من المستفيد الأكبر من "الانتفاضة" الأميركية؟
من المستفيد الأكبر من "الانتفاضة" الأميركية؟

خاص - Wednesday, June 3, 2020 7:20:00 AM

كريم حسامي

 

انفجرت الولايات المتحدة الاميركية وانتشرت الفوضى الأمنية فيها بشكل غير مسبوق، وكأنها أصبحت أقوى دولة تهتز ركائزها يومياً وتُلاحقها الأزمات من كل حدب وصوب.

 

هذه القوى العظمى التي حكَمت العالم لعقود وبسَطت نفوذها على كلّ المستويات، مشرذمة وضعيفة داخلياً منذ فترة طويلة، لكن ما كشفه كورونا مخيف لفضاحته لتُكمله المظاهرات وأعمال الشغب احتجاجاً على مقتل جورج فلويد.

 

لكن ما خلفيات الأحداث وحقيقتها؟

 

من الممكن القول أنّ فلويد يختصر الحالة الراهنة في الولايات المتحدة، حيث جزمة الاستبداد تنتشر في كل مكان.

 

عملياً، مُجرّد مشاهدة ركبة ضابط أبيض في الشرطة على عنق رجل أسود، منَح فرصة ثمينة لفئتين: الناس الأبرياء للتعبير عن غضبها الكبير من العنصرية التاريخية والعنف المفرط بحق المظلومين من جهة، وفرصة للذين يريدون إكمال مشروعهم في إضعاف أميركا وفرض الدولة البوليسية من جهة أخرى، وهنا بيت القصيد.

 

فتخيلوا لو كان الأميركيون يتظاهرون في الشوارع بهذه الأعداد لسبب آخر يتعلق بتداعيات كورونا الكارثية جراء الإغلاق التام للبلاد والحجر الصحي الذي سبّب خسارة الأجور وإفلاس شركات وتسجيل رقم قياسي للعاطلين عن العمل وحالات الانتحار وغيرها الكثير من القضايا.

 

وفي السياق، إنّ الأسلوب المعتمد في عدد كبير من الدول عبارة عن “divide and conquer”. والشعوب ليست على دراية بهذا الأسلوب، خصوصا الشعب الأميركي بأكثريته الذي لا يملك التفكير النقدي.

 

من هو المسؤول عن نشر العنصرية والكراهية؟ إنّها الحكومات وتُغذّيها وتُعزّزها وسائل الإعلام وتحديداً الرئيسة منها، لإخضاع الناس للرقابة الاجتماعية.

 

“Divide and conquer" معتمدة منذ زمن طويل وإحدى أهم طرق تنفيذها هي عندما يتحارب طرفان من أجل الوصول إلى مركز التحكّم والسيطرة على الوضع كيف يشاء، وفي النهاية بعد الفوضى والدمار، اتّضح أنّ مركز التحكم هو الذي قلبهم ضد بعضهم ليتحاربوا ويتقاتلوا، وعندما حصل الدمار، استفاد منه المركز واستغله ليؤدي دور المُتحكم والمسيطر على السُكّان والمجتمع من خلال Order out of chaos.

 

ويؤكد المراقبون أنّ "وسائل الإعلام ضالعة تماماً في الأجندة عبر تجييش الناس وتصّب الزيت على النار من أجل إغضاب النفوس أكثر وزيادة الحقد، لذلك على الناس إدراك حقيقة الأمور أن “divide and conquer” يُعتمد حالياً". وأضاف ان "نشر الفوضى والشغب في مينابولس ونيويورك ولوس أنجلس وغيرها من المدن يفيد الحكومة، ما يعطيها مُبرّراً لنشر كل الأجهزة الأمنية من الحرس الوطني والشرطة العسكرية والجيش".

وهذه الأعمال الفوضوية تجّر معها فرض الدولة البوليسية في نظام "ديموقراطي" عبر القمع الوحشي للمتظاهرين وتنفيذ الاعتقالات بنحو مجنون طال أكثر من 6000 شخص خلال أسبوع ومقتل 10 أشخاص على الأقل، إضافة إلى فرض حظر التجوال والرقابة أكثر من أي مضى ما يُحوّل البلد الى دولة بوليسية بامتياز".

ويستفيد من الفوضى العناصر المخرّبة والغاضبة عبر إطلاق النار على مظاهرات أو مراكز الشرطة، فيما ينتشر الحرس الوطني في أكثر من 29 ولاية. وفي المرحلة المقبلة، نشهد على فرض النظام بعد الفوضى، فكيف تفيد هذه الإجراءات المواطنين؟ وهل تجلب لهم أي حق من الحقوق الذين يطالبون بها؟ وتحديدا للسود وقضيتهم؟ أم أنها تذهب أدراج الرياح مثلما كان يحصل آخر 200 سنة؟

أخيراً وليس آخراً وبعد عقود من معايشة الحالة الأميركية، تبيّن أنّ الولايات المتحدة استُخدمت آدات لمصلحة فئة صغيرة من أجل تحقيق مآربها من دون الاهتمام بمستقبل الشعب وثقافته وأمنه. أما الآن، فما نراه يؤشّر بقوّة إلى نية هذه الفئة إنهاء الدور الأميركي، أكانتً بتهديد حياة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قلب البيت الأبيض أو لإظهاره أنه ديكاتوري بسبب دعوته لقمع مثيري الشغب ووضع الجيش في وجه الشعب!

هل ما يحدث مُجرّد انتقام من ترامب أو مُقدّمة لتغيير وجه أميركا؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني