستجابة للمطالب اللبنانية، ففي تقديري إن غياب الدبلوماسية المبادرة الفعالة التراكمية للبنان من ضمن ملف متكامل سوف يجعل منها عمليًا مستمرة في مربّع المراوحة".
وشدد الصائغ في حديثٍ لموقعنا على أننا "نحتاج الى دبلوماسية تعاونية وليس دبلوماسية اشتباكية، دبلوماسية تؤكد على عودة اللاجئين السوريين الى سوريا، مع ضرورة الضغط على قوى الامر الواقع التي تعرقل عودة هؤلاء وهذا يقتضي ايضًا دينامية وطنية تثبت تطبيق القوانين المرعية الاجراء وتضبط المعابر غير الشرعية".
وفي ما يتعلق بالتوصيات الصادرة عن المجلس النيابي حيال ملف النزوح السوري، قال الصائغ: "بطبيعة الحال، هذه التوصيات قد يعتبرها البعض غير ملزمة بالمعنى الدستوري، لكن على مستوى السياسات العامة والتعاون بين السلطات، هي تثبت دور المجلس النيابي المرجعي، بغض النظر عن فعالية هذه التوصيات، فدور المجلس النيابي مرجعي في الرقابة على ما تقوم به الحكومة في ما يعنى بالواقع الحالي المأزوم لقضية اللاجئين السوريين في لبنان. بالتالي المعني الاول هو حكومة تصريف الاعمال، التي عمليًا تراكم فشلًا من الحكومات السابقة منذ العام 2012 ، وذلك في اتباع سياسة عامة متكاملة تنظم الوجود بناءً على القوانين المرعية الاجراء وتدفع باتجاه العودة بما يجنب لبنان المخاطر الكيانية والوجودية".
وعن قوافل العودة الطوعية، لفت الصائغ الى أن "قوافل العودة الطوعية، وبغض النظر عن الاعداد، يجب أن تستمر، وبالتالي تصنيف الداتا بين من يمكن أن يعود، والى اين، وبأي قنوات، وبأي ضمانات، كل هذا أساسي جدا، كما التعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي هي معنية بتبني خيار العودة وهو مسؤولية من المسؤوليات المناطة بها على مستوى القانون الدولي والقانون الدولي الانساني"، مؤكدًا أن "هذه العودة، ولو أنها بأعداد ضئيلة، يجب أن يتابعها لبنان، والمديرية العامة للامن العام معنية عمليًا بهذه المتابعة".
وختم الصائغ أنه "في ما يعنى بكيفية التأكد من أن من عادوا الى سوريا لن يدخلوا الى لبنان مجددا بطريقة غير شرعية، فهذه مسألة مرتبطة بالقرار السياسي الذي يجب أن يُمنح للجيش اللبناني بالضرب بيد من حديد، وإقفال كافة المعابر غير الشرعية، وهذه المسألة عمليًا غير متوفرة حتى الآن، بسبب ما تفرضه قوى الامر الواقع على الحدود بين سوريا ولبنان، خصوصًا لجهة النقاط المحددة استُعملت سابقا وما زالت تُستعمل بشكل غير شرعي".