نداء الوطن
لم يتغير ايقاع المواجهات على الحدود الجنوبية عن سياقها المعهود منذ اندلاعها في 8 تشرين الأول الماضي، بل تميزت أمس باستهداف اسرائيل «الهيئة الصحية الإسلامية» التابعة لـ»حزب الله» ما أدى الى مقتل مسعفين، فردّ «الحزب» بقصف مستوطنة كريات شمونة شمال الدولة العبرية على الحدود مع لبنان بعشرات الصواريخ.
وأتى التصعيد فيما كان المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين يجري محادثاته في بيروت بحثاً عن «حل ديبلوماسي» ينهي التصعيد على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل، على أن يساعد هذا الحل في عودة النازحين الى ديارهم في المناطق الحدودية في كلا البلدَين.
كيف بدت الصورة الكبيرة التي تشمل التناقض بين الميدان الجنوبي وبين التحرك الديبلوماسي الأميركي؟
بحسب معلومات» نداء الوطن»، إنّ جوهر ما طرحه هوكشتاين يستند إلى ثلاث نقاط:
أولاً- إنّ التوجه في غزة هو وقف الأعمال القتالية مع الحفاظ على الأعمال الحربية الانتقائية.
ثانياً- ليس من مصلحة لبنان الاستمرار في تسخين الجبهة الجنوبية ما دامت الأمور متّجهة إلى بداية حل على المستوى الفلسطيني.
ثالثاً- إقترح هوكشتاين العودة إلى وقف الأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل على أن يتراجع «الحزب» 8 كيلومترات عن الحدود ما يسمح بعودة النازحين على جانبي الحدود. وهذا التراجع هو مدخل لطرح مشروع حل لنقاط النزاع على الحدود البرية. وفي الوقت نفسه، يجري العمل على نشر 10 آلاف جندي لبناني كي يعملوا مع قوات «اليونيفيل» على تطبيق القرار 1701.
وعُلم أنّ التفاوض على الحدود البرية، لن يكون عبر اللجنة العسكرية الثلاثية، إنما بإجراء جولات تفاوض غير مباشر تقوم على تبادل الأوراق والمقترحات والجولات المكوكية بين بيروت وتل ابيب، وسيتولاها هوكشتاين نفسه.
كما عُلم أنّ هوكشتاين أطلع من الذين التقاهم على موقف «حزب الله» وخلاصته: «الخطوة الأولى يجب ان تكون وقف العدوان على غزة، وأي مبادرة خارج هذا الإطار غير جدية وهدفها التغطية على الجرائم الإسرائيلية، وأنّ «الحزب» عندما تتوقف الحرب سيكون مسانداً للدولة في مسألة الحدود البرية، وليس بديلاً منها».
وقبل وصول المبعوث الأميركي الى لبنان، أفاد موقع «أكسيوس» الإلكتروني الأميركي، أنّ البيت الأبيض أعلن أنّ كبير مستشاري بايدن «سيواصل الجهود لتهدئة التوترات على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية». وأضاف الموقع ان محادثات هوكشتاين مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين اللبنانيين، هدفت الى «دفع المناقشات حول كيفية التوصل إلى تفاهمات من شأنها استعادة الهدوء على طول الحدود». وفي السياق نفسه، قال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين إنّ هوكشتاين شدد في محادثاته في تل ابيب قبل أيام على انه بمجرد انتقال الجيش الإسرائيلي بالكامل الى عمليات منخفضة الكثافة في غزة، سيساعد ذلك على تهدئة الوضع في لبنان. كما اقترح أن تصدر إسرائيل بياناً عاماً تعلن فيه عن المرحلة الانتقالية.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إنّ هوكشتاين، قال لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه بمجرد توقف المناوشات بين إسرائيل و»حزب الله»، فإنه يريد بدء مفاوضات غير مباشرة على الحدود البرية، على غرار المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق على الحدود البحرية في العام الماضي. وأفادوا بأنّ إسرائيل لا تعترض على إجراء مفاوضات على الحدود البرية مع لبنان.
وفي هذا الإطار، قالت وزارة الخارجية الأميركية مساء أمس في بيان أصدرته إنّ هوكشتاين اجتمع بالحكومة اللبنانية ومسؤولين عسكريين في بيروت، موضحة أنّ اجتماعاته استهدفت دفع المناقشات لاستعادة الهدوء على طول «الخط الأزرق». وأكدت أنّ الولايات المتحدة أوضحت أنها «لا تدعم امتداد الصراع إلى لبنان».
وبناءً على معطيات «أكسيوس» وما ورد في بيان الخارجية الأميركية، فإنّ الوقت على ما يبدو، لم يحن بعد لشروع هوكشتاين في الوساطة التي تعيد ترتيب الحدود البرية بين لبنان واسرائيل. وهذا يعني أن عودة المبعوث الأميركي مجدداً الى البلدين، ما زال دونها معرفة كيف ستنتهي الحرب في غزة. والسؤال: هل تبقى مواجهات الجنوب ضمن «الضوابط» المعروفة، أم أنّ انفلاتها وارد في حال تبدل الحسابات في إسرائيل أو في محور الممانعة؟