هلِ الأسودُ خطيئةٌ والأبيضُ آيةٌ مُنزَلة؟!
هلِ الأسودُ خطيئةٌ والأبيضُ آيةٌ مُنزَلة؟!

خاص - Wednesday, June 3, 2020 8:27:00 AM

الإعلاميّ بسّام برّاك

 

بين الأبيض والأسود يعلو الرمادي... والرمادُ لغة مبهَمة أو دلالةٌ مؤلمة، إنه اللونُ الأقربُ الى  الأسود الفاتح...

مناسبةُ هذا الكلام هي انقلابُ المفاهيمِ الإنسانية مرّة أخرى على رؤوس شعب خُلق ببشرة سوداءَ لأنّ الرب كوّره في رحم الحياة بهذا اللون مثلما زرع في أجنّة أخرى بشرةً بيضاء ليوازن بين الناس تحت أشعة الشمس وفي فضّة القمر، لكنّ ما أراده الله اعتدالا يختلُّ وما شاءه تساويًا يتزعزع،  والبشر يقرأون حكمة الله بجهلهم،  ويفهمون مشيئته السماوية بإدراكاتهم الأرضية...

فها هو الجمهورُ الأسود مع كلّ ما حققه عِلمًا وعملاً- من دون تناسي ارتكاباته  الانتقامية  عبر التاريخ من حكم البيض عليه  - ها هو الجمهورُ الداكنُ  يتلقى في ٢٠٢٠  مناهضةَ مجتمع فاتح غيرِ منفتح  بل قل سياسةً أميركية تدّعي النصاعة والبياض من البيت الأبيض،  وهي بلا شك ترتدي حلةً قاتمة وتودُّ في مكانٍ انتزاعَ سنوات قريبة من الذاكرة  لحُكم رئيس أسودَ،  واستباقَ انتخابات تشرينيّة بوأد صيف السُّود والمزاج الانتخابي وكهربةِ أصواتهم  في صندوق الانتخابات تحت وطأة عنف لا ترتضيه شرعةُ إنسان ولا شرعيةُ دولة ولا مشروعٌ حضاري.

فهلِ الأبيضُ آيةٌ منزَلة والأسودُ خطيئة لا تغتفَر... هل رأسُ الأسود بمنزلة قَدَم الأبيض فعلاً... ومن حدّد الموضع نزولاً وكأنّ جهنّمَ للسُّود والجنةَ للبيض؟ من لقّن الأبيض أن يأنف من كلّ ذي سواد، والأسود أن يحذر من كل ذي بياض  فيرتدَّ عليه ويرتكبَ جرائم باسم الخوف؟ أيكونُ الأسود حاملا هُوية الفقر ، والأبيضُ مالكًا تذكرةَ الغنى لتكتملَ مقولة "إن الاغنياء لو لم يكونوا بحاجة للفقراء لقتلوهم". فالفقيرُ يفتح  باب السيارة للغنيّ قبل أن يمضيَ على قدميه،  ويزرع له الارض ليمضيَ بلا قطاف، ويُعدُّ له الطعام قبل أن ينال الفُتات،  ويبني له المسكن ليقطنَ بيتا بلا يقف ...

 

هل ما حصل خطأ فرديٌّ من رجل دولةٍ شرطي أميركي أم انّ هكذا يسوس ترامب لونًا ينعته بالراديكالية والتطرف ثم يلوذ هاربًا من دعسته الفادحة على عنق  "جورج فلويد"  بخطاب خارجي عن المصيبة الجامعة المفرِّقة كورونا ومن موقفه المتصاعد ضدّ الصين ومنظمة الصحة؟ 

 

"وأعِزَّ ربي الناسَ كلَّهم بيضًا فلا فرّقتَ أو سودًا "

نظم سعيد عقل ولحّن الرحابنة وغنت فيروز أرضَ مكّة والإنسان من فضاء الأثير العربي ...فكيف تصلح هذه الكلمات في زمن أُخِذ السود برقابهم ويقولون "إنّ من السيّئ أن تكون اسودَ في اميركا في هذا الزمن"

الحكاية ليست عن هذا الزمن ولا عن ترامب ولا عن أسلافه وأخلافه.. جميعُهم سواسية.. الحكاية تنمّ  عن طبع بشري  انتقامي لا يرقى الى ما هو إلهي تسامحي... لذلك نقول: إنّ  من السيّئ ان تكون انسانا في زمنٍ،  كلٌّ  يغنّي الأنسنةَ على ليلاه، بل على سواده أو على بياضه!

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني