حين تُجهضُ الدولة القطاع الخاصَّ لأنها أمُّ القطاع العامّ!
حين تُجهضُ الدولة القطاع الخاصَّ لأنها أمُّ القطاع العامّ!

خاص - Wednesday, June 10, 2020 10:59:00 AM

الإعلاميّ بسّام برّاك

عجبًا، كيف من بداية ما عُرف بثورة ١٧ تشرين حتى بداية ما نُعِت بجائحة القرن الحادي والعشرين، وضَياعِنا بين غضبِ الشارع في الأولى امتلاءً واحتكاكًا، وفراغِه في الثانية خوفًا واتِّقاء... عجبًا كيف تَقرّح القطاعُ الخاصُّ الهاطلُ نتاجًا والمبدعُ مشروعاتٍ، وانكفأ بمئات آلافِ موظَّفيه وأربابه الى البيوت عطِشًا يلملم الانتظار لعلّ قطارًا حظِي به" غودو" يسيرُ الى الأمام ويصل الينا لأن قطاراتِ لبنان كلَّها لا تزال تسير الى الوراء!

قلتُ: عجَبًا... لأنّ ضحايا القطاع الخاصِّ عُمّالاً موظفين مسؤولين ومؤسّسات شركاتٍ ومكاتبَ، معلِّمين معلّمات أساتذةً جامعيِّين إعلاميِّين وغيرَهم من مثقفين وفنّانين صاروا فُجاءةً، بل فجأة خلف فجأةٍ لكثرة الاندهاشِ في وطني، صاروا بلا عملٍ من دون معرفة خواتيم هذا اللاأجل...
هؤلاء مسدِّدو الضرائب للدولة؟ وإن شئتم سمّوها ضرباتٍ، وقد أمهلتهم دولتُهم مشكورة شهرّا إضافيًّا لتصويب مسارِهم مع "حرف الراء" وأعني ر٦ ور٧ ور٨ ... هؤلاء قابعون منذ شهور تحت سقف الملل لا يحدوهم الأمل لعلمِهم أنّهم يختبرون السيِّئ، وما أحَيلاه حين سيطالعُهم الأسوأ، ويلفظون أنفاسهم فيما على مرمى عين منهم شخصٌ يسَيسِر أحواله بالّتي هي أسوأ ويصرف رواتبَه الشهريّة ولو زهيدة بعناية إلهيَّة ..

لكن مهلًا... كيف يا سادة، رواتبُ القطاع العامِّ لا تلفظ أنفاسَها مرَّة في دولة ميِّتة.. وأشدِّد على الشدَّة لأن ميِّتة تعني أنّها حيَّة لكن بصيغة الموت. إذ قبل منتصف كلِّ شهر ينشرح الوطنُ العامُّ لا الخاصُّ لأن الرواتبَ ستؤمَّن، ولا تقصير ولا تأخير - وهو ما لا نعارضُه - لموظّفي المِلاك والفئات العاليةِ الدرجة والقيمة وللمتعاقدبن وللمتقاعدين وللمعلّمين الرسميِّين ولمن يلتزمون دوامَ عملهم في الوزارات والمراكز العامَّة أسوة بمن نسَوا الحضور أو يتناسَون...

ومن أين تأتي الماليَّة الواقعة تحتَ تحتَ الصفر بالمال سوى من مصرف لبنان؟ ومن أين يأتي مصرفُ لبنان بالمال سوى من المصارف ؟ ومن أين للمصارف المالُ لولا مواطنٌ خائبٌ وجدَ في صندوقة البنوك الأمان؟ وها هو يسدّد الضرائبَ ويؤخذ منه ليٌعطى لجاره قبل داره أو لقريبه قبل ابنه أو لصديقه قبل ذاته.
نحن ندركُ أن حجبَ الرواتب عن القطاع العامِّ سيكشف المستورَ وينزل الجمهورَ الى الشوارع في ثورة جياع ستذكِّرنا بقصيدة الأخطل الصغير "المسلول" أو شقيقتها "الجراد"... لكن"ظلمٌ في السويّة عدلٌ في الرعيَّة"، والتفاتة الى قطاعٍ خاصٍّ يُحتضَر لن تغمضَ عينَ الدولة عن قطاع عامٍّ يُحتَضَن، وتوزبعُ الخسائر على اللبنانيّين جميعًا أفضلُ من تلزيمِها زيدًا ورفعِها عن عمر !

فهل يجوز أن تُجهضَ الدولة القطاع الخاصَّ لأنها أمُّ القطاع العامِّ ؟
قد أكون أحلمُ بسلّة (راتبيَّة) تقدِّمها الدولة آخرَ الشهر لأبناء لم تنجبهم رحمُها.. عفوًا هو الحديث كان عن سلة غذائيّة للمواطن، تخلو من البيض بالامس، ومن الألبان اليوم، وربما.. من الرغيف غدا.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني