منذ اليوم الذي كُونت فيه الدنيا وبدأ البشر بالتكاثر، التصقت بعض الصفات والسمات بأدوار معينة، فكانت الأم هي الحنونة والأب هو المعطاء، أما الطفل فلطالما عُرف ببراءته، براءة لا يحق لأحد أن يحرمه منها... فما بالكم اذا كان هذا الطفل، ابن الـ4 سنوات، قد حرم من سلام وطمأنينة الدنيا وسُلبت منه براءته ليتعرض بالمقابل لأبشع أنواع التعذيب والضرب.
زكريا (4 سنوات) وبتول (7 سنوات)، شقيقان، والداهما منال وأحمد منفصلان، وأحمد متزوج من سيدة تدعى رانيا، هي بدورها مطلقة ولديها ابن يبلغ من العمر 17 عاماً تقريباً.
منذ أيام، انتشرت عبر موقع فيسبوك صور لزكريا وقد ظهر فيها في المستشفى، ليس بسبب عدوى أو فيروس ما، بل بسبب تعرضه للضرب، وقيل ان زوجة والده هي من عنفته وضربته بأبشع السبل الممكنة.
فريق عمل موقع VDLnews قرر التحري عن الموضوع والغوص في أعماقه، وهكذا كان.
تمكنا من الوصول الى رقم رانيا، بمساعدة أحد الأشخاص الذي استفزّته القضية وحاول أيضاً البحث عن الحقيقة، وتواصلنا معها، وبطبيعة الحال أنكرت كل التهم التي وجهت اليها معتبرة أن في "هذا ظلم كبير".
وفي حديثها لموقع VDLnews، شرحت رانيا تفاصيل ما حصل معها، وقالت: "أبناء زوجي يبقون معنا خلال الأسبوع ومع والدتهما في عطلة نهاية الأسبوع، الا أنني ومن دون سابق انذار، فوجئت ذلك اليوم المشؤوم بهذه المنشورات المغرضة على فيسبوك والتي أظهرتني بصورة الشخص الشرير والمعنّف، الا أن كل من يعرفني يمكن أن يؤكد أنه لا يمكن أن أقوم بهكذا فعل".
وأكدت رانيا أنها تملك فيديوهات وصور تظهر محبتها للطفلين، وكيف أنها تمضي الوقت معهما بالرقص والغناء، الا أنها لن تنشر هذه المواد لأنها لا ترغب ببلبلة القضية وأضافت: "الأم تريد حضانة الأولاد وهي مستعدة للقيام بأي خطوة للوصول الى هدفها، نحن نعيش في الجنوب وهي في بيروت".
ولدى سؤالها عن الصور المنتشرة عبر فيسبوك، وعن مصدر الكدمات والكسور وأثار الخنق على عنق زكريا، برّرت رانيا الأمر بالقول: "يد زكريا كسرت منذ أسبوعين بسبب وقوعه على الدرج، والكدمات التي على وجهه أتت نتيجة عراكه مع شقيقته وضربها له، أما العلامة على عنقه فهي بسبب اللعب بوحشية مع أصدقائه"، متابعة: "والدته اصطحبته الى طبيب شرعي واستحصلت على تقرير مفاده أن الصبي يتعرض للعنف واتهمتني أنا شخصياً بتعنيفه، الا أن هذا ظلم بحقي وقلة ضمير... لم يعد باستطاعتي اسكات الناس وأنا بحاجة لحماية نفسي".
وقالت: "لدى والدة الصبي أسلوب بالكذب وأنا لا يمكنني أن أكون مثلها، وبالتأكيد أنا أعاقبهم ان أخطأوا لكنني لا أضربهم..."
الّا أن حديث منال، والدة الأطفال، أتى ليضرب ما قالته رانيا بعرض الحائط.
وفي التفاصيل، أكدت منال، في حديث لموقع VDLnews، أن ابنها يتعرض للتعنيف الجسدي بشكل مستمر من قبل رانيا، وأن شقيقته بتول كانت قد عاشت التجربة عينها قبله.
وقالت منال: "أولادي يبقون معي في كل نهاية أسبوع، وفي كل مرة يعودون للبيت يخبرونني أن زوجة والدهم ضربتهم، أو فتحت لهم المياه الساخنة على أيديهم الصغيرة فأحرقتها... كذلك عاد زكريا مرة الى البيت وعلى رقبته آثار خنق، وفي مرة أخرى نتفت له رموشه... في كل أسبوع شكوى جديدة من زكريا".
وتتباع: "حاولت اطلاع زوجي السابق على الأمر اكثر من مرّة ولكنه لم يصدّقني".
وتابعت: "أما الأسوأ فهو أنهم في كل مرة يستخدمون الحجة نفسها: وقع زكريا وأصيب بضربات وكدمات وجروح وكأنني لا أعي ما يحصل بالتحديد".
"لكن المرة الأخيرة كانت الأصعب والأخطر"، وفق ما أكدت منال لـVDLnews، مضيفة: "وصل زكريا الى المنزل وكانت حرارته مرتفعة، حاولت خفض حرارته الا أنني لم أنجح، فأخذته الى مستشفى الزهراء حيث خضع لفحوصات أكدت أن لديه نزيفاً داخلياً في الرأس وكدمات على جسمه".
وأشارت منال الى أنها بعد هذه الحادثة "أخضعت زكريا لفحوصات الطبيب الشرعي الذي أكد في تقريره أنه تعرض للضرب بعصا على رأسه وجسمه ما أدى الى هذا النزيف، وشدد على أن الطفل تعرض للتعنيف، حتى أن هناك بقعا زرقاء على مؤخرته جراء الضرب (لن نعرض الصور احتراماً لخصوصية زكريا) وقد ذكرها الطبيب الشرعي في تقريره".
وقالت الوالدة: "لا بدّ أن رانيا مريضة نفسياً لتقوم بضرب مخلوقات بريئة بهذا الأسلوب الوحشي، خاصة أنها والدة وقد ربت ابنها وتعلم كيف هو احساس التعامل مع الأطفال".
ولفتت منال الى أن "زكريا يأتي الى المنزل في كل نهاية أسبوع وقد تعرض للضرب وبتول تؤكد الأمر"، قائلة: "حتى ان ابنتي عندما كانت في عمر أصغر كانت تأتي الى المنزل محروقة ومضروبة، حتى أنها كانت تدوس على بطنها وتضربها بالحائط، الا أن زوجي السابق لم يصدق يوماً أن زوجته هي من يقوم بهذه الأفعال، وفي حينها لم أكن أملك الجرأة لتقديم شكوى، لأن المعارف والفعاليات كان بامكانها التدخل لمنعي، الا أنني اليوم وبفعل تفاعل المجتمع مع قضايا تعنيف الأطفال أصبح بامكاني أن أستحصل على حق ابني، وأن أنجح معه حيث فشلت مع شقيقته بسبب ظلم المجتمع".
وشددت منال على أنها رفعت دعوى قضائية بحق رانيا، الا أن الأخيرة لم تمثل للاستدعاء الى المخفر الاثنين الفائت، وقالت: "الآن حصلت على قرار مؤقت بابقاء أبنائي معي، ولا يمكن لأحد أخذهم مني".
وختمت منال قائلة: "أحياناً أخاف من أن ترمي أحد أبنائي عن شرفة المنزل وتزعم أنهم وقعوا عن طريق الخطأ".
منال أكدت أنها ستستمر بالدعوى حتى النهاية ولن تستسلم وستدافع عن أبنائها حتى النهاية، على أمل أن تظهر الحقيقة ويتمكن الأطفال متابعة حياتهم بشكل صحّي وسليم، ان كان على الصعيد النفسي أو الجسدي.