"الأنباء" الإلكترونية
الاستحقاق الرئاسي دخلَ منعطفاً خطيراً، تحت وطأة السجالات الحادة في الساعات الأخيرة، والتي بدورها زادت من تعقيد الأزمة الرئاسية ودفعتها الى نفق مظلم من الصعب الخروج منه، دون معجزة تقلب الأمور رأساً على عقب وتعيد تصويب البوصلة من جديد قبل بداية شهر رمضان المبارك، بهدف كسر الجمود القائم والدعوة إلى الحوار بين القوى كافة.
وعلى وقع هذه السجالات لفتت مصادر عين التينة في اتصال مع "الأنباء" الالكترونية الى أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي لم يتأخر عن تحديد جلسة انتخاب الرئيس في حال تلّمس وجود منافسة جدّية في هذا الشأن. وإذ أكّدت المصادر رفض برّي الدعوة لجلسات فلكلورية كما حصل في الجلسات الـ11 السابقة، إلّا أنّها لم تستبعد الدعوة الى جلسة انتخاب قبل حلول شهر رمضان المبارك.
توازياً، كشفَ المطران بولس صياح في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية أنَّ بكركي لم تقل كلمتها بعد في موضوع الاستحقاق الرئاسي بانتظار انتهاء الجولة الثانية من الاتصالات التي يجريها المطران أنطوان أبي نجم مع القيادات المارونية، وعلى ضوئها يتقرر موقف بكركي، واصفاً السجال السياسي الذي جرى في اليومين الماضيين بالمعيب والمخجل، لافتاً إلى أنه من غير المتوقع أن يحصل ذلك في ظل هذه الأزمة الخانقة فالناس يموتون من الجوع والقهر على ابواب المستشفيات.
المطران صياح استذكرَ الهامات الكبيرة من رجالات السياسة في ظلّ ما نشهده من مناكفات، قائلاً: "أين كمال جنبلاط وكميل شمعون وصائب سلام وبيار الجميل؟".
بدوره، أشار مسؤول الاعلام والتواصل في القوات اللبنانية شارل جبور الى أن تبنّي الرئيس برّي ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية لم يكن بالجديد، لأنَّ الثنائي يدعمان فرنجية منذ اللحظة الاولى، أكان ذلك مضمراً أو معلناً، وبذلك فإنَّ فرنجية هو نفسه مرشح الثنائي، لكن الجديد بكلام برّي هو تبدل اللهجة فقط.
ورأى جبور في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية أن لا جديد في التموضعات الرئاسية على المستوى الداخلي، إذ إنَّ الثنائي على موقفهما، في حين أنّ رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل على موقفه ايضاً الرافض لفرنجية، وكذلك الأمر بالنسبة للمعارضة التي بدورها ترفض ترشيح الأخير.
إلى ذلك، كشفَ جبور أن موقف برّي مرتبط باللقاء الخماسي الباريسي لناحية رفض السعودية وصول أي رئيس يتأثر بحزب الله، ويكون من ضمن فريق الممانعة.
أمّا عن حركة الكنيسة المارونية من خلال التواصل الذي يقوم به المطران ابي نجم في محاولة لتجاوز الستاتيكو الرئاسي، فاعتبرَ جبور أنَّ برّي وبعد أن وجد نفسه انه أمام حراك كنيسة تريد كسر الجمود الرئاسي، قرّر التسخين من أجل تحريك المياه الراكدة تمهيداً للتخلّي عن فرنجية والقول بأن الاسماء المطروحة للرئاسة لم تعد صالحة، بالاشارة الى أن ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون يتطلب تعديلاً للدستور.
وإذ أكّد جبور أن أولوية الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا هي الاستقرار في لبنان، وبناءً عليه فإن واشنطن وباريس تدركان أن هذا الاستقرار لا يتأمن إلاّ من خلال العلاقات العربية وبوابتها السعودية، لذلك لن يذهبا لتزكية انتاج رئيس جمهورية دون الدعم السعودي، مستطرداً أمام هذا الانسداد الخارجي لفرنجية عبّر برّي عن غضبه، لتتحرّك المياه الراكدة وبالتالي البحث عن خيار رابع.
وختمَ جبور معلّقاً على موقف برّي بتحديد جلسة انتخاب شرط توفر المنافسة الجدية معتبراً أنه غير واقعي لأنَّ فرنجية لم يعد منافس لأحد ولن يستطيع أن يؤمن اصواتاً أكثر من العدد الذي حصل عليه النائب ميشال معوض.
وعليه، فإنَّ السجالات السياسية في ظلّ المعاناة التي يعيشها اللّبنانيون تزيدُ من همومهم، عوضاً عن التخفيف من وطأة التشابك الداخلي والبحث عن رئيس توافقي لإخراج البلد من محنته.