شهدت الثورة في لبنان مشاهد أضخم من أن يتم تأطيرها بوصف متواضع لا يوفيها حقها.
هي هواجس تسيطر علينا وهو ألم يثقل ذيول احلامنا عن غير قصد، لربما كان أملا مخنوقا بثقل الأوضاع، ثقلا لم نشارك الا بحمله، لم نتسبب به ولم نمنحه شخصياً فرصة للولادة الا أنه وصل مع القدر ورسا علينا.
خوف جيل الشباب على مستقبله تخطّى الحدود وتحوّل الى رعب امتزج اما بجثة الاستسلام أم بنار الانتفاضة...
قالوا انها مسيسة وقالوا عنها ممنهجة وممولة من دول أجنبية، ولهؤلاء أقول لستم على خطأ! فشريحة كبيرة من أولئك الذين نزلوا الى الشارع لم يحملوا معهم نوايا صافية!
لكن لا يحق لكم التعميم، فإسفلت المدينة لم يستطع أن يمتص كل الدموع التي انهمرت عليه، دموع عجزة بلا مأوى... دموع شباب خطفت منهم مخططات المستقبل... دموع ابن شهيد أسقطته الحسابات السياسية لأنه قرر أن ينتفض... دموع أرملة لم يعد بمقدورها أن تعيل عائلتها... دموع والدة لم يبقَ لها من ابنها العسكري الشهيد الا بزة "الوطن" لتحضنها وتشمّها لعلّ رحيق الشوق يحمي رائحته التي عطّرت ياقة قميصه!
وتسألونني لماذا أطلق صرختي؟ سأقولها لكم بكل بساطة... بالصدفة اليوم شاهدت حملة صورها سامر كرجيه ورواها زكي الكسم وعزف لها موسيقى "موطني" آندري سويد.
من صيدا لكل لبنان، يقول الكسم: "عم بنزل لأنو ما بدي اشتاق لوطني... ما بدي اشتاق لأهلي بالغربة... ما بدي أهلي يدقولي أنا وبالغربة بيّك تعبان وما اقدر أعمل شي... لأن ما بدي شي يوم احمل امي عالمستشفى وما اقدر فوّتها"!
المؤدي الذي استخدم مجموعة كلمات تخلق في القلب غصة، تمكن من أن يلمس روحي بهذه الجملة، عبارة علقت مخططاتي المستقبلية بشباكها! ولماذا علي الرحيل؟! لماذا تجبرونني على البحث عن مستقبلي في مكان غريب عني ولا يشبهني! لماذا تدفعون بي لترك كل من وما أحب لأن بكل بساطة لا خيار آخر لدي؟!
عندما بدأت بكتابة هذه القطعة ظننت أنني سأكتفي بنقل خبر بسيط أذكر فيه تفاصيل ما شاهدت وأرفق النص بفيديو.. لكن ما تبين لي أنني أنقل واقعاً أعيشه وليس مجرد كلام تحفيزي!
لذلك لن أطيل السرد وسأوقف سيل المشاعر لأنني على يقين أن ما يختلج في داخلي يعبّر عن أكثر من 80% من الشباب اللبناني على الأقل، وسأترككم لمشاهدة الفيديو.