لم تبقَ المواقف الدولية إزاء العمليات العسكرية التي شنت من قبل العدو الاسرائيلي على قطاع غزة على حالها لاسيما مع الدمار الذي لحق بالقطاع وقتل المدنيين والاطفال. ولم تقتصر التحفظات على الدول الاوروبية وسائرها في المجتمع الدولي بل كان لافتًا في الايام القليلة الماضية، ورود مواقف اميركية أعربت عن تحفظات واضحة على النهج الاسرائيلي في المعركة في وقت تواترت معلومات عن اقدام واشنطن على تزويد اسرائيل بالفوسفور الابيض الذي استخدم في الجنوب اللبناني. والى جانب التحفظات، فقد انجلت الخلافات الموجودة بين الاميركيين والاسرائيليين وذلك بتصريح نتنياهو نفسه عنها وتأكيده بالعمل على معالجتها.
في هذا السياق، أشار الاستاذ في العلاقات الدولية الدكتور علي مطر الى أنه "لا يمكن القول ان الولايات المتحدة الاميركية تخشى أو تتحفظ أو تخاف من أي توبيخ دولي في ما يتعلق بالحرب في غزة لأنها المهيمنة في هذا العالم والمسيطرة على قمة النظام الدولي وهي شنت مجموعة حروب في السابق وشاركت بشكل مباشر وغير مباشر في مجموعة حروب وتوسعت في غير مناطق من العالم على حساب شعوب".
وأضاف في حديث لموقع vdlnews أن "الدول الكبرى كانت دائما وبالتحديد الغرب وبعض الدول الاخرى من حلفاء اميركا يقفون الى جانبها لكن هناك نوع من محاولة مراضاة المجتمع الدولي بحيث أن صورة اميركا لا تتغير في العالم ولا تتهشم من الناحية الانسانية فهي تريد ان تقول أنها لا تشارك في قتل المدنيين والفلسطينيين وانها ترفض في استخدام اسلحة محرمة دوليا ضدهم لكنها تشارك مباشرة في هذه الجريمة فلو كانت تخشى فعلا ان يتم القول إنها تشارك في هذه الجرائم أو تخشى من المجتمع الدولي لما دعمت اسرائيل بكل انواع الاسلحة ومختلف القذائف وشاركت بقتل هؤلاء الاطفال وكانت رفعت ورقة الضغط منذ البداية في وجه الكيان الاسرائيلي على هذه الجرائم".
ولفت مطر الى ان "الولايات المتحدة الاميركية اليوم هي بطبيعة الحال تريد أن تحافظ على اسرائيل وهيبتها وعلى الردع الاسرائيلي وهيبة الجيش الاسرائيلي وعلى هذه الورقة الاساسية لها في منطقة الشرق الاوسط على اقل تقدير منذ ان بدأت تدعم الكيان الاسرائيلي الى يومنا هذا والى سنوات مستقبلية".
وتابع، "الولايات المتحدة الاميركية ترى اليوم أن مسار المعارك يجري بشكل غير متوقع بمعنى أن هناك خسائر كبيرة تلحق بالجيش الاسرائيلي في شمال وجنوب غزة خاصة في الشجاعية وخان يونس وهناك خسائر ضخمة والجيش الاسرائيلي بدأ يتحدث عن هذه المعضلة وأعداد القتلى بدأت تتزايد أكثر فأكثر كما أعداد جرحاه وهذا يبين أن الخطط الاسرائيلية غير واضحة وأنها ليست مرسومة الاهداف ولا يمكن أن تستمر على هذا النحو".
وشدد على ان "الاميركي يريد من ناحية الحفاظ على هيبة اسرائيل لكن من ناحية أخرى ان يكون مسار المعارك صحيحٌ بحيث ان يحقق الاسرائيلي شيئًا علمًا أن هذا الاخير لم يحقق أي هدف من كل الاهداف التي تم وضعها لاسيما في ما يتعلق بالقضاء على حماس وهو يشعر ويتيقن أن القضاء على حماس والمقاومة في غزة صعب فضلًا عن أنه لم يتمكن من تحرير الاسرى الاسرائيليين لدى المقاومة من خلال المفاوضات وهذا يشكل معضلة في الداخل الاسرائيلي بحيث هناك ضغوطات كبيرة خاصة أن صورة اسرائيل بالجيش القوي قد تغيّرت".
وأكد مطر أن "اميركا لا يمكنها ان تبقى تتحمل قتل المدنيين الى هذه الدرجة والادارة الاميركية قادمة على انتخابات جديدة وصورة بايدن تتأثر في الانتخابات القادمة".
ولفت الى أن "الهدف الاساسي هو عينه موجود لكن ليس بالشكل الخاطئ فالاميركي منذ البداية قال للاسرائيلين أنه عليهم أن يضعوا أهدافًا واضحة ومحددة والا يتم رفع سقف الاهداف كي لا تظهر صورة الهزيمة في هذه المعركة وهو اليوم يريد انهاء الحرب لكن لا يريد أن تخرج اسرائيل خاسرة من المعركة".
وأوضح أن "نتنياهو تحدث عن خلافات كما بايدن"، مضيفًا: "لا كيمياء بين بايدن ونتنياهو وهذا معروف منذ ما قبل الحرب".
وقال، "بايدن هو شخص اسرائيلي بمعنى ان لا مشكلة لديه في الدعم اللامتناهي لاسرائيل وفي الادارات السابقة كان الرؤساء يتغذون على دعم اسرائيل من أجل ان يصلوا الى الرئاسة وهذا أمر معروف، فدعم بايدن لاسرائيل معروف منذ أن كان سيناتور في الكونغرس الاميركي والدعم مستمر فيما أن مشكلته لا تكمن مع اسرائيل بل مع نتنياهو بوجود خلافات حادة بوجهات النظر بين الطرفين بدأت الآن تخرج للعلن وهو امر كان متوقعًا".
ولفت مطر في حديث لموقعنا الى ان "بايدن بدأ يرى أن نتنياهو يعمل لمصلحته ولبقائه في السلطة وليس لمصلحة اسرائيل، وهذا ما يرفضه بايدن لذلك خرج الخلاف بشكل واضح الى العلن من خلال تصريحات كل من نتنياهو وبايدن"، معتبرًا ان "الخلافات موجودة وجدية ولكن فيما يتعلق باسرائيل بنهاية المطاف فهم يتحدون حولها فيما أن النظرة تختلف حول كيفية التعامل مع المعركة ومع التهديد والتحديات والتعامل مع المستقبل والمسار الفلسطيني كما موضوع حل الدولتين والتعامل مع الفلسطينيين والمستوطنين والمستوطنات".
وشدد على أن "الولايات المتحدة الاميركية ستبقى تدعم اسرائيل وبايدن يبقى دائمًا يدعم اسرائيل"، مشيرًا الى أن "المتوقع هو إما ان يدخل نتنياهو تغييرات على الحكومة لكي تكون قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية إما التخفيف من حدة المعارك بمعنى أن تصبح العمليات موضعية واشتراحية وأن تبقى دون وتيرة القصف العالي الى اعلان انتهاء الحرب بطريقة ما يتم التوصل اليها عبر مفاوضات ومن ثم ستكون حكومة نتنياهو مصيرها الانهيار ما بعد انتهاء الحرب ووقف اطلاق النار".