دوللي بشعلاني - الديار
تشهد الساحة السياسية دخول قطر على خط الملف الرئاسي، لا سيما بعد مغادرة الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان بيروت فارغ اليدين، مع الحديث عن تبنّي ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، وعدم إغلاقها الباب على أسماء مرشّحين آخرين، سيما أنّ المجموعة الخماسية غير متفقة حتى الساعة على اسم مرشّح معيّن. وفيما ينعى البعض في الداخل المبادرة الفرنسية، كما مبادرة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي كونه لا يزال ينتظر تغيير قوى المعارضة موقفها من دعوته الى الحوار، لا سيما "التيار الوطني الحرّ" أو "القوّات اللبنانية"، أو حتى بعض النوّاب "التغييريين" و"المستقلّين"، يجري التأكيد على أنّها لا تزال قائمة، وإن تقدّمت عليها المبادرة القطرية.
مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت عن عدم استعجال برّي لوأد مبادرته، ما دامت المحاولات الخارجية مستمرّة للوصول الى مخرج ما، ورغم حصوله على مواقف جميع الكتل النيابية من دعوته للحوار في مجلس النوّاب لمدّة 7 أيّام ،على أن تليها جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، والتي لا تزال تفتقر الى الحضور المسيحي الوازِن. ولهذا نجده اليوم يُعطي "باس"، على ما تقول المصادر للموفد القطري وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي، الذي سيكون في بيروت في تشرين الأول المقبل، في محاولة لتأمين التوافق على المرشّح الذي تتبنّاه قطر، ألا وهو قائد الجيش العماد جوزف عون، أو ربما لتقديم اقتراح ما، أو إيجاد تسوية يوافق عليها الجميع.
وترى المصادر أنّ الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني الذي جاء الى بيروت منذ أيّام، للتمهيد لزيارة الخليفي الذي سيستكمل المسعى القطري، بعد أن أوكلت "الخماسية" لقطر مهمّة إيجاد مخرج للمأزق الرئاسي في لبنان، قد جسّ نبض المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم فيما تطمح إليه بلاده. وإذ قيل انّ مهمّته هذه منسّقة مع الأميركي والسعودي، لفتت الى عدم رضى سعودي ومصري على تولّي قطر لهذه المهمّة ، ولا على تسويقها لمرشّحها للرئاسة.
غير أنّ "الخماسية" غير المتفقة فيما بينها، وغير المستعجلة لإيجاد الحلّ للأزمة الرئاسية، وفق المصادر، تُعوّل على أي مبادرة يمكنها أن تتوصّل الى طرح ما يرضي جميع الأطراف، سيما أنّ واشنطن تحدّثت عن ضرورة وضع سقف زمني لإنهاء الشغور الرئاسي، وعدم إطالة عمر المبادرات الخارجية، مثل المبادرة الفرنسية.
أمّا التسويق لقائد الجيش من قبل الموفد القطري، فتجده المصادر نفسها، أمراً طبيعياً، رغم تراجع قوّته، والحديث عن سلّة أسماء جرى التداول بها تتضمّن 3 أو 4 أسماء مرشّحين محتملين للرئاسة ، ولا تُدرج إسم مرشّح "الثنائي الشيعي" الوزير السابق سليمان فرنجية من بينها. علماً بأنّ اسم العماد جوزف عون لا يزال يثير الحساسية لدى البعض، ولا تزال بعض القوى السياسية تضع "الفيتو" عليه، لا سيما رئيس "التيّار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل الذي يتهمه بأمور عديدة في كلّ مناسبة، وقد ردّ عليه أخيراً من دون أن يسمّيه.
وفي الوقت الذي أكّدت فيه المصادر عينها، أنّ هناك أكثر من جهة عربية ودولية تدعم وصول العماد عون الى قصر بعبدا، وإذا طال الشغور الرئاسي حتى كانون الثاني من العام المقبل، تصبح مسألة تعديل الدستور لانتخابه وراء الجميع، وإن كان حتى الآن يُصرّ على موقفه بأنّه يُتابع مهامه كقائد للجيش للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، وأنّه غير مرشّح للرئاسة.
ولكن مع معرفة قطر بعدم تبدّل مواقف الكتل النيابية من ترشيح العماد عون أو عدمه، على ما أضافت المصادر، فإنّها ستستكمل مهمّتها في تشرين الأول المقبل مع وصول موفدها الخليفي الى بيروت، في ظلّ انتظار نتائج التسوية الأميركية- الإيرانية المتواصلة. أمّا مبادرة برّي فبإمكانها الانتظار أيضاً، مع إصرار باسيل على عدم الذهاب الى الحوار من دون ضمانات تتعلّق بجلسة الانتخاب بدورات متتالية، وأنّه بالتالي لا يزال "يتقاطع" مع قوى المعارضة على اسم مرشّحها الوزير السابق جهاد أزعور. فضلاً عن تمسّك قوى المعارضة بأن لا جدوى من الذهاب الى الحوار.
وتقول المصادر انّه إذا اعطى برّي "باس" حالياً لقطر لتحاول انتشال الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، إلّا أنّه سيُعيد إحياء مبادرته للحوار، في حال فشل هذه الأخيرة في إيجاد حلّ للأزمة االرئاسية. علماً بأنّها في نهاية الأمر، قد تدعم مبادرة برّي، ما يشجّعه على استئنافها بعد مغادرة القطري بيروت.
وفي ما يتعلق بما قد تتضمّنه المبادرة القطرية، أشارت المصادر الى أنّها قد تطرح سم مرشّح يوافق عليه "الثنائي الشيعي" ولا يطعن بظهر المقاومة، وفي الوقت نفسه توافق عليه قوى المعارضة. وهذا الأمر من غير الممكن أن يحصل من دون توافق داخلي وخارجي. كما أنّها قد تقترح تسوية ما تتعلّق بمرحلة الرئاسة ومستقبل البلد خلال السنوات الستّ الماضية، ومن ثمّ يتمّ إسقاط اسم الرئيس القادر على تطبيق البرنامج المتفق عليه، على غرار ما حصل في "اتفاق الدوحة".