دوللي بشعلاني - الديار
يبدو المشهد ضبابياً قبل أيّام من انعقاد جلسة الإنتخاب الـ 12 المرتقبة يوم الأربعاء المقبل في 14 حزيران الجاري، التي دعا اليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بعد وجود مرشّحين... ويجري الحديث عن سيناريوهات عدّة، تتمثل بـ "تطيير" النصاب القانوني" من الدورة الثانية في حال استطاع أحد المرشّحين، أي الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور الحصول على 65 صوتاً في الدورة الأولى، وهو أمر لا يزال مستبعداً رغم حديث "التيار الوطني الحرّ" وقوى المعارضة عن أنّ أصوات أزعور سوف تتعدّى الـ 70 صوتاً، إذا صدقت "بوانتاجهم".
أمّا السيناريو الحديث الذي بدأ يُحكى عنه، على ما تقول مصادر سياسية عليمة، فهو "تطيير" الجلسة برمّتها، أي انعقادها وعدم تأمين النصاب القانوني لها (أي 86 صوتاً)، ما يؤدّي الى "تطييرها" وعدم الذهاب الى انتخابات الدورة الأولى منها، وذلك من خلال مقاطعتها من قبل بعض الكتل النيابية. ولكن من سيتحمّل تعطيل جلسة انتخاب الرئيس، وإن كانت صورية أو شكلية، على ما يعتبر البعض، لا سيما في هذه المرحلة بالذات؟! فمن أي كتلة جاء "تطيير" النصاب قبل عقد الجلسة، من شأن ذلك تحميل الجهة المعطّلة مسؤولية عدم انتخاب رئيس الجمهورية، مع ما قد يستتبع ذلك من تشنّجات لاحقة تُترجم على الساحة السياسية، لبنان بغنى عنها اليوم.
غير أنّ شيئاً ليس مؤكّداً حتى الساعة، على ما أضافت المصادر، ف "البوانتاجات" والسيناريوهات للجلسة المقبلة على أشدّها. ويبدو أنّ ثمّة أمرين يحولان دون معرفة "البوانتاج" الحتمي الذي سيحوز عليه كلّ من المرشّحين فرنجية وأزعور خلالها، في حال عُقدت وتأمّن النصاب القانوني لها المتمثّل بثلثي الأعضاء:
-الأول:إحتساب عدد من أصوات النوّاب مع هذا المرشّح أو ذاك،لا سيما أصوات نوّاب السنّة المنتمين الى الكتل النيابية أو المستقلّين،حتى قبل أن يُعلن هؤلاء قرارهم الذي سيعتمدونه في جلسة الأربعاء المقبل.
-الثاني: عدم التزام بعض الكتل النيابية بالتصويت للمرشّح الذي أعلنت عن دعمه، سيما وأنّ المواقف يُمكن أن تتبدّل في الربع ساعة الأخيرة عشية الجلسة. وتُشكّل "الأوراق المتحرّكة" دوراً مهمّاً في قلب المعادلات والنتائج.
وعن اعتماد النوّاب "المتردّدين" على الورقة البيضاء، في حال حصل الإنتخاب، أكّدت المصادر نفسها أنّهم، على ما يبدو غير مقتنعين بأي من المرشَحَين، وأنّ خيارهم كان "الورقة البيضاء"، غير أنّهم خشيوا من أن تختلط أصواتهم بأصوات نوّاب "الثنائي الشيعي" وحلفائهم، إذ ذكر البعض خلال الأيام الفائتة أنّهم سيعتمدونها. إلّا أنّ ما صرّح به رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أخيراً، إذ جزم "أنّنا سنصوّت لسليمان فرنجية. كلّنا سنُصوّت له، نحن وحلفاؤنا"، جعل النوّاب "المتردّدين" يعودون الى خيار "الورقة البيضاء" ربما أو أي عبارات أخرى تدلّ عن موقفهم من الإنتخاب.
وأردفت المصادر بأنّ موقف "الثنائي الشيعي" هذا، يأتي من قناعته بمؤهّلات مرشّحه فرنجية، فيما "الورقة البيضاء" يُمكن أن يلجأ إليها كلّ مَن ليس مقتنعاً بأي من المرشَحَين، وليس له أي مرشّح خاص. لهذا لم يعد يجدي نفعاً استخدامها من قبله، بعد أن أصبح له مرشّحاً يؤمن بقدراته وبموقعه لإيصاله الى قصر بعبدا. وترى المصادر بأنّه لو وافقت الكتل المسيحية على دعوة برّي الى الحوار التي كرّرها مرتين، لكان جرى خلال الأشهر السابقة التوصّل الى "مرشّح توافقي"، بدلاً من مرشّحَي المواجهة والتحدّي.
وبرأي المصادر، إنّ مسار الجلسة المقبلة، سيوضح عدد أصوات المقترعين لكلّ من المرشحين، وما الذي يُمكن أن تؤول اليه الأمور في الفترة المقبلة، لا سيما إذا التزم الجميع بموقفه المُعلن من دون أي مواربة. علماً بأنّ مفاجآت عدّة قد تحصل، لأنّ الأيام الفاصلة عن يوم الأربعاء المقبل، ستشهد استكمالاً للمحادثات والمشاورات المستمرّة أساساً، حتى مع الكتل النيابية التي عبّرت صراحة عن موقفها. يبقى الخشية من حدوث مفاجآت سلبية كونها تزيد من الأمور سوءاً، في حين أنّ المطلوب التوصّل الى تفاهم وتوافق لإخراج لبنان من الشغور الرئاسي، الذي يرزح تحته منذ تشرين الثاني الماضي.
ونفت المصادر عينها إمكانية أن يقوم أي من المرشّحين بالإعلان عن انسحابه من المعركة الرئاسية، أقلّه قبل جلسة الأربعاء المقبل، إذ أنّ نتائج الإنتخاب من شأنها تظهير أسس المرحلة السياسية المقبلة. علماً بأنّ وجود مرشّحين وكتل نيابية تتبنّى هذا المرشّح أو ذاك، سوف تُعطي "البوانتاج" الفعلي، وإن أخفى البعض أوراقه، أو قسّمها على المرشَحَين.
وأكّدت المصادر بأن مسار الجلسة المنتظرة سيخلط الكثير من الأوراق، ما قد يُعيد عملية انتخاب رئيس الجمهورية الى نقطة الصفر. فالمصلحة الآنية من وجهة نظرها، فرضت "تقاطعات" غير منطقية قد لا تذهب الى تحالفات مستقبلية، بل هي تحالفات ظرفية، ما قد يزيد من الشكوك حول فعاليتها أو استمراريتها. ومنذ الآن وحتى يوم الأربعاء المقبل، يخلق الله ما لا تعلمون.