مارفن عجور
إنَّ لقلمي رأيٌ حرٌّ مقيَّدُّ ببعضِ الإجراءات، وإنَّ للساني صرخةٌ عمرَّتها أذناي طوال هذا الوقت فكنتُ وما زلت ومتأكدٌ أننّي سأسمع دائماً هذه الأقوال لو مهما تطوّرنا ولو مهما تقدّمنا ولو مهما لعبت الحداثة دورها في حياتنا يبقى الناسُ غير متطوّرين، يسنوّن لنفسهم ناموسهم الطبيعي!
أخطّ لكم مقالتي هذه لأُّحَّدَّثُكُمْ قليلاً عن حقيقة مجتمعاتنا التي تعيش في بعضِ الأحيان في مستنقع الجهل فتميّز فئةً عن فئةٍ وتهّمش الفئة التي تمنع دعمها!
وهذا ما حصل مع الأدب والعلم
فقد تفوّق العلم على الأدب!
وصار الأدب كورقةٍ ممزّقة في دفاتر الناس!
لماذا وتسألونني
-لأنَّ الوعي هو مَن أُزِيل قبل الأدب
نعم! الوعي!
ومع الأسف، فإنَّنا نعيش في عالمٍ حيثُ أصبح العلم والمادّة والورقة هم من يتفوّقون على الإنسان، على ذاته، على حسَّهَ الإنساني، على قدراته، على قلبه، على روحه، فيُصبح الأدب مهمّشًا!
ولعلّني أُصيبُ هدفي الذي جئت لأجله وهو مشكلةُ الأهل والأدب!
كما نعلم فإنَّ المدرسة هي المكان الذي فيه يتعلّم الطلاّب مواداً عدّةً ويدرسون المواد العلمية والأدبية والإجتماعية، فيحفظون قوانين العلم ويتعلّمون عن جسم الإنسان، ويدرسون قانون الجاذبية، ويحفظون منذ صغرهم الحروف القمرية والشمسية، ويتعرّفون على اللغة الفرنسية، وتُصبِح المدرسة هي المكان حيثُ تجتمع كلُّ هذه المواد وكلُّ هذه المجالات!
ولعلَّ الطالب هو من يختار طريقه مع المستقبل لكنَّ مع الأسف فإنَّ معظم الأهالي هم من يقرّرون ذلك!
إنَّ بعضَ الأقوال التي أسمعها في كلَّ يوم كافيةٌ أن أكتب ما أكتبه اليوم، فنحن نعيشُ في عالمٍ غريبٍ، عالم يتأثر ببعضه البعض فتكون اختياراته مبنية على الآخر وليس عليه!
ولربما وجدنا الأهالي هم الضغطُ الأساسيُّ على الأطفالِ لاختيار مجالهم المستقبلي، ووجدناهم في الكثير من الأحيان أنَّهُّم سبب في تهميش الآداب وإحياء العلوم، ونسمع الكثير منهم من يرفع صوته بوجه أبنائه مجبراً إيّاهم على الإلتحاق بمجالات علمية، وقد تكونُ مادَّة الرياضيات هي المادّة التي كنقطة الضعف لدى الأهالي فبمجرَّد سماعهم للمقابلات التي تُدار حول الرياضيات وأقوال الناس وأخبارهم وحكاياتهم فإنَّهم يعتبرون هذه المادّة هي الحياةُ وإنّها مادةً تعلو ولا يعلى عليها وهي أو لا أحد!
وقد تكون مهنة المهندس أو الطبيب هي المهن التي تملأ الجامعات كلّها ولا من مهنٍ أخرى سواها، فهل هناك أسوأ من أن نرى بعض الأهالي يجبرون أولادهم على دراسة الطبَّ أم الهندسة أم أيَّ مجالٍ علمي وهم في محبَّة القراءة والكتابة والصحافة والآداب والفلسفة والإقتصاد والإجتماع موّلعون؟
كلا! لا من أسوأ سوى ذلك، فقد يرى الأهلُ المادّة التي تجلب العلامات لأطفالهم فيدعونهم لدراسة المادّة وهم يكرهونها كره الطفلِ للنوم، وهذه المادّة هي "الرياضيات" التي لا يحبُّها البعض، لكنَّ ما سوى ضغط الأهالي هو الذي يسبّب للأبناء توّتراً خائفين أن يرسبوا في المادة وألاَّ يكونون متفوّقين في العلوم والمجالات العلمية!
أيّها الأهالي، كفاكم غباءً، الروحُ لا تموت! إنَّها الأدب، وإن كان أبناؤكم يحبّون الأدب شجعوّهم على دراسته، إن كانوا يحبّون التعبير ويقدّسون الكتابة والكلمة والعبارة والحكمة لا تكونوا سبباً في إحباطهم وحزنهم وخسارتهم لنفسهم! فبمجرّد ذلك فأنتم تطفئون حياتهم بيديكم، وهم بدلاً من أن يطوّروا ذاتهم، سيكتئبون ويتألمون خائفين من ردّة فعلكم عليهم إن لم يكونوا عند حسن ظنّكم!
أيّها الأهالي، اعلمو أن أطفالكم متعددو المواهب، كلُّ واحدٍ منهم يملك إنساناً ما، طيراً حرًّا في مجاله، مبدعاً به، متألقاً به، بارعاً به!
ساعدوهم على تنمية مهاراتهم وإن كانوا يريدون الأدب فلتوّجهوهم نحوَهٌ!
وإن أرادوا العلم فلتوّجهوهم نحوَهُ!
ومع كامل الإحترام لمادّة الرياضيات، لكنَّ هذه هي الحقيقة المؤلمة في مجتمعنا أنَّ الرياضيات والكيمياء والفيزياء والأحياء يتفوّقون على اللغة والأدب!
هما في القيمة عينها!
الفارق هو الناس، ولكلَّ انسانٍ مسار وطريق وفكر ما!
في الختام، تبقى مسألة الأدب والعلم مستمرّة ولن يحلّها إلّا استيقاظ الأهالي، لكي يعلموا أنَّ العلم ليس كلَّ شيء، بل الروح لها قيمة كبيرة في حياتنا، لكي يعلموا بألّا يقتلون الروح، فهي مهمةٌ كثيراً!
وليعلموا أنّها ثابتة أمّا العلم متغيّر!
وليعلموا أن أولادهم مبدعون في مجالاتهم التي اختاروها في إرادتهم لا في إرادة أهلهم!
ونتمنى أن يأتي قريباً هذا اليوم الذي سيكون خلاص الأجيال والأمّة والمجتمعات!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا