"أرض الميعاد" بكاملها مقابل خراب المنطقة!
"أرض الميعاد" بكاملها مقابل خراب المنطقة!

خاص - Wednesday, June 17, 2020 6:01:00 AM

كريم حسامي

 

يمّر الشرق الأوسط بواحدة من أهمّ المفاصل في تاريخه والمتعلقة بتغيير جوهر المعادلات وصولاً إلى تغيير وجه المنطقة بالكامل.

 

التطورات التي دخلت ضمنها المنطقة وأصبحت قاب قوسين من دخولها في الأشهر الخمسة المقبلة حتّى موعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني، تؤسّس لمزيد من عدم الاستقرار وتفكيك دول وخلق بؤس إضافي وإراقة دماء وحروب وخراب، فضلاً عن سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.

 

من قانون "قيصر" الذي دخل حيّز التنفيذ اليوم إلى الانهيار الاقتصادي والنقدي في البلدان وفرض حصار غير مسبوق على سوريا ولبنان، كُلّها لها علاقة بمُخطّط إسرائيل ضمّ غور الأردن والضفة.

 

لم يكن يوماً رؤية مؤسّسي الدولة العبرية استعمار فلسطين فقط لإقامة دولة تجمع يهود العالم، بل تتخطى هذه الرؤية بأشواط عندما نتحدث عن توسيع الحدود لتشمل مساحات ليست ضمن فلسطين كأجزاء من مصر وسوريا ولبنان والأردن، معيدةً رسم حدود الدول وتغيير الخرائط مثلما فعلت خلال العقود الماضية.

 

غير أنّ الخطوة الحالية المتمثلة بفرض السيادة الاسرائيلية على يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية) وغور الأردن، تتجلى أهميتها القصوى في انتقال "أرض الميعاد" كلها تحت سيادة إسرائيل في نهاية المطاف. ولذلك، لا يمكن تفويت هذه الفرصة التاريخية حسب قول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشريكه في الحكومة وزير الدفاع بني غانتس.

 

ولهذا السبب أيضاً يرفض المستوطنون جزء من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "صفقة القرن" لِما تضمّنه من اعتراف بدولة فلسطينية.

 

إلّا أنّ مشاريع الضمّ، على مراحل من تموز حتى أيلول، ستكون التحول الأخير والخطير الذي يُشكّل رصاصة الرحمة على أيّ مسعى لفرض تهدئة في المنطقة خلال الأشهر والسنوات المقبلة.

 

وللتشديد أكثر على مدى أهمية الخطوة التي تختلف عن سابقاتها، سيجري رئيس "الموساد" يوسي كوهين خلال الأيام المقبلة اتصالات مع رؤساء وزعماء دول عربية بينها مصر والأردن لـ"جسّ" نبضها حيال خطة الضمّ.

 

وإذا تطلب الأمر، فإن كوهين سيجري جولة خارجية في المنطقة يزور دولا عربية ويجتمع بزعمائها لذات الهدف، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

 

إلى ذلك، أفادت مصادر غربية في العاصمة الأردنية، باحتمال توجه غانتس إلى عمان للقاء العاهل الأردني قريبا لمناقشة ضم غور الأردن. ويريد غانتس أن يطمئن الملك عبد الله الثاني ويزيل مخاوفه بشأن عملية الضمانات، وهو مقتنع أنه قادر على فعل ذلك.

إضافة إلى ذلك، التقى السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان نتنياهو وغانتس ومسؤولين إسرائيليين للاتفاق على مراحل الضمّ.

 

الضم على مراحل

من جهته، أكّد مصدر ديبلوماسي أنّ "الضم على مراحل تدريجية أسوأ من الضم في مرحلة وشهر مُعيّن لأنّ حصول الضم من تموز مروراً بأيلول حتّى موعد الانتخابات الأميركية، سيؤدي إلى تفاقم التوترات أكثر في دول المنطقة من لبنان وسوريا والعراق والأردن".

 

واضاف ان "ما تشهده دول المنطقة هو ما تطلبه عملية الضمّ من فوضى عارمة وانهيار شامل يؤدي الى دمار ودماء، بعدما أزالت إسرائيل دولة وشعب بأكملهما خلال 70 عاماً وسط عجز عالمي تام". 

 

وبالتالي، نرى المجاعة تظهر بأبشع صورها في بلداننا، وفق المصدر الديبلوماسي، عبر طوابير تصطف للحصول على حصّة غذائية بعدما انهارت البلدان على كل الصعد ولم يبقى شيء، فكيف لنا أن نتخيل أن الأمور ستسوء أكثر فأكثر؟

 

في ما يتعلق بلبنان، يتوقّع البنك الدولي انهياره في الفترة بين 15 تموز و15 آب، مع تدهور الليرة ولا يوجد حدّ للدولار مع تنامي حجم البطالة التي ستصل الى 1.2 مليون مواطن.

 

أما هدف هذه الانهيارات، فليس لإلهاء الشعوب عن عملية الضمّ لأنها لا تهتم أصلاً إلّا بحياتها، إنّما الهدف هو الوصول إلى قمّة الفوضى والدمار في كل دولة من دول المنطقة توازياً مع تطبيق آخر مرحلة من المشروع الصهيوني الممتد من 1945.

 

وقُدمت خلال هذه العقود تضحيات تفوق الخيال، أهمها إضعاف محيط إسرائيل وتفكيك كل دوله، فإنهاء المشروع يتوجّب اضطرابات لم تشهدها المنطقة سابقاً من أجل إعادة تكوين الدول والحدود والمفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية حسب الرؤية الإسرائيلية، فهل تنجح؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني