طوني عطية - نداء الوطن
الوقت يضيق والمدارس على الأبواب. نحن على مسافة أسبوع من إنطلاق العام الدراسي. هل تُقرع أجراس العودة في 9 تشرين الأوّل وينطلق الطلّاب في مسيرتهم التي شهدت صعوبات ومطبّات جمّة في المواسم الفائتة؟ أمّ أنّ سيناريوات السنتين الفائتتين ستكرّر ذاتها مجدّداً؟ أي مستجدّات على الساحة التربوية؟ هل قلّصت الروابط التعليمية في الأساسي والثانوي سقوف مطالبها في تأمين رواتب الـ600 دولار كشرط لاستئناف مهامها؟ ماذا عن المتعاقدين ومصيرهم؟
أكثر من 300 ألف تلميذ ينتظرون مصيرهم المُعلّق بين «التربية والتعليم» من جهة وقرار المُدرّسين من جهّة أخرى. في الآونة الأخيرة كانت القضية تغطس في المجهول، فالطّابة في ملاعب الأساتذة، والمدارس حائرة بين «الضمّ والفتح». غير أنه قد برز في اليومين الماضيين تطوّر لافت على صعيد المفاوضات بين طرفي النزاع الوزارة والروابط. هل وصلت الأمور إلى خواتيمها المرتجاة لبداية العام الدراسي 2023 – 2024؟
في هذا السّياق تشير الروابط التعليمية، لا سيّما في التعليم الأساسي والثانوي إلى أنّ قرار العودة قد اتخذ، داعية الأهالي إلى تكثيف تسجيل أولادهم. ماذا حصل؟ تقول مصادرها إنّ وزارة التربية وعدت بتأمين 300 دولار إضافة إلى الرواتب السبعة (بدل إنتاجية) التي تبلغ حوالى 250 دولاراً إضافة إلى 50 دولاراً كبدل نقل. وأن وزارة المال تستعد لتقريش 5 آلاف مليار ليرة كدفعة أولى من أصل 150 مليون دولار، على أن تُسدّد لاحقاً الدفعات الأخرى. وأشارت إلى أنّ الروابط اشترطت على وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي وضع جدول زمني يوضح كيفية دفع المبلغ المطلوب ويحدّد تواريخ الصرف للعام الدراسي، وأن الأخير قد وعدهم بإصداره خلال أيام، أي قبل انطلاقة الفصل الأوّل.
إزاء هذه «المشهدية التفاؤلية» على ضفّة الروابط، يبدو أنّ الواقع على ضفّة الأساتذة المتعاقدين معاكس، خصوصاً لدى رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي، نسرين شاهين. فترى أنّ الوعود الوزارية لن تُؤخذ على محمل الجدّ قبل «أن تصير بالمكيول». سيناريو العام الفائت لا يزال شاخصاً أمامنا، إذ وُعد الأساتذة آنذاك بتأمين 60 مليون دولار ليتبيّن بعد شهرين أن المبالغ غير متوفرة، ودخلنا على إثرها بإضرابات طالت الأشهر المتبقية.
واعتبرت شاهين أنّ الوزارة والروابط في خندق واحد، وأنّ الأخيرة تُنفّذ في نهاية المطاف ما تأمر به أحزابها عبر مكاتبها التربوية. ولفتت إلى أنّ العديد من أساتذة الملاك الذين نتواصل معهم، إضافة إلى المتعاقدين الذين يشكّلون 60 إلى 70% من الأساتذة لا سيّما في التعليم الأساسي، يرفضون الإنصياع إلى ما تقرّره الروابط، التي غالباً ما تكون حساباتها ومصالحها على حساب المدرّسين.
وذكّرت بما حصل السنة الفائتة في 8 كانون الثاني، عندما أعلنت تلك الروابط استئناف العام الدراسي، غير أنّ «اللجنة الفاعلة» استطاعت أن تُقفل معظم المدارس في لبنان». وعن تأمين الـ300 دولار إضافة إلى الرواتب السبعة، أوضحت أنها «ستكون على حساب 70% من الكادر التعليمي. رغم ذاك إذا لمسنا وجود ضمانات حقيقية من قبل الوزارة وإعلان من الوزير عبر تصريح رسميّ، عندها سندعو إلى جمعية عمومية لاتخاذ القرار المناسب الذي يصبّ في مصلحة المدرسة الرسميّة».
ودعت شاهين إلى إحقاق العدالة التربوية بين أساتذة الملاك والمتعاقدين. فكما رفعت الوزارة الرواتب سبعة أضعاف، فيجب عليها أن ترفع أجر ساعة المتعاقد سبعة أضعاف ليتمكّن من ممارسة مهامه. واعتبرت أنّ «السلفة التربوية التي أقرّتها الحكومة، أي 5 مليارات ليرة وأحالتها إلى وزارة المال لصرفها، تنقسم إلى 3 دفعات، تتوزّع على أساتذة الجامعة اللبنانية والثانوي والأساسي والمهني، إضافة إلى مصاريف وزارية. ماذا عن مبلغ الـ110 ملايين دولار المتبقّي؟ من أين ستؤمّن الحكومة اعتماداته؟».
في الخلاصة، بين سير الروابط التعليمية في مسار الوزارة، وحذر اللجنة الفاعلة للمتعاقدين الذين يشكّلون النسبة الأكبر من عدد الأساتذة، يبدو أن العام الدراسي «أعرج»، يخضع لموازين وأحجام القوى التربوية المنضوية في روابط وهيئات، يوالي بعضها قوى السلطة ويعارضها الآخر. ليبقى السؤال الذي لا جواب له، رهن الأيام والأشهر الآتية: هل ستتعثر الفصول الدراسية كسابقاتها أمّ أنّ الإستقرار سيكون من نصيبها؟