محمد دهشة - نداء الوطن
تحولت قضية توقيف السلطات اللبنانية اللاجئة الفلسطينية نصرة موسى مباركة 60 عاماً، من مخيم الرشيدية في منطقة صور، بتهمة البناء من غير ترخيص منذ يوم الأثنين في 3 تموز الجاري، إلى قضية رأي عام، شغلت أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، وسط غضب عارم ودعوات للقيادة الفلسطينية الموحدة إلى التحرك الفوري والعمل على إطلاق سراحها فوراً.
وتوقيف مباركة أثارها حفيدها في تسجيل صوتي، حيث ناشد المسؤولين الفلسطينيين كافة التحرك من أجل الإفراج عن جدّته التي أوقفتها السلطات اللبنانية في مطار بيروت الدولي، أودعتها في سجن "علما" في زغرتا شمال لبنان، نظراً لصدور مذكرة توقيف بحقها، لارتكابها مخالفة البناء غير الشرعي في مخيم الرشيدية حيث تسكن وهي مصابة بأمراض مزمنة وتتناول دواء.
ومباركة هي الحالة الثانية بتهمة مخالفة بناء خلال عام، إذ أوقفت السلطات اللبنانية اللاجئة الفلسطينية آمال موسى في 28 تموز 2022، بحجّة بناء منزل دون ترخيص، في مخيم البص في منطقة صور أيضا، قبل الإفراج عنها بعد أيام في الأول من آب، بعد إجبارها على هدم أساسات المنزل.
وتقيد السلطات اللبنانية قضية إدخال مواد البناء إلى المخيمات الفلسطينية في منطقة الجنوب منذ أكثر من ربع قرن -25 عاما بتراخيص سواء أكانت لوكالة "الأونروا" وما تقوم به من مشاريع ترميم للمنازل والمدارس والبنية التحتية، أم للعائلات أم الأفراد وتكون مشروطة بتأهيل المنازل الموجودة فقط، دون بناء منازل جديدة.
وأكملت السلطات اللبنانية قرارها، بقانون صدر عام 2001 يحمل الرقم (296) يمنع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من ترميم منازلهم أو بناء منزل داخل حدود المخيمات، ولا يسمح له بتملّك بيت أو عقار خارج المخيّم، في وقت ما زال فيه محروما من حقوقه المدنية والاجتماعية والانسانية، ما فاقم معاناة أبناء المخيمات ذات المساحات الضيقة والكثافة السكانية بشكل غير مسبوق.
ويؤكد أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان عبد المنعم عوض لـ "نداء الوطن"، إن إدخال مواد البناء إلى أي من المخيمات في الجنوب يتطلب تصريحا ويكون محصورا لترميم المنازل دون بناء أخرى جديدة، ويبدو أن مباركة اشترت المواد من السوق السوداء داخل المخيم، فرفع فيها تقرير بالمخالفة وصدرت مذكرة توقيف دون علمها".
وأوضح عوض أنه من اللحظة الأولى لتوقيف مباركة اتصلت اللجان الشعبية مع الجهات المعنية التي وعدت بمعالجة الموضوع والإفراج عنها بعد الإجراءات القانونية اللازمة، ولكن تفاجئنا بالتأخير ونحن نتابع الموضوع من أجل الوصول إلى إطلاق سراحها"، آملا أن تنتهي القضية قريبا ولا تتكرر مرة أخرى".
بالمقابل، أثار التوقيف حالة من الغضب في مخيم الرشيدية والمخيمات الفلسطينية الأخرى في لبنان، وطالب أبناؤها والنشطاء والحراك الشعبي المرجعيات الفلسطينية بالتدخل الفوري لإطلاق سراحها، معتبرين أن قانون المخالفات بالبناء والتي تم بناؤها هي الغرامة المالية، سيما وأن القضية باتت قضية رأي عام وإنسانية بامتياز، لأن مباركة تمر بظروف صحيّة ومصابة بأمراض مزمنة.
وتابعت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) القضية، وكشفت أن التواصل مع الجهات اللبنانية المعنية والاتصالات لم تثمر بعد، مشددة على ضرورة إطلاق سراحها وألا تشكل عملية التوقيف هذه سابقة تجعل ممارسة الحقوق من بناء المنازل وتوسعتها جريمة يعاقب عليها القانون بالتوقيف والحبس، معتبرة إن الإجراءات والقيود المفروضة على إدخال مواد البناء إلى المخيمات تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، ولا سيما المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مؤكدة إن البناء في المخيمات يخضع لمتطلبات وحاجات إنسانية وديموغرافية ملحة، وبات من الضروري أن تكون هناك مقاربة إنسانية تُراعي حقوق اللاجئين، وتولى في الوقت نفسه الجوانب الأمنية الاهتمام المناسب.