نداء الوطن
من الصعب أن نفهم ما تريده الأحزاب. فجأة تمنع الإنماء، وبقدرة قادر انتخابية تحلّ العقد وتُنفّذ المشاريع. بسحر ساحر، أُعيد العمل بمناقصة تلزيم عملية جمع النفايات من القرى، التي جرت قبل عام ونصف تقريباً، إذ رست وقتها على شركة «يامن» التابعة لمحمد العيراني والمحسوبة على حركة «أمل» بمبلغ يُقدّر بـ 11 ملياراً و500 مليون ليرة، أي ما يوازي 145 ألف دولار اليوم، حينها توقّفت المناقصة، لأنّها «خاسرة».
لكن للإنتخابات حساباتها. اتصال واحد كفيل بتغيّر المعادلة، ما كان مرفوضاً أصبح متاحاً بحجّة إنقاذ البلديات الـ28 التابعة لاتحاد بلديات الشقيف من عبء رفع النفايات والتي تتكبّد شهريّاً نحو 200 مليون ليرة. إنّها معجزة الإنتخابات، بفضلها بدأ تعبيد دوّار حاروف الدوير زبدين الذي أرهق السيارات بحفره العميقة. وقد يهبط الزفت الإنتخابي الغائب منذ سنوات طويلة. الكلّ يريد تبييض صفحته على أبواب الإنتخابات البلدية.
قبل أسبوع، دعا اتحاد بلديات الشقيف رؤساء بلديات النبطية إلى اجتماع للبحث في آلية رفع النفايات التي تشكّل إشكالية كبيرة، غير أنّ النصاب لم يكتمل، فطارت الجلسة التي حضرها محافظ النبطية حسن فقيه والمتعهّد محمد العيراني و10 رؤساء بلديات فقط، إضافة إلى رئيس الإتحاد الدكتور محمد جميل جابر.
ما سرّ تطيير الجَلسة وما علاقة الإنتخابات بتحريك الملفّ؟ الكلّ يبحث عن حلّ لملفّ نفايات النبطية التي تواجه منذ عام 2019 أزمة عاصفة، تهدأ حيناً وتنفجر أحياناً، محوّلة القرى مكبّات عشوائية، إذ يوجد أكثر من 25 مكبّاً تتربّع في مناطق جغرافية استراتيجية، ما روّج لتجارة النفايات، التي حقق بفضلها بعض رؤساء البلديات أموالاً طائلة. وتؤكد المعلومات أنّ «هذه التجارة ما كانت لتزدهر لولا غطاء حزبي لها»، مشيرة إلى أنّ «توقّف معمل الفرز في الكفور وجمع النفايات أتى بقرار سياسي. لكن الفرج يأتي مع حلول فصل الإنتخابات».
في الإنتخابات النيابية والبلدية السابقة، تعهّد الثنائي «أمل» و»حزب الله» فكفكة هذه المعضلة، وإعطاء الضوء الأخضر لفتح معمل الفرز وصفّارة انطلاق قطار جمع النفايات، غير أنّ الوعد لم يدم أكثر من شهر حتى طارت الصفقة.
بعدما فكّ الإتحاد ارتباطه بشركة الجمع التابعة لعلي عيّاش، تولّت البلديات جمع نفاياتها، ما زاد الأعباء على خزائنها. ومع عودة الحديث عن العمل بالمناقصة المذكورة، يرفض محمد العيراني ربط التباحث في آلية جمع النفايات بالإنتخابات البلدية، معتبراً أن «الأزمة باتت تحتاج إلى حلول». وأشار إلى أنه «وضع خطَّة للعمل تقضي بإعادة تشغيل معمل الفرز ضمن سلّة متكاملة، على أن يتولّى عملية جمع النفايات ونقلها إلى المعمل وطمر العوادم في مطمر بلدة دير الزهراني. هذه الخطَّة لم تلق تجاوباً كبيراً من قبل البلديات، التي يتوجّب عليها دفع كلفة الجمع للإتحاد كوديعة تستعيدها فور قبض مستحقاتها من الدولة».
ويلفت العيراني إلى أنّ «الإتحاد هو من اتّصل به لإيجاد مخرج للأزمة»، جازماً أنه يعمل «وفق دفتر الشروط ولا علاقة للأحزاب في هذا الشأن». في المقابل، يرى أنّ «الخطّة اليوم هي في ملعب الأحزاب. بيدها نجاحها وتجنيب القرى كارثة بيئية وصحيّة، وبيدها رفضها، وإبقاء الأزمة على ما هي عليه وسط ارتفاع أعداد الإصابات بمرض السرطان».
لا تزال الخطَّة مدار بحث ونقاش، وسط تساؤلات حول تغيّب رؤساء البلديات عن الحضور. في السياق، شدّدت مصادر اتحاد بلديات الشقيف على أنّ «المناقصة تُنقذ القرى من أزمة النفايات، غير أنّها مشروطة بدفع كل بلدية حوالى 150 مليون ليرة شهريّاً للمتعهّد، على أن يُعيدها فور حصوله على مستحقّاته من الدولة».
من جهّته، رأى عضو بلدية النبطية صادق إسماعيل أنّ «الحلّ المطروح اليوم مقبول، مع أنّه سيكبّد البلديات أموالاً كانت تبحث عن مخرج لها». ولا يخفي ارتباط الحلّ بالإنتخابات، مؤكّداً أنه «سيجمع النفايات في مطمر واحد، بدل عشوائية وفوضى المكبّات».