ميشال نصر - الديار
بكل المعايير شكلت جلسة مجلس الوزراء مفاجأة من العيار الثقيل، وفقا لمجرياتها، شكلا ومضمونا، وما رافقها من مواقف، جاءت خلافا لكل المتوقع، بترهيبها وترغيبها، ما غيّر المعادلات ورسم مشهدا جديدا تبنى على أساسه توقعات الجولة الثالثة، خصوصا بعدما «غسل» ميقاتي يديِ حزب الله من وزر النصاب.
فرئيس حكومة تصريف الاعمال نجح في تخطي «القطوع» الثاني، بتأمين النصاب دون الحاجة الى وزيري حارة حريك، فحرر الحزب من «نص مشكل» في خطوة لن «يقدرها» باسيل، إذ ان اتصالات السراي الليلية بأكثر من مرجعية نافذة، والضغوط التي مورست، سمحت «بمصالحات عالسريع»، وان على «زغل» لشن «الهجوم الحكومي» الثاني ضد التيار الوطني لمزيد من حشره في الزاوية، من بوابة ترقيات الضباط والكهرباء.
في المقابل، لم يتأخر فريق البياضة في الرد، عبر الوزير المعني، مسجلا تسللا في اتجاه ساحة رئيس حكومة التصريف، إذ بعد «كيل اتهامات اللاميثاقية واللاشراكة»، حاولت ميرنا الشالوحي ضرب الميقاتي بالثنائي، الذي باركت له فيه أمس، متهمة اياه بعرقلة هبة الفيول الإيرانية رغم تقديم وزير التيار كل التسهيلات، واجازه ما يترتب عليه من خطوات.
في كل الأحوال، ووفقا لمصادر سياسية، فان بيت قصيد الجد الحكومي لم يصل بعد، والجولات الحامية المتتالية في المباراة مستمرة حاليا، اقله لشهرين لحين إنجاز المطلوب منها، حيث سيعمد الفريقان إلى استخدام كل اسلحتهما، في الدفاع والهجوم، واحد أبرز الساحات ترقيات الضباط في الأسلاك العسكرية، و»لبها» دورة ١٩٩٤ بكل اشكالياتها و»خبيصتها».
فسواء اقرت الحكومة البند ام لم تقره، فهي عمليا رمت الكرة في ملعب المجلس، حيث مرر ميقاتي «باساً» مهما «للاستيذ»، الذي سيجيد اللعبة «من هون وطالع» على طريقته. لكن كيف سينعكس ذلك على أرض الواقع؟
بداية، من الواضح ان تمرير القانون في المبدأ يعيد الحقوق لأصحابها، بعدما حرموا منها لثلاث سنوات، بسبب الكيدية السياسية والحسابات الضيقة التي لا يستثنى منها اي من القيادات المعنية بالملف، الا ان توقيتها اليوم يطرح اكثر من علامة استفهام ابرزها:
- هل سيمرر التيار الوطني الحر قرار مجلس الوزراء، والأهم هل يشارك في الجلسة النيابية التي ستقر المشروع، علما ان الحجة الدستورية للنفاذ من الورطة جاهزة، خصوصا ان التيار لن يكون مرتاحا لتمرير الأمر بعد أن خرج الرئيس عون من بعبدا، إذ ان الامر سيظهره اليوم كأنه كان المعرقل الوحيد، رغم ان جسم النائب جبران بلسيل «اللبيس»، لبس وزر العرقلة اكثر من مرة.
- ستؤدي الخطوة في حال اقراها إلى التأسيس لخلل كبير على صعيد الجيش، عنوانه الأول تداخل الدورات، فضلا عن تضخم عدد العداء، خصوصا في الجيش، وهو منطقيا وعمليا عكس المطلوب من لبنان، وقد وضع اكثر من تقرير على هذا الصعيد، أبرزها لمساعد وزير الخارجية الأميركية السابق دايفيد هيل، حيث تمت مناقشته أمام لجان الكونغرس، في معرض مناقشة المساعدات للجيش اللبناني.
- لعل اهم النقاط هي تلك المتعلقة بمعركة قيادة الجيش المقبلة، وقادة الأجهزة الأمنية، بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، إذ تكشف مصادر متابعة أن إحدى السفارات الغربية في بيروت طلبت من جهات معينة لائحة بأسماء الضباط العمداء الموارنة من دورة ١٩٩٤ حصرا، لدرسها وغربلة الأسماء «الصالحة» لتولي قيادة الجيش في العهد العتيد، غير ان تمرير الترقيات اليوم سيفتح الباب أمام مروحة اسماء أوسع.
في كل الأحوال ووفقا للمطلعين، لا شيء يجري في لبنان بالصدفة او عن عبث، والا كيف يصبح ممكنا ما كان مستحيلا قبل أشهر قليلة؟ يجيب العارفون بأن معركة تركيب العهد الجديد بدأت، فاحدا لا ينظر إلى المسألة من باب الحقوق، فكلهم «دافنينوا سوا» بالتكافل والتضامن فيما بينهم، لذلك ورغم كل ما تقدم لن يكون من السهل تخطي العقبات «الدستورية» التي يحتج بها البعض، لعلم الجميع أن ما يحصل يبقى في باب تسجيل النقاط وحشر الأطراف.