قد تكون الطائفية قد فعلت فعلتها بالحياة السياسية اللبنانية. ولكن أن يتمّ استخدام الطائفية من قبل جماعات معيّنة لتجييش حملات طائفية الطابع، ربحية الهدف، لضرب سمعة شركة والاستيلاء على وكالاتها، فهذا لم يعد شأنا سياسيا ولا شأنا خاصا، بل يتحوّل الى شأن عام مع ازدياد الممارسات المشابهة.
وحتّى لا نتحدّث بالعام كثيرا، قضيّة شغلت الرأي العام في الأيام الماضية هي موضوع الحديث اليوم، بعد ان تحوّلت من قضيّة تزوير تطال صحّة الأطفال الى قضيّة تشهير منظّمة بالشكل والمضمون تجهّل الفاعل الحقيقي وتتهم شركة، للمفارقة أنها المنافس الأكبر لمن يقف وراء الحملة.
في التفاصيل، تقوم شركة "فريش فارما" باستيراد متممات غذائية وبيعها في السوق اللبنانية وأسواق عربية عدّة. سنوات طويلة من العمل، لم يشب عمل الشركة أي شائبة. كلّ الأمور تسير كما يجب وفقا للقوانين ووفقا للشروط الطبية والعلمية المفروضة من كل جهات الرقابة في لبنان.
في العام ٢٠٢٢، قامت الشركة ببيع عدد من العلب من المتممات الغذائية واسمها Fresh zinc وfresh multi plus الى صيدليّ في منطقة المتن. الصفقة تمّت على أساس ان هذا الصيدلي سيبيع هذه المتممات الى السوق العراقية. عندها كانت المتممات الغذائية لديها تاريخ صلاحية يتعدّى ال٦ اشهر.
الصيدلي -ونترك للاسماء للتحقيقات- وبعكس ما ابلغه للشركة، لم يبع المتممات الى السوق العراقية، بل باع المتممات الى ما يسمّى بتجّار الشنط، وهؤلاء وزّعوها على صيدليات ومخيّمات وغيره. ليتبيّن منذ أيام قليلة أن هذه المتممات تمّ محو تاريخ صلاحيّتها وتغييره ما يعرّض أطفالا لمخاطر متممات منتهية الصلاحية!
خرج الأمر الى وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام، وهذا طبيعي لأنّ صحّة الأطفال ليست لعبة. وعلمت الشركة بما يحصل وبمصدر المتممات بعد ان اعترف لها الصيدلي أنه لم يرسل المتممات الى العراق كما كان متفقا بل باع المتممات الى تجّار شنطة.
قامت فورا بالتواصل مع نقابة الصيادلة وبناء على نصيحة وتوجيه النقابة، تمّ سحب المتممات المنتهية الصلاحية من الأسواق بعد جهد للتعرف على اين تباع على نفقتها ومسؤوليتها الخاصة، لأن الشركة بطبيعة الحال لا تعرف اين بيعت المتممات التي باعها الصيدلي لتجار الشنط. وتمّ انذار الصيدلي وتسجيل الانذار في نقابة الصيادلة.
المشكلة أن الحملة التي خيضت تحت عنوان صحة الأطفال، تبيّن مع الوقت انّها حملة هدفها سمعة الشركة بحيث تمّ اتهامها بأنها من زوّر تواريخ صلاحية المتممات علما ان كلّ الوثائق التي اطلعنا عليها عند اعداد التقرير تؤكّد عملية البيع في ٢٠٢٢ مع تواريخ الصلاحية.
وأكثر، الحملة يخوضها مجموعة معيّنة من الأشخاص المرتبطين بشركة منافسة، حسابات وهمية وأسماء متكرّرة وتغريدات وتعليقات هي نفسها ويتمّ إضفاء البعد الطائفي عليها.. امّا الهدف؟ فمحاربة الشركة لأخد الوكالات منها.
وهنا مجموعة من الأسئلة الواجب طرحها، خصوصا ان الصيدلي المعني يؤكّد ويعترف انه اشترى المتممات بتاريخ صلاحية جيّد، ما ينفي أن الشركة زوّرت تواريخ او تلاعبت بالمتممات.
لو كانت الشركة تتلاعب وتمحو تواريخ وتغيّرها، هل كان الصيدلي ليعترف ان الدواء تاريخ صلاحيّته صحيح؟ هل لشركة ان تضرب صيتها من اجل ٥٠٠ علبة؟ وما هو مؤكد وثابت بموجب مستندات صادرة عن جمعيات خيرية معروفة في لبنان ان الشركة تتبرع بالاف الادوية لها دوريا لدعمها؟
اذا كانت الشركة قد باعت البضائع بتاريخ صحيح اين مسؤوليتها؟
هل من الممكن أن كل الزبائن المباشرين للشركة لم يواجهوا يوما مشكلة من هذا النوع، وتمّت مواجهة هكذا مشكة صدفة في صفقة "من هالك لمالك"؟
الأسوأ من كلّ هذا أن الشركة تعرّضت للتهديد بعدم التوجّه للقضاء اللبناني "لأنّك مش قدنا فنحن جماعة واصلين"... لكنّها تلتزم بدولة القانون والقضاء، ليس من اجلها صيتها فقط، بل من اجل الأطفال حتّى لا يتعرّض احد لعملية تلاعب، فيذهب الأطفال صحيّة لعملية احتيال واضحة هدفها اسم الشركة، واضرارها الجانبية... قد تكون صحّة الأطفال.