عماد مرمل - الجمهورية
بدل أن تحسم زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للبنان المنحى الذي سيتخذه الاستحقاق الرئاسي في المرحلة المقبلة، اذا به يُغادر تاركاً خلفه مزيداً من الغموض والحيرة.
تتعدّد الروايات حول حقيقة ما أفضت اليه جولة لودريان على القيادات السياسية.
والمفارقة، ان كل طرف يكاد يفسّر نيّات الزائر وإشاراته تبعاً لما يناسبه ووفقاً لزاوية الرؤية لديه، خصوصا ان الموفد الفرنسي ترك حيّزا للتأويل في مواقفه، محاولا ارضاء الجميع وإسماع كل منهم شيئا مما يطيب له سماعه.
رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامة هو أحد الذين التقوا لودريان، إضافة إلى أنه شارك في اجتماع النواب السنة مع لودريان والسفير السعودي وليد البخاري في منزل الثاني في اليرزة.. فما هي انطباعاته حول حصيلة مجمل هذا الحراك الدبلوماسي؟
يقول كرامي لـ»الجمهورية» ان الملف الرئاسي لا يزال عالقا في المربع الأول، «بسبب مُكابرة البعض ممّن يواصلون رفض الحوار من دون أن تكون لديهم اي بدائل عملية عنه».
ويلفت كرامي الى انّ «استمرار القوى التي تسمي نفسها معارضة في عرقلة الحوار الرئاسي يؤدي إلى تعطيل الدينامية الداخلية لإنتاج رئيس الجمهورية ويعزز الاتكال على الخارج لإيجاد الحلول»، مستغرباً «كيف أنّ من يصنفون انفسهم سياديين هم من يعرقلون لبننة الانتخاب، وبالتالي يسمحون للخارج بتوسيع دوره».
ويُبدي أسفه لكون القوى المحلية، «وبدل ان تتحمّل مسؤوليتها وتمسك بالمبادرة، كانت تنتظر اولاً زيارة لودريان، وهي الآن تنتظر اجتماع المجموعة الخماسية في نيويورك وجولة الموفد القطري المرتقبة وعودة لودريان والمفاوضات بين السعودية وانصار الله ومسار العلاقة بين الرياض وطهران».
ويشدد كرامي على أن «الحوار ليس تَرفاً بل هو ممر إلزامي للوصول إلى انتخاب رئيس الجمهورية، إمّا عبر التفاهم على اسم وإمّا بالذهاب الى جلسات متتالية ومفتوحة بعد حصر الخيارات باسمين جديين».
ويشير الى ان الخلاف على المصطلح شكلي، «ولا فارق بالنسبة الينا بين الحوار والنقاش والتشاور، وبالتالي اذا كان تعديل التسمية يريح المُتحسّسين والمرتابين، فلا بأس ونحن لن نتوقف عند الشكليات».
ويوضح كرامي انه «محسوم لنا انّ البند الوحيد للبحث حالياً هو الاستحقاق الرئاسي حصراً، في حين انّ إشكاليات النظام يمكن ان تُطرح على طاولة حوار وطني بعد انتخاب رئيس الجمهورية وبإدارته».
وفي هذا السياق، يشدد كرامي على انّ «الثابت بالنسبة الينا ان اي بحث في اللامركزية الموسّعة يجب أن يبقى محصوراً في إطار الهامش الذي حدده دستور الطائف حيث وردَ في مندرجات فقرة اللامركزية الادارية: «إعادة النظر في التقسيم الإداري بما يحقق الانصهار الوطني ضمن الحفاظ على العيش المشترك ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات»، لافتاً الى ان «اي تجاوز لهذه الحدود المرسومة بدقة سيكون نوعاً من الانزلاق الى الفدرلة والتقسيم الأمر الذي لا يمكن أن نقبل به بتاتاً».
ويلفت كرامي الى انه «لدينا من الحجج القوية ما يكفي لنحاول إقناع الآخرين، اذا اتوا الى الحوار، بدعم مرشحنا سليمان فرنجية»، مشيرا الى ان «القبول بالحوار لا يعني التخلي عن المرشح الذي نعتبره الأفضل كما لا يعني فَرضه على القوى الأخرى».
ويشدد على ان «خارطة الطريق المتكاملة التي وضعها الرئيس نبيه بري تشكل المخرج الواقعي من المأزق الراهن وبالتالي وحدها تستطيع تحقيق العبور الآمن الى قصر بعبدا»، متهما من يعارضها بـ»منع الانتخاب والحل عن سابق تصور وتصميم، وفي الطليعة القوات اللبنانية التي اختارت للأسف ان تكون رأس حربة التعطيل في مواجهة مبادرة رئيس المجلس النيابي».
وينبّه الى ان «التوازن السلبي في مجلس النواب لا يسمح لأي طرف بأن يضمن فوز مرشحه بلا حد أدنى من التفاهمات المسبقة، وذلك حتى لو استمرت الجلسات المتتالية والمفتوحة أياماً متلاحقة».
يضيف كرامي: «من هنا، تأتي أهمية الحوار أو التشاور من أجل محاولة إيجاد اكثرية مريحة للرئيس المقبل، لأنه ولو سلّمنا بأنّ احد المرشحين استطاع بفلتة شوط ان يحصل على 65 صوتاً، فماذا سيفعل في اليوم التالي؟ وكيف سيحكم في ظل هذه الأكثرية الضئيلة؟ وهذا التساؤل طرحه أيضاً الموفد الفرنسي خلال لقاءاته».