ع أمل " المساواة!
ع أمل " المساواة!

خاص - Tuesday, April 9, 2024 3:09:00 PM

مارفن عجور


"انا مش صوتك تتسكتني ولا نسر بجانح مكسور، أنا ياما الدنيي بكتّني وعرمادا عرمادا ، عرمادا عمرت قصور" صرخت اليسا، " ع أمل" كتبت نادين ومثلّت ماغي!
عبر شاشة ال أم تي في اللبنانية تحضر المرأة اليوم في أهمّ المسلسلات الرمضانية الذي تلعب بطولته الممثلّة النجمة اللبنانية ماغي بو غصن بجانبها ممثلّات لبنانيات حملن قضيّتهن وجسدنَّ حالتهنّ بتفاصيلها في مسلسل كاد أن يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً بعد الحلقة الخامسة والعشرين التي أبكت المشاهدين بسبب قسوة المشاهد التي حملتها. مسلسل "ع أمل" الذي سُمعت أصداؤه منذ بداية شهر رمضان المبارك يحصد اليوم ملايين المشاهدات، فالاوروبيون والعربيون ينتظرون هذا المسلسل من ليلة الى اخرى عبر تلفزيوناتهم لمتابعة آخر تطوراته، خصوصاً أن موضوعَهُ قضيةٌ اجتماعيةٌ شاعَتْ منذ القدم وما زالت مستمرّة حتى اليوم، قضية "المرأة" مهيضة الجناح، مكسورة الجانب، صامتة، خائفة، مرتعبة، مرتبكة! كلّ هذه الصفات توجد في المرأة نتيجة الجنس المناقض لها "الرجل" الذي كاد أن يبني لها شخصية ضعيفة بفضل ضعفه الذي يعدّه قوّة!
تصمت المرأة طوال حياتها وهي تبكي في داخلها، تغنّي وكأنّها تنشد اناشيد العزاء لنفسها فهي الحيّة الميتة كادت ان تخنقها سلاسلها المكبلّة بها، وهي مُذْ وُلِدَت تتعذّب وذلك مردّه جهل المجتمع الذي تعيش فيه!
ولعلّنا حتى اليوم نتخبّط في مشكلة المساواة الاجتماعية فلا مساواة عرقية ولا دينية ولا سياسية ولا جنسية، وكلمة التفاوت كانت وما زالت موجودةً في قاموسنا وعن أيّ مساواة نتكلّم فيما الاهمال والفساد والأنانية ملأوا العالم؟
وحتى اليوم، لا ينفّك الواقع يعيد نفسه، على الرغم من التطوّرات الحاصلة على جميع الصعد، ففي الدول النامية والمتقدّمة لا تزال مشكلة "الجنس" شائعةً، وفي الأرياف والمدن أيضاً، وان كان الريف هو المكان الاكثر عرضة لحدوث مشكلات الجنس فلعلّ اختُيِر من مسلسل " ع أمل" لتتجسّد فيه هذه المسألة الاجتماعية بكلّ وضوحٍ، وتحت اسم "ضيعة كفرحلم" وتحت عائلة اسمها "عائلة حلم" بدأت القصة! وفي منزلٍ حيثُ صوت الرجل يُسكِت نساء البيت تعيش عائلة ماغي بو غصن الملّقبة بسهاد حلم والمعروفة بإسم "يسار حرب"، سهاد التي هربت وهي تنزف دماءَ اخيها سيف ( عمّار شلق ) يومَ حاول قتلها فلم يستطع لأن "الإلو عمر ما بتقتلوا شدّة " تكرّرت قصتُها مع أمّها وشقيقاتها وبناتها وقريباتها اللواتي تركتّهن لتؤمّن لها مستقبلاً تستحقه وحياةً تستحقها وتخيّط نسيج غدِها بخيوطِ قدراتها، تكرّرت قصتُها فعادات ضيعتها لاتتغيّر، تكرّرت بكلّ فخرٍ وزهوًّ من زوجها واخيها ورجال ضيعتها، تكرّرت فممنوعٌ على المرأة أن تعيش وأن تسعد وأن تكون حرّةً وأن تتكلّم وأن تعبّر فإن سعدت أحزنوها وإن تحرّرت من جديد كبلّوها وإن تكلّمت أسكتوها وإن عبّرت أحبطوها وإن عاشت قتلوها، دفنوها، ذللّوها، وأخفوها تحت سابع أرض إمّا تحت التراب إما رموها في البحر المتلاطم الأمواج، أزالوها وقطعوها كأنهم قطعوا شجرةً في عز نموّها، تكرّرت فممنوعٌ على المرأة أن تحّب، تكرّرت في قصةٍ مختلفةٍ يومَ تزوّجت شقيقة سهاد البطلة الشاب الذي تحبّه، دونَ معرفة الأخ البكر "سيف"، تكرّرت مع "رهف" الخاضعة لأوامر جاهلة، "رهف" شقيقة "سهاد" "سهاد" التي قتلوها فنجت وقامت من الموت، حقّقت نجاحاتٍ نعم! تخلّت عن خوفها نعم! لكن هل خلعت وجهها اليساري واعترفت بوجهها السهادي؟ فلا! فالتهديدات تلاحقها! لا فما ينتظرها وخيماً اذا فعلت هذا! وهل تجرأت على فعله؟ نعم! فهي الخائبة الأمل من ضيعتها كفرحلم التي استبدلتها بكفر كابوس قرّرت في برنامجها أن تفضح نفسها وتفصح عن اسمها الحقيقي وتخلع وجهها وتظهر بوجهها الحقيقي، القبيح قُبحَ ماضيها، الذي خطتّه على أوراقها فألّفت فيه مذكرّاتٍ تُخبر قصة شابّة نجت من شبح الموت! قرّرت الاعتراف مباشرة على الهواء امام الملايين فلم يعد يهمّها القضاء ولا السجن ولا القتل ولا السلاح ولا الوأد "عملُ الجبناء" ولا الشرف ولا التهديدات الذكورية المضحكة،اعترفت لأن لم يعد يهمّها شيء بعدَ شقيقتها، شقيقتها الراضخة لقوانين اخيها العجيبة، التي قُتلت في رصاصة سريعة، اعترفت بعدما اجهشت بالبكاء بين أيدي فرح وجلال، وصرخت وتدمّرت وتقطّعت وكأنّها تموت ببطءٍ، اعترفت بعدما قضت عليها الحياة وماتت والدتها وهي تصلّي راكعةً، ماتت امام وجهها فكأنَّ الحياة اختارت سهاد لتسطرّ بها قساوتها!
اعترفت ... فعرقلت الألسنة عن الكلام، وحرّكت قلبَ اخيها سيف من جديد الذي غمس يديه في دمائها وقتلها منذ أربعةٍ وعشرين عام، حرّكت له قلبه ليتشجع على قتلها مرّة اخرى، ويقترف بحقّها جريمة جديدةً لكنّ هل استطاع؟ لا! فإنَّ النساءَ القوّيات يبقين قوّيات وان حاربتهن سيوف العالم كلّها وليس فقط سيف كفرحلم! وان كانت قد هاجرت ضيعتها يوم هجروها عن الحياة كيف لها ان تستسلم اليوم؟ فمحاولة القتل هذه غباءٌ امام ذكائها الذي تعلّمته من ألم الأيام الموجعة، فهي المكلومة، التعيسة، تكاد تواجه تعاستها مع من سببّها لها، اخيها "سيف" سيف الذي يمتلك عادة القتل وكأنّه يعتبرها عادةً ويتمتّع بقتلِ شقيقاته وكأنّ الأمرَ متعةٌ!
اعترفت فهبّت رياحٌ شديدةٌ ، ملاك التي عرفت أن أمّها الحقيقية ما زالت على قيد الحياة واختطاف فرح بنت سهاد بسبب الزوج الزائف الذي يعيش معها والذي ابلغ اخيها عن مكانِ فرح، ودخول فرح الى كفر كابوس وتوّجه ماغي الى الضيعة واعلانها على الهواء مباشرة عودتها الى ضيعتها فاضحةً اسمَ زوجها واخيها اللذين هما السبب في قتلِ النساء! فما المتوّقع بعد؟ وماذا عن الحلقة الأخيرة؟ وهل تكون النهاية سعيدة أم تعيسة؟

خلاصة القول، كسيف آلاف السيوف وككفرحلم آلاف الضيع وكهذا المجتمع الجاهل آلاف وآلاف وآلاف المجتمعات الجاهلة، فقد أكدّ لنا هذا المسلسل أنَّ هناك من ظل صائماً على فطرته الأولى منذ أن فتح عينيه على هذه الحياة وواجه احداثها المتعدّدة الأوجه، إنّه مسلسلُ الحلم الذي تحقّق، فما أكثرهن نساء مجتمعاتنا اللواتي استمدّين القوّة من ماغي وقصصها المدهشة بعد أن كانوا مكبلّات بسلاسل الجهل، لا يحرّكن ساكناً فالتلصيق على أفواههن يخنقهن، لا يجرؤنَ أن يمارسن هواياتهن فالهواية الوحيدة لهنّ خدمتهّن في منزلهنّ و اطاعتهن لرجالهن، لقد تكلّمن وعبرن فكم من شابة تحلم أن تصبح صحافية كسهاد الحالمة المحقّقة في عز الإنكسار، والآن تجازف لتصل هي أيضاً! وكم من رهف قتلها سيف! وإلى متى؟ إلى متى؟ وإلى أين؟ إلى أين؟
أسئلةٌ غامضةُ الاجابات كغموض المستقبل، لكنّ ما دامت قضية المرأة قيد الدرس فإنّها ستعالج وتُصبح المرأة تُقاس بحجم الرجل فالمرأة كالرجل والرجل كالمرأة والأعمال عينها تتوّجب عليهما هما الاثنين لكي تبقى المجتمعات متطوّرة ولا تغرق في بحرٍ جاهلٍ ما زال يسنّ لنفسه ناموسه الطبيعي!
ولماغي بو غصن كامل التحيّات على جرأتِها فقد رفعت صرخة كل امرأة في مسلسل تصدّر العالم!
ولنادين جابر شكراً لأنَّ كلَّ ما كتبتي ملأتي صفحاتك بقالبٍ من الابداع والحقائق والوقائع والاصلاح الاجتماعي!
لعلّنا نُصلح ونعمّر ولعلّ العادات والتقاليد تُراجَع مع تطوّر المجتمعات فالتطوّرُ سريعٌ، يكاد يسبقنا ولا يهم فقط التطوّر العلمي بل الروحي أيضاً!
واليكِ ايّتها المرأة ... اصرخي ان كنتي مخنوقةً فإيّاك والخوف فالإنسان لا يخاف من انسانٍ آخر، واعلمي أنك إذا حاولوا قتلكِ فأنتِ أيضاً تستطعين فما يقدر عليه انسان يقدر عليه جميع الناس!
و " ع أمل" أن تفكّ العقدة الذكورية لدى الرجال
" ع أمل " أن تتحسنّ هذه الأحوال
فالرجل في اخلاقه ولا في المال

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني