دوللي بشعلاني - الديار
لا يزال اللبنانيون في انتظار تحديد انعقاد الإجتماع الرباعي «المزعوم» بين ممثلي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية وقطر في باريس قبل نهاية شهر كانون الثاني الجاري، والذي يُمكن أن يتمّ تأجيله الى الأسبوع الأول من شباط، علّه يحمل تسوية ما على صعيد الأزمة السياسية اللبنانية. فالنوّاب اللبنانيون لن ينتخبوا هذا الخميس ولا الخميس المقبل رئيس الجمهورية العتيد، لأنّهم ينتظرون حصول التسوية في الخارج فقط، ولانهم أيضاً غير متفقين فيما بينهم بعد، لا على مواصفات الرئيس ولا على أي إسم من المرشّحين الحاليين، الأمر الذي يتطلّب فعلاً تدخّلاً خارجياً جديّاً يُشارك فيه لبنان، أو الذهاب الى الحوار فيما بينهم توصّلاً الى حلّ أو مخرج ما يؤدي في نهاية الأمر الى انتخاب الرئيس.
مصادر سياسية عليمة اشارت الى أنّه في حال عُقد هذا الإجتماع اليوم أو غداً أو حتى في أوائل شهر شباط المقبل، لا يُفترض على المســـؤولين اللبنانيين التعويل عليه، خصوصاً وأنّ لا رؤية واضحة للدول الأربع المعنية به حتى الآن من موضوع الإستحقاق الرئاسي في لبنان. فالمواقف متباينة بين أميركا وفرنسا، وبينهما وبين السعودية، وتميل قطر الى التوافق مع فرنسا كون لكلّ منهما مصالح مشتركة في لبنان في ملف النفط والغاز، لا سيما بعد توقيع اتفاقية الترسيم البحري بين لبنان والعدو الإسرائيلي في 27 تشرين الأول الفائت.
فبعد توقيع هذه الإتفاقية، على ما أضافت المصادر، بات لدول الخارج نظرة جديدة ومختلفة تجاه لبنان تقوم على ضمان مصالحها في ثروته البحرية قبل أي شيء آخر، وإن كان يهمّها أن يتمّ انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة أصيلة في أسرع وقت ممكن لمواكبة هذا الملف. غير أنّ تأثير هذه الدول قد لا يكون له الفاعلية المطلوبة من دون وجود إيران، كونها حليفة لشريحة مؤثّرة في الحياة السياسية في لبنان، لا سيما في مجلس النوّاب. علماً بأنّ إيران، أكّدت على لسان وزير الخارجية الإيراني عبد الأمير اللهيان الذي زار لبنان أخيراً، بأنّها لا تتدخّل في الأمور الداخلية اللبنانية، غير أن حصول تسوية خارجية لحلّ أزمة الإستحقاق الرئاسي اللبناني يتطلّب مشاركتها فيها، وإلّا فلا يُمكن التعويل على ما سيصدر عن اجتماع باريس.
وذكرت المصادر نفسها بأنّه ليس من توافق بين الدول الأربع على إسم رئيس الجمهورية المقبل، لكي تأتي هذه الدول وتفرضه على حلفائها في الداخل. حتى أنّ السعودية لا إسم لديها، كونها تجد أنّ المرشّحين الذين يتمّ التداول بأسمائهم حالياً، لا تنطبق على أي منهم «المواصفات» التي ترى أنّها يجب أن يتمتّع بها رئيس الجمهورية في لبنان في المرحلة المقبلة. وقد سبق أن عبّرت عن دفتر شروطها، بحسب المعلومات، في ورقة المبادرة الخليجية التي حملها وزير الخارجية الكويتي احمد ناصر الصبّاح الى لبنان في كانون الثاني من العام الماضي، وتضمّنت 10 بنود تهدف الى بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج. فضلاً عن المواصفات التي حدّدها البيان الثلاثي الأميركي- الفرنسي- السعودي الذي صدر في أيلول الماضي، بعد اجتماع عقده ممثلو هذه الدول على هامش الجمعية العامّة للأمم المتحدة، وجرى التشديد فيه على أهمية دعم لبنان والعمل لحماية أمنه واستقراره.
وهذا يعني بأنّ هذه المواقف تجعل الكرة حاليّاً في ملعب مجلس النوّاب اللبناني، على ما عقّبت المصادر، غير المتفق فيما بينه أساساً. ويُراهن البعض على أنّ «الجرّة كُسرت» بين «التيّار الوطني الحرّ» وحزب الله على خلفية حضور وزيريه الجلسات الحكومية رغم معارضة «التيّار» لذلك. غير أنّ هذا الأمر ليس صحيحاً، على ما أكّدت المصادر، إذ أنّ كلّ من الحزبين متمسّك بعلاقته مع الطرف الآخر، رغم ما يجري الحديث عنه عن تصعيد «التيّار الوطني» إذا شارك وزيرا حزب الله في الجلسة الحكومية المرتقبة، أو في سواها من الجلسات الحكومية اللاحقة. فمن يُراهن على توسّع الشرخ بين «التيّار» والحزب للذهاب الى التصادم الكبير في مجلس النوّاب سيُصاب بخيبة أمل.
وأشارت المصادر عينها الى أنّه بإمكان «الثنائي الشيعي» الإتيان بمرشّحهم للجمهورية أكان رئيس «تيّار المردة» النائب والوزير السابق سليمان فرنجية أو أي مرشّح آخر، من خلال التوافق مع بعض النوّاب المسيحيين والسنّة من المستقلّين، إلّا أنّهما لا يزالان يتمسّكان بعدم انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية بأكثرية مسلمة. فرفض أكبر كتلتين مسيحيتين في البرلمان أي تكتّل «لبنان القوي» وكتلة «الجمهورية القويّة» التصويت لمرشّح «الثنائي الشيعي» لا يحول دون انتخابه، إلّا في حال أصرّا على عدم تأمين النصاب القانوني للدورة الثانية من جلسة انتخاب الرئيس.
أمّا في حال وافقت «القوّات اللبنانية» على تأمين النصاب القانوني، رغم أنّ رئيسها سمير جعجع قد أعلن في مقابلة تلفزيونية أخيراً أنّ «القوات لن تدع مرشّح حزب الله يصل الى قصر بعبدا»، فيُصبح بإمكان «الثنائي الشيعي» إيصال مرشّحهم بالأغلبية المطلقة أي بـ 65 صوتاً، على ما حصل مع انتخاب رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي رئيساً للمجلس لولاية جديدة.
غير أنّ هذا الأمر، لن يحصل في وقت قريب، على ما لفتت المصادر، إلّا في حال طرأ أمر ما استوجب التسريع في انتخاب رئيس الجمهورية. لهذا فإنّ أي أمر طارىء من شأنه، إعادة خلط الأوراق والأسماء، وقد تُوافق الكتلة «التغييرية» وسواها من النوّاب المستقلّين من الطوائف كافة على المرشّح الذي قد تفرضه ظروف معيّنة.