"أهالي الرمادية يتصدون لدورية لليونيفيل".. بهذا العنوان، عاد الى الواجهة الخميس الماضي ملف علاقة اليونيفيل مع الجنوبيين، أو بالأحرى مع حزب الله، واليوم، شكل قرار المحكمة العسكرية التي كشفت عنه "الأخبار"، بالإفراج عن "محمد عياد"، المتهم بقتل الجندي الإيرلندي باليونيفيل العام الماضي، مفاجأة كبيرة خصوصا أن القرار الاتهامي الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان كان في بداية العام الحالي، ووجّه اليه تهمة القتل، إضافة الى أربعة فارين من وجه العدالة، وجميعهم ينتمون أيضاً الى "الحزب"، ولم يتم تسليمهم حتى اليوم. فكيف أصبح عياد خارج القضبان؟ وكيف يتعامل حزب الله مع اليونيفيل خصوصا بهذه المرحلة الدقيقة؟ ومن هم "الأهالي" بجميع "التصديات" لليونيفيل؟
في البداية، لا بد من تثبيت قاعدة استثنائية محكومة بطبيعة ديموغرافية للمساحة التي تعمل فيها اليونيفيل أي جنوب الليطاني، بأن الأقوى وصاحب الأرض هو الذي يفرض كلمته في الجنوب، وطبعا ليس قوات دولية تأخذ أوامرها من "مجهول"، وتقوم بمهمات "مشبوهة" بنظر حزب الله، الأقوى جنوبا، بالحد الأدنى.
وفي هذا الإطار، نذكر أن قرار التجديد لليونيفيل من قبل الأمم المتحدة العام الماضي، شهد تعديلات لا تريدها الدولة اللبنانية ولا يريدها حزب الله، حيث سمح المجتمع الدولي لـ"قوات حفظ لسلام" بالقيام بمهمات بالتنسيق مع السلطات الأمنية اللبنانية من دون مرافقة الجيش، أما هذا العام، فقد حاول الوفد اللبناني في الأمم المتحدة إلغاء الصيغة المذكورة، وفرض الصيغة السابقة التي تقضي بمرافقة الجيش بجميع مهام اليونيفيل، الا أن محاولات الجانب اللبناني باءت بالفشل، بضغوط أميركية طبعا، وظل القرار بحرية تنقل اليونيفيل جنوب الليطاني مع أو بدون الجيش اللبناني.
وإذ تربط مصادر “vdlnews” بين جميع الإشكالات التي تحصل بين "الأهالي" واليونيفيل بقرار الأمم المتحدة الذي يسمح لقوات "مجهولة المهمات بالذهاب والإياب دون حسيب أو رقيب"، تشدد على أن ما حصل في العاقبية، خارج منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان، في الخامس عشر من شهر كانون الأول الماضي، هو ردة فعل طبيعية على تعدي اليونيفيل على القرارات الأممية حتى.
وفي سياق تلك الحادثة، وردا على سؤال حول ما إذا كان خبر إطلاق سراح عياد بكفالة مالية صحيحا، وعن سبب إخلاء السبيل، كشفت مصادر قضائية لموقع vdlnews، بأن "خبر إخلاء سبيل العنصر في حزب الله محمد عياد بكفالة مالية صحيح وقانوني، فطالما أن التحقيق لم ينته، فمن حق القاضي اتخاذ قرار بإخلاء سبيل المتهم بكفالة مالية أو منع سفر أو كلاهما أو غير ذلك"، وردا على سؤال حول توقيت قرار إخلاء السبيل، قال المصدر القضائي: "لا يمكن التكهن ما إذا كان التوقيت عاملا بإخلاء السبيل، لكنه منطقي وقانوني إذ مضى على توقيف عياد أكثر من عشرة أشهر، ولم يصدر الحكم النهائي في القضية، وبالتالي فهذا أمر طبيعي ولا خرق قانونيا فيه على الإطلاق، فخروجه هو الى حين بدء محاكمته".
وفي ما يخص "الأهالي"، سأل vdlnews مصدرا جنوبيا ذو شأن بلدي، مقرب من حزب الله، عن معنى أن يتصدى "الأهالي" دائما لليونيفيل، وليس الحزب، فأجاب: "الأهالي هم الجنوبيون الذين يحتضنون حزب الله وسلاحه في عيونهم وقلوبهم ويمنعون أي "عيون للعدو" عنهم، وهو نعم، منع محاولات تغيير مهمة قوات الطوارئ الدولية، فالتنسيق مع الجيش اللبناني مقدس، والرسالة وصلت غير مرة الى اليونيفيل بأن قرارات الأمم المتحدة حبر على ورق، فإما التنسيق مع الجيش، وإما أن يفرض هؤلاء الأهالي كلمتهم وحقهم في صون أرضهم".
وعن عدم زج اسم الحزب في التصدي لمهمات اليونيفيل التي لا تنسق مع الجيش اللبناني في الجنوب، شدد المصدر على أن "قيادة الحزب لا تتخذ قرارا في لحظتها، بل إن الأهالي من تلقاء نفسهم يعلمون أن آلية "يونيفيل" لا تعبر دون آلية للجيش، لأن في ذلك تعد على حرمة الأهالي، وهو فعلا كذلك"، وسأل: "إن كان حزب الله فعلا من يعترض "المهمات المشبوهة"، هل تخاف قيادة اليونيفيل من إعلان ذلك؟ هي ترى شيوخا وأطفالا وفي بعض الأحيان نسوة تلاحقهم لتطردهم إن أتوا من دون الجيش".
وعطفا على علاقة اليونيفيل بحزب الله، تؤكد معلومات vdlnews بأن الأخير يبعث رسائل الى قوات حفظ السلام في جنوب لبنان، بحسب كل "مهمة" تقوم بها اليونيفيل، وبحسب تبعيتها أي لأي دولة، وبحسب حجم الفعل الذي ارتكبته، ووصلت الرسائل في بعض الأحيان الى "النار من بعيد لبعيد"، وأحيانا أخرى الى "النار من قريب لقريب".
كل ما سبق يؤكد القاعدة الأولى، بأن الأقوى، وصاحب الأرض، هو الذي يفرض كلمته في الجنوب، ويؤكد أن حزب الله غير معني بأي تغيير لـ"مهمات" اليونيفيل مهما كان القرار الدولي قاسيا وعنيفا، سيكون حزب الله، وقبله الأهالي، في مكان سيجعلهم يتخذون قرارات "قاسية وعنيفة"، وسيبقى الحزب يتصرف على أن الجيش يجب أن يكون موجودا في جميع مهمات القوات الدولية.