كارولين عاكوم - الشرق الأوسط
يتّجه البرلمان اللبناني، وفق المعطيات السياسية، إلى التمديد للمجالس البلدية والاختيارية للمرة الثالثة على التوالي مع اختلاف في الأسباب. إذ في حين تم التأجيل عام 2022 لمصادفة توقيتها مع موعد الانتخابات النيابية، وعام 2023 لعدم توفّر الاعتمادات اللازمة وعدم جاهزية القوى الأمنية اقتصادياً ولوجستياً، فإن التأجيل هذا العام سيكون بسبب الحرب الدائرة في جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله».
غياب التحضيرات
وتغيب حتى الساعة كل التحضيرات لإنجاز هذا الاستحقاق الذي يأخذ عادة طابعاً عائلياً وسياسياً في لبنان، على خلاف الانتخابات النيابية التي تقتصر المنافسة فيها على الأحزاب. وغياب الحماسة هذا ينسحب أيضاً على الماكينات الانتخابية للأحزاب التي تعلن رفضها التأجيل وتدفع باتجاه إجراء الانتخابات مع استثناء «الأقضية الخطرة»، بحيث إنه لم يسجل لها حتى الآن حراك لافت في المناطق التي يوجد فيها مناصرون ومرشحون لها كما جرت العادة، ما يؤكد القناعة لدى الجميع بصعوبة إجرائها.
وفي حين من المفترض أن تدعو وزارة الداخلية الهيئات الناخبة قبل 12 أبريل (نيسان) الحالي للمشاركة في الانتخابات، بدءاً من 12 مايو (أيار) المقبل، أعلن رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد، قبل يومين، أن «هناك مشاورات وتوجّهاً من قبل أكثر من جهة سياسية لتقديم اقتراح قانون، بعد الأعياد، لتأجيل الانتخابات البلدية بسبب تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان»، مشيراً أمام عدد من رؤساء بلديات الضنّية استقبلهم في منزله في الشمال أن «إجراء الانتخابات البلدية، مع استثناء محافظتي الجنوب والبقاع وبعض مناطق البقاع التي تتعرّض لعدوان إسرائيلي، أو تمديد ولاية المجالس البلدية، يحتاج إلى إقرار قانون في مجلس النواب».
مع العلم أنه كان قد سجّل سابقة في هذا الإطار عبر تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية عام 1998 لعدد من مناطق الجنوب خلال مرحلة الاحتلال الإسرائيلي لها.
موقف «الثنائي»
وفيما يبدو واضحاً أن موقف «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) يدعم التأجيل ويرفض استثناء عدد من الأقضية في الجنوب والنبطية وبعلبك والمناطق التي تعدّ خطرة، كما يطرح البعض، تقول مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير»، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، لـ«الشرق الأوسط»، إن التوجه هو للتأجيل بعد تقديم عدد من النواب اقتراح قانون بهذا الشأن، عادّة «أنه من غير المنطق تقسيم المناطق اللبنانية». وتشير في الوقت عينه إلى أن هناك اتصالات بين «الثنائي» و«التيار» حول هذا الموضوع، مرجّحة أن موقف كتلة الأخير سيكون كما كان عليه العام الماضي، أي المشاركة في جلسة التمديد، وبالتالي لن يكون تأمين النصاب أمراً صعباً.
ولم يعلن «التيار الوطني الحر» حتى الساعة موقفه النهائي، علماً أنه كان قد شارك في جلسة التمديد العام الماضي «منعاً للفراغ»، بحسب ما أعلن رئيسه النائب جبران باسيل، رغم رفضه التشريع في ظل الشغور الرئاسي.
«القوات» و«الكتائب»
في المقابل، يؤكد حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية»، الذي سبق أن قدّم عام 2023 طعناً بالتمديد أمام المجلس الدستوري، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين، أنهم سيواجهون التمديد، في وقت يبلغ فيه عدد البلديات المنحلة 126 بلدية من أصل 1026، بحسب «الدولية للمعلومات».
وتؤكد مصادر «القوات» على أنهم سيواجهون سياسياً وإعلامياً كل محاولات التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «سنكون أمام واقع مواجهة هذا التوجه، ولا سيما أن كل الكتل والأحزاب تدرك تماماً أن معظم البلديات، إما منحلة أو غير قادرة على الاستمرار بفعل النقص في عدد أعضائها، وبالتالي ستتحمل الكتل التي ستمدد لها مسؤولية التمديد للفشل وإبقاء الدولة مشلولة».
وترد المصادر على منتقديها، على خلفية مشاركتها في جلسة التمديد لقادة الأجهزة الأمنية ورفضها هذا الأمر مع البلديات، بالقول: «شاركنا بالتمديد لقائد الجيش للمحافظة على آخر مساحة استقرار في لبنان، وهو الاستقرار الأمني». وتعدّ المصادر أنه يمكن إجراء الانتخابات في مناطق، وتأجيلها في مناطق أخرى، وتقول: «يتذرعون بالحرب كما تذرعوا سابقاً بالتمويل، لكن سنتصدى لكل من يقول نعم للتمديد، ولن نشارك في جلسة من هذا القبيل، لأننا نؤكد مجدداً على موقفنا الذي ينصّ عليه الدستور، وهو أن البرلمان هيئة تشريعية وليس انتخابية».