"دونكيشوت" وطواحين الطائفية المقيتة
"دونكيشوت" وطواحين الطائفية المقيتة

خاص - Wednesday, January 31, 2024 7:46:00 PM

بقلم : أنطوان غطاس صعب

تعتمل أزماتنا السياسية ومصائبنا القومية، عناصر تكوينها، فنحن الذين نفشل ونخرّب ونتقاعس، محاولين تحميل الآخرين، الأقربين والأبعدين، ما وصلنا إليه على صعيد وضع البلد.

كم تشبه قصّتنا، شخصية "دونكيشوت" الحالمة التي تُصدر قراراتها بشكل غير عقلاني. إذ تقول الرواية أن "دونكيشوت" توهّم أن طواحين الهواء هي شياطين ذات أذرع هائلة، مُعتقداً أنها مصدر الشر في الدنيا، فهاجمها غير مبالٍ بالتحذيرات، حيث رما رمحه تجاه الطواحين، فرفعته أذرعها في الفضاء ودارت به وطرحته على الأرض.

وطننا يختزن العديد من "الدونكيشوتيين" المُمسكين بزمام الأمور، والقابضبن على رقابنا منذ أن أطلقوا على أنفسهم لقب "مسؤولين"، ولكنهم في حقيقة الأمر لا يتحمّلون أدنى مسؤولية في إدارة الدولة.

بحثوا كثيراً، حتى وجدوا "طوحيناً" يحاربونها، ويوهموا الشعب أنها مصدر قلق وخطر عليه. إنها سلاح "الطائفية" المقيتة، سبب علّاتنا، مذ وضعنا دستور البلاد ونظامه السياسي.

ففي كلّ محطة من محطاتنا السياسية والدستورية والنيابية والحكومية ، يخرج علينا من يرفع لواء طواحين الطائفية ليحقّق مبتغاه.

في إنتخابات الرئاسة الأولى ( مع أن الرئيس هو رمز وحدة الوطن ويمثّل كل اللبنانيين ) ، يتسيّد الموارنة المشهد مُعتبرين أنها إستحقاق يخصّهم، عبر بدعة "الأكثر تمثيلاً".

وفي إختيار ( عوض إنتخاب ) رئيس المجلس النيابي، يكون الشيعة هم المُقرّر، خصوصاً وأن ساحتهم "ثنائية" بين "الحزب" و"الحركة".

وفي تكليف رئيس للحكومة، ينتفض السنّة، وتبدأ معاركهم لتثبيت أحقيتهم في إنتقاء من يرونه هم مناسباً للمرحلة، وقد باتت الخيارات أمام تضيق بُعيد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإعتكاف نجله سعد، الحياة السياسية.

كذلك، لا تخرج عملية تشكيل الحكومة عن إشهار سلاح الطائفية لتقسيم "الجبنة" بين أمراء السلطة الطائفيين والمذهبيين. ونفس الامر في إقرار التعيينات، وخصوصاً في الفئات المتقدّمة، ودائماً تحت مقولة "ستة وستة مكرّر"، دون مراعاة الكفاءة والجدارة والنزاهة عند الموظّف. أمام المحاكمات فهي ممنوعة عن المحظيين، لأنه عندها تطون طائفة الموظّف الذي يخضع للمساءلة والمحاسبة بخطر شديد !

هي الطواحين نفسها، من "دونكيشوت" إلى أسياد هذا الزمان، تفعل فعلها في العقول والأداء. والخشية أن تصيب معاركهم الوهمية الوطن "يبكون عليه كالنساء، لأنهم لم يحافظوا عليه كالرجال.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني