غادة حلاوي - نداء الوطن
خلال زيارته إلى لبنان، نصح رئيس مجلس العلاقات الخارجية الايراني كمال خرازي المسؤولين بعدم الإتكال على الإتفاق السعودي الإيراني في ملف رئاسة الجمهورية لوجود دول أخرى لها تأثيرها في لبنان. تمنى أن يتولى المعنيون الحوار حول الرئيس المقبل ونصح بأن يكون الحل داخلياً من دون أن ينفي إنعكاسات الإتفاق إيجاباً على دول المنطقة ومن بينها لبنان في المراحل المقبلة. بعدها مباشرة خرج الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله يدعو إلى حلّ الشأن الرئاسي بالحوار الداخلي مقللاً من شأن الإتفاق عينه على لبنان ولو أنه أمل «أن يساعد الهدوء الإقليمي والإتفاق السعودي الإيراني على انجاز هذا الإستحقاق».
في حديثه يؤكد السيد نصر الله وجود مأزق في الملف الرئاسي اللبناني وإرباك في المواقف حيال ترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية حتى داخل الثنائي الشيعي. بدا كلامه عن الإستحقاق واقعياً من ناحية الجمود الذي يكتنفه، لم يأت على ذكر فرنجية بالإسم كتشديد على دعمه في محاولة لسحب فكرة أن الرجل مرشح «حزب الله». يحصل كل ذلك والمرشح الذي أعلن دعمه بقي ضميراً مستتراً.
مقربون من فرنجية شككوا في إمكانية مضيه قدماً في ترشيحه. استياؤه من العقبات التي تعترض التوافق على شخصه جعله يتحدث عن احتمال العدول عن المشروع في حال لم تحدث حلحلة قريبة كي لا يبقى البلد رهينة التعطيل مجدداً. لكن قرار الإنسحاب لم يعد متوقفاً على شخصه طالما هو مرشح الثنائي الذي سارع إلى تبنيه قبل أن يعلنه بنفسه. ليست عملية سهلة أن يخرج السيد حسن نصر الله معلناً ترشيحه فينسحب هو قبل أن تبدأ المعركة. فرنجية ليس حراً في قراره متى تمّ تبني ترشيحه وهو متى انسحب عرّض مسيرته السياسية للخطر. أسوأ ما في وضع فرنجية أن عجزه عن إعلان ترشحه في الوقت الحاضر يساوي عجزه عن الإستمرار.
تعترف مصادر الثنائي أنّ مجرد تريث فرنجية في إعلان ترشحه يؤشر إلى وجود إشكالات تعترض طريقه الرئاسي، وهو أبلغ أنّه لن يقدم على أي خطوة ما لم يلمس أنّ طبخة ترشحه نضجت. وتمضي المصادر قائلة إنّ قبول الخارج وحده بفرنجية لا يلغي الحاجة إلى توافق داخلي عليه، كما أنّ الخارج وتحديداً السعودية لم تحسم أمرها بما يخدم هذا الترشيح وبالتالي فهو لن يجرؤ على اتخاذ أي خطوة تفرض على رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى جلسة يُنتخب خلالها فرنجية ولا يفوز بالرئاسة فيكون عرضة للإحتراق. ينتظر الثنائي نتائج حراك فرنجية الخارجي ولا سيما في العاصمة الفرنسية وينتظر فرنجية جلاء المشهد الإقليمي ونتائج التفاهمات.
أثناء تواجده في باريس لمس أحدهم أنّ فرنجية يعمل بجد مع الفرنسيين على تزخيم ترشيحه للرئاسة دولياً وفي الأوساط السعودية وفُهم من خلال مسؤولين فرنسيين أنّ مقربين من رئيس «المرده» وهم من رجال الأعمال اللبنانيين تربطهم علاقات عمل وطيدة مع كبرى الشركات الفرنسية يعملون على تسويق ترشيحه بقوة في أوساط الإليزيه ويعقدون إجتماعات متواصلة مع المتابعين لملف رئاسة الجمهورية. ومما تبلغه هؤلاء من الفرنسيين أنّ العمل لا يزال جارياً على إقناع السعودية لإبداء مرونة تجاه ترشيح فرنجية لكن الموقف السعودي لا يزال متمسكاً برفض أي مرشح رئاسي من جانب «حزب الله» حتى ولو سعى البعض إلى تقديم ضمانات.
لكن فرنسا لم تعد صانعة الرؤساء في لبنان. على الرغم من قاصديها الكثر فإنّ هامش قرارها صار ضيقاً لانشغالها بقضاياها الداخلية. التعويل على دورها وإدخالها عنوة لن يغير في واقع الحال.
تمسّك الثنائي بمرشحه لا يلغي وجود تواصل مع مرشحين آخرين ممن وردت أسماؤهم على لائحة المرشحين المتداولة في أوساط بكركي وعين التينة وتشكل تقاطعاً معها. وتتحدث معلومات موثوقة أن مرشحاً من بين هؤلاء عقد جلسة مطولة مع مسؤولين بارزين في «حزب الله» عرض خلالها تصوره للمرحلة المقبلة. ولم يعرف ما إذا كان هدف الزيارة محصوراً بالإنتخابات الرئاسية أو بملفات أخرى إقتصادية مطلوب حلحلتها سريعاً. المصادر عينها ترجح كفة الرئاسة لتقول إن تمسك الثنائي بفرنجية لن يلغي الإستماع الى الآخرين ولا يلغي كونه مرشحها الى أن يتراجع بنفسه.