أ ف ب
توج مهرجان برلين السينمائي، السبت، المخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب (41 عاماً) بجائزة "الدب الذهبي"، عن فيلم وثائقي يتناول استعادة أعمال فنية نهبتها القوى الاستعمارية السابقة في إفريقيا.
ومن خلال مكافأة فيلم يتطرق بشكل مباشر إلى حقبة ما بعد الاستعمار، حافظت لجنة التحكيم برئاسة الممثلة المكسيكية الكينية لوبيتا نيونجو، وهي أول شخص من أصول إفريقية يتولى هذه المسؤولية الهامة، على نهج المهرجان المعروف باهتمامه بالقضايا السياسية.
وقالت ماتي ديوب لدى تسلمها جائزتها: "بإمكاننا إما أن ننسى الماضي، ذلك العبء المزعج الذي يمنعنا من التطور، أو أن نتحمل مسؤوليته ونستخدمه للمضيّ قدماً"، بعد اقتباسها مقولة للمفكر المارتينيكي إيميه سيزير.
وأضافت: "بصفتي مخرجة سينمائية فرنسية سنغالية من أصل إفريقي، اخترت أن أكون واحدة من أولئك الذين يرفضون النسيان، والذين يرفضون فقدان الذاكرة كوسيلة".
ويروي فيلم "داهومي" استعادة بنين 26 عملاً فنياً كانت نهبتها القوات الاستعمارية الفرنسية أواخر القرن التاسع عشر، في نوفمبر 2021.
واندرجت هذه الخطوة في إطار حركة بدأت خلال السنوات الخمس الماضية من جانب القوى الغربية السابقة، بينها فرنسا وألمانيا وبلجيكا.
ماتي ديوب، التي وُلدت ونشأت في باريس لأب هو المؤلف الموسيقي السنغالي واسيس ديوب، وأمّ تعمل أيضاً في مجال الفن، كانت فازت بالجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي عام 2019 عن فيلم "أتلانتيك"، وهو أرفع مكافأة بعد جائزة "السعفة الذهبية".
وقالت المخرجة لوكالة "فرانس برس"، إنها ترغب في أن يُشاهَد فيلمها "في أكبر عدد من البلدان الإفريقية وفي المدارس والجامعات".
وهذا ثاني فيلم إفريقي ينال جائزة "الدب الذهبي" بعد الفيلم الجنوب إفريقي "U-Carmen e-Khayelitsha" للمخرج مارك دورنفورد-ماي عام 2005.
وتخلف ماتي ديوب الفرنسي نيكولا فيليبر الجائز على "الدب الذهبي" العام الماضي.
كما تضيف ماتي ديوب اسمها إلى مجموعة من المخرجات الفرنسيات اللواتي فزن بجوائز سينمائية كبرى في السنوات الأخيرة: جوليا دوكورنو (السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2021)، أودري ديوان (الأسد الذهبي في البندقية في العام نفسه)، أليس ديوب (جائزتان في البندقية عام 2022) وبالطبع جوستين ترييه، التي هيمنت، الجمعة، على جوائز سيزار بعد فوزها بالسعفة الذهبية العام الماضي في مهرجان كان، والتي ينافس فيلمها "أناتومي دون شوت" ("تشريح سقوط") بقوة على جوائز الأوسكار.
من باريس إلى كوتونو
لسرد قصة 26 عملاً نهبتها القوات الاستعمارية الفرنسية عام 1892 في مملكة داهومي، في الجزء الجنوبي الأوسط من بنين الحالية، والتي كانت تتكون آنذاك من ممالك عدة، أعطت ماتي ديوب التعليق الصوتي على أحداث العمل لتمثال مجسم للملك جيزو.
وبلغة بنين، الـ"فون"، يشكو الملك جيزو في العمل من أنه لم يعد يحمل اسماً، بل فقط رقم 26، في محفوظات متحف كيه برانلي في باريس.
ويصف الراوي في الوثائقي اقتلاعه من أرضه، وحياته في المنفى، ثم إعادته إلى موطنه أخيراً ليُعرض في أحد متاحف كوتونو، عاصمة بنين.
ولا يظهر في الفيلم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره البنيني باتريس تالون، وهما وراء عملية الإعادة التي أُنجزت في 10 نوفمبر 2021.
وتشدد المخرجة على أن عملية الإعادة اقتصرت على هذه الأعمال الـ26 وحدها، "في مقابل 7 آلاف عمل لا تزال محتجزة في متحف كيه برانلي" في باريس.
كما منحت لجنة تحكيم الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي، الممثل الروماني الأميركي سيباستيان ستان عن فيلم "إيه ديفرنت مان" جائزة أفضل أداء تمثيلي.
ومنحت أيضاً جائزة لجنة التحكيم الكبرى لأحد رواد المهرجان، المخرج الكوري الجنوبي هونج سانج سو عن فيلم مع إيزابيل أوبير "إيه ترافيلرز نيدز"، وجائزة لجنة التحكيم لفيلم "لامبير" (L'Empire) للمخرج برونو دومون، طُرح، الأربعاء، في دور السينما الفرنسية.
وفي وقت سابق السبت، منحت منظمة العفو الدولية بفرعها الألماني جائزتها الخاصة بمهرجان برلين السينمائي لعمل درامي أردني يتناول قضية اللاجئين، بعنوان "ذي سترينجرز كايس" (The Stranger's Case- قضية الغريب)، واصفة إياه بأنه "فيلم مثير للإعجاب يتناول قصة ملحمية عن الهروب من سوريا".