محمد دهشة - نداء الوطن
تتدحرج كرة الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والبلدات الجنوبية وتتوسّع دائرتها يومياً ارتباطاً بالعدوان على غزة، وقد وصل عدد النازحين في قضاء صور وفق الإحصائية الرسمية لوحدة إدارة الكوارث إلى 21400 نازح، منهم 800 نازح توزّعوا على خمسة مراكز إيواء في مدينة صور.
داخل أحد مراكز الإيواء – المدرسة الوطنية في الحوش في منطقة صور، مشروع «خطوة» الذي أطلقته وزارة الشؤون الاجتماعية منذ فترة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ومقدمي الرعاية في حالات الطوارئ والأزمات في الجنوب بالشراكة مع منظمة «إكسبرتيز فرانس» ومؤسسة «شيلد»، لم يصل بعد. بالكاد تصل الدولة إليهم فقط.
غير أنّ كثراً من الأهالي يعتزمون الاستفادة من المشروع الذي يكتسب أهمية خاصة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الحدودية ونزوح آلاف العائلات من منازلها إلى مراكز إيواء في مناطق صور والنبطية، وذلك لمحاكاة الصدمات النفسية التي أصبح أبناؤهم يعانون منها بعد نزوحهم تحت وطأة القصف المدفعي الإسرائيلي والفوسفوري أحياناً.
الطفلة عبير السويد واحدة من مئات النازحين من بلدة الظهيرة الحدودية، تقول لـ»نداء الوطن» إنّها لن تنسى في حياتها لحظات الخوف لدى نزوحها وما زالت تعاني من الأرق ولا تنام في الليل كثيراً وتشعر بالرعب عند كلّ خبر عاجل، وتتمنّى أن تعود إلى حياتها السابقة بعدما سرقت الاعتداءات الإسرائيلية فرحتها وطفولتها وبراءتها.
ويعتبر المشروع خطوة نحو تقديم العون للمناطق المتضرّرة في الجنوب والتركيز على تلبية الحاجات النفسية والاجتماعية للأفراد المتأثرين بالنزوح والأوضاع الطارئة، من خلال خمس عيادات نقّالة في مختلف مناطق الجنوب (صيدا، جزين، الزهراني، صور، النبطية، بنت جبيل، حاصبيا ومرجعيون) مزوّدة باختصاصيين نفسيين اجتماعيين وفريق عمل لتقديم الدعم اللازم للأهالي خصوصاً الأطفال، بالتعاون مع البلديات واتحادات البلديات في هذه المناطق.
ويؤكد عضو مجلس بلدية الضهيرة نادر أبو ساري لـ»نداء الوطن» على أهمية المشروع في تأمين الدعم النفسي والاجتماعي لمعالجة الصدمات التي عاشها الناس وخاصة الطلاب والأطفال، ولكنّ الأهم الآن وفق رأيه مشروع دعم العائلات النازحة والصامدة معاً، وتوفير مساعدات شهرية تساهم في تعزيز صمودهم وبقائهم في القرى أو تساعد في تأمين احتياجاتهم الحياتية في مراكز الإيواء.
ويضيف «من الأهمية بمكان تأمين كل احتياجات النازحين في مراكز الإيواء وخاصة المأكل والمشرب، فهي غير كافية»، مشيراً إلى أنه ما زال صامداً في بلدته الضهيرة مع والدته الحاجة أديبة فنش، عشرات الأشخاص فقط من أصل 3 آلاف نسمة، بينما عائلته نزحت إلى المدرسة الوطنية في صور.
ويقول أبو ساري: «إسرائيل عاودت أمس قصف أطراف البلدة بالفوسفور، نحن لا نستطيع التحرّك بحرية لأننا في حالة حرب حقيقية، لذلك نطالب الدولة والجهات المسؤولة فيها بتأمين احتياجات الصامدين وخاصة الأدوية، فالوالدة تعاني من الضغط والقلب وتحتاج إلى هذه الأدوية شهرياً».
ويجمع النازحون على وجود نقص كبير في التقديمات نتيجة شحّ تمويل الجمعيات والمنظمات الدولية التي تعنى بالإغاثة، أما تقديمات المؤسسات الرسمية والجهات المعنية من قبل الحكومة اللبنانية فإن التدخّل لم يرق إلى المستوى المطلوب بعد رغم ثلاثة أشهر ونيف.
في المركز ذاته، يؤكد حسين أبو سمرا «أن الحياة تبدّلت فجأة خلال الأشهر الثلاثة الماضية وانقلبت رأساً على عقب»، مضيفاً: «ستنتهي الحرب عاجلاً أو آجلاً ولكنها ستترك ندوباً، على الصعيدين النفسي والاجتماعي، نأمل في أن نستطيع تجاوزها سريعاً خاصة نحن جيل الأطفال أمام ما نرى من مجازر وحرب إبادة إسرائيلية في غزة واعتداءات وحشية في الجنوب».