فادي عيد - الديار
تسود حالة من الضبابية على الساحة الداخلية، يصعب معها تبيان الصورة التي سترسو عليها الأوضاع في لبنان، وأيضاً في المنطقة ككل، وفي هذا السياق، ورداً على سؤال عما بقي من لبنان، يقول الوزير السابق رشيد درباس في حديث لـ "الديار":"بقي من لبنان أشلاء يمكن لمّها وضمّها وتنسيقها وإعادة الحياة إليها، في حال انعقدت النيات وأصرّ اللبنانيون على أن لا يفرّطوا ببلدهم، وأن يبقوا على نسيس الحياة فيه، ذلك أنه لم يعد أمامهم أية فرص أخرى لوطن آخر، فمن سافر قد سافر، ومن هاجر هاجر، ومن مات مات، ومن تبقّى، عليه أن يبقي على البلد".
وعما إذا كان متفائلاً لمستقبل البلد، يرى أن "المشكلة هي أننا في حال لا نريد التفاؤل، نكون نذهب إلى مصير محتوم ليس بإمكان أحد تبيان مخاطره".
وحول ما إذا كان البلد يعيش مرحلة ما قبل "سايكس بيكو"، وإعادة ترسيم المنطقة من جديد، يقول الوزير درباس: "إن هذا أخطر ما يمكن أن نعيشه، ولكن لا يبدو أن الأمور قد نضجت إلى هذا الحد، ولكن إذا وصلنا إلى سايكس بيكو 2، فهذا يتطلّب المزيد من إراقة دماء كثيرة ومجازر وحشية كثيرة، ولذلك نحن الآن بعدما كنا نرفض سايكس بيكو في الماضي، نتمسّك به جداً، ونعتبره هدفاً وطنياً نبيلاً وسامياً".
ولكن ما هو حاصل في المنطقة من توزيع لمناطق النفوذ والحديث عن اقتلاع شعوب ونقلها إلى مناطق أخرى يوحي بترسيم جديد للمنطقة، يسأل الوزير درباس، هل بإمكان لبنان تحمّل أي عملية إعادة ترسيم، من الممكن أن يحصل ذلك في سوريا والعراق وفي السودان، إنما لبنان لا يحتمل هكذا سيناريوهات، لأن هناك فوارق كبيرة بين هذه المساحات الشاسعة والرقعة الصغيرة في لبنان، والتي أعطاه الله كل أسباب الحياة، ونحن مصرّون على إعطائها كل أسباب الموت".
هل تتخوّف أن تأتي الحلول بعد وقف الحرب على حساب مصلحة لبنان الذي هو الأضعف جراء هذه الفسيفساء الطائفية المتنوّعة، يجيب درباس: "هذه الفسيفساء الطائفية، التي لم أكن منذ زمن أحبها ولا أنتمي إليها، برأيي الآن أن هذه الفسيفساء الطائفية هي السرّ الخفي الذي حمل على إبقاء البلد واقفاً".
وعن اعتبار بعض المسيحيين أن هناك حالة إقصاء لهم عن السلطة لصالح ثنائية شيعية ـ سنّية، يرى درباس، أن "هذه الثنائية وهمية، لأن ما هو حاصل أن السنّة غير موجودين في المجابهة لأن شوكتهم قد انكسرت بشكل أو بآخر، ولم يعد لديهم قيادة، اما الثنائي الشيعي فهو موجود لان قياداتهم فعالة وتعمل للبلد وللبيئة الشيعية.
وتابع درباس: "أنا برأيي أجد مسوّغات مادية وعملية للموقف المسيحي، لأنهم يذهبون إلى مزيد من التهميش وإلى مزيد من المظلومية، وهذا الأمر يحملنا على إعادة النظر بما هو حاصل، وبالتالي أنا أخاطب جميع الطوائف بضرورة الإنتباه إلى أنه في حال ذهاب هذا الأساس المسيحي في لبنان لم يعد لبنان الذي نعرفه".
وحول إمكانية حصول الإستحقاق الرئاسي في العام 2024، يجزم درباس أن لا رئيس للجمهورية في هذا العام الجاري للأسف، لأنه كلما طُرِح إسم للرئاسة يختلقون له الأسباب ويتم حرقه".
وعمّا ينتظر لبنان لوصول رئيس جمهورية إلى قصر بعبدا، يشدّد درباس على "أننا ننتظر وصول كلمة السر، لأن الإستحقاق الرئاسي يتم في الخارج، وعندما تتّفق الولايات المتحدة الأميركية مع إيران يمكن أن نرى رئيساً في قصر بعبدا، أو عندما ينهزم أحد الأطراف الداخليين يمكن أن يتم هذا الإستحقاق الرئاسي، ولكن حتى اليوم لا شيء على خط الرئاسة".
وما إذا كان لبنان باقٍ كما هو، يقول درباس: "لبنان واجب الوجود".