لم تكد ترتدي بلدة حميص الشمالية زينة الميلاد بعد، حتى طغى الثوب الاسود على اهلها ورعيتها. رحلت اليدا تاركةً وراءها عائلة مفجوعة، واولاداً فقدوا طعم الحنان. رحلت تاركةً بلدة لبست السواد، مصدومة بمشهد مروّع، مشهد جريمة قتل داخل الكنيسة واثناء القداس الالهي.
فاجعة الامس لا تزال قوية الحضور في أذهان اهالي زغرتا خصوصاً واللبنانيين عموماً. أخبار كثيرة وروايات عديدة ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، وحاول موقع VDLnews التقصّي لمعرفة الخبر الدقيق.
"لم تكن اليدا وهبة المقصودة الوحيدة من جريمة القتل، إذ انّ المجرم صوّب بندقية صيده إلى كاهن الرعية اثناء القداس بهدف "تصفيته" ايضاً، فمشكلة مارون، الذي دخل الكنيسة واطلق النار على اليدا وهبة مرديا اياها قتيلة، ليست معها فقط بل مع لجنة الوقف في الرعية كاملةً"، وذلك بحسب ما افاد مصدر مقرب مطلع لموقع "VDLnews".
وفي التفاصيل، فإنّ لجنة الوقف تطالب مارون منذ حوالي السنة ببدل ايجار منزله التابع للوقف، إلاّ انّ مارون لم يتجاوب. "تدخلّ المحامي وحتّى ان المعنيين في لجنة الوقف تواصلوا مع اقارب مارون ايضاً وّوجه المحامي انذاراً تلو الانذار، ولم يحرّك الرجل ساكناً، ورفعت لجنة الوقف دعوى بحقّه وربحتها، الامر الذي اثار جنون مارون ودفعه لممارسة الجريمة الشنيعة"
وبالمناسبة، وكما أكدت مصادر متقاطعة، فإن الرجل يقيم في منزله المستأجر من الوقف، متحفا للتحف التاريخية والفنية ويتقاضى أموالا من زوّار المتحف، وقد طلب منه الوقف في اكثر من مرّة نقل متحفه الى مكان آخر ما اثار حفيظته ودفعه الى وقف دفع الايجار.
لا شيء قد يساعد ابنة الـ18 سنة على نسيان رحيل والدتها البشع. انتشرت اخبار عن انّ مارون انسان فقير لا يملك المال الكافي ليدفع ايجار منزله، والوضع المعيشي المؤلم دفعه لارتكاب جريمته، الّا أن ما أكدته المصادر أنّ مارون ليس بالانسان المعوز مالياً الذي يحاول البعض تصويره، واستبعدت المصادر ان يكون غير قادر على دفع ايجار المنزل.
"نعم الوقف مجبور يساعد وهو يساعد بس ممنوع حدا يستغلّ الوقف"، بهذه الكلمات، يعلّق احد ابناء المنطقة عن امتعاضه من الاخبار المتداولة ومن الجريمة التي حصلت، وبغصة يقول: "اليدا، كل الحسنات الحلوة فيكي تحطيّا فيا". وتابع: "عيب وحرام اللي صار، حرام تموت اليدا بهيدي الطريقة".
امّا عن الحالة الصحية التي يعاني منها المجرم، وعن المرض المزمن الذي تحدثت عنه بعض وسائل الاعلام وعن نقله إلى المستشفى، فأكّدت مصادر امنية لموقعنا انّ مرتكب الجريمة يعاني من مرض السكري، وهو تعرّض لعارض صحي بالامس بعد توقيفه، وتمّ نقله إلى مركز المستشفى الشمالي، إلاّ ان حالته ليست دقيقة، وسيتم اخراجه من المستشفى في وقت لاحق، لمتابعة التحقيقات اللازمة.
واذ يتخوّف البعض من ردود فعل في القرية، بعد ما حصل، تؤكد المصادر أن مارون، وهو والد لاربع ابناء، ترك زوجته واولاده منذ فترة طويلة، وبالتالي لا علاقة لعائلته به.
وبالرغم من الألم الذي تعيشه عائلة الفقيدة بعد رحيلها، إلاّ انّ حال لسان ابناء المنطقة: "هنّي – اي عائلته- شو ذنبن"؟
جريمة القتل حصلت، اليدا رحلت، مارون موقوف، والتحقيقات مستمّرة، ولكن حرقة قلب ولديها وعائلتها باقية، وصورة الملاك الطاهر ستبقى مرسومة في قلوب اهالي حميص وزغرتا.