مدارس الأمس واليوم
مدارس الأمس واليوم

خاص - Wednesday, May 20, 2020 9:03:00 AM

الاعلامي بسّام برّاك

ما كان أسهل الذهاب الى المدارس حين كانت المدرسة كنايةً عن شجرة وحجارة ومعلّم وورق الأغصان وزوّادةٍ شغل البيت ودفاترَ يبعثرها الهواء.
كانت أسهلَ لأن المتعلم يبقى خارج الزي والكتاب المدرسي والأنشطة اليومية اللاصفيّة، والمصاريف الأسبوعية والأقساط الفصليّة، ويذهب الى معلّم السنديانة ويؤوب بسلامة من رقميات تُغريه، وأحلام تنقلها اليه عدوى مدرسة خاصّة أخرى، والأهل لا ينتابهم القلق من أقساط تثقل كاهلهم، فالمعلّم هو الإدارة وهو المفيد المستفيد، فيما أيام العطل تحدّدها الروزنامة الدينية والنخوة الوطنية والبيئة، ولا يحتاج الثلج لرخصة عطلة، والحرّ لبيان مبلّل بماء الحبر.
فلو انتشرت أزمة اقتصاد لبنان اليوم في تلك الايام لكان تسديدُ أتعاب المعلّم من حواضر الجيوب والبيوت والحقول وضمن المعقول...
ولو اجتاحت جائحة الكورونا ذلك الزمن لكان الهواء الطلق تحت السنديانة، والمسافة المترامية عفويا بين المتعلّمين حلّاً سهلاً وطبيعيًا لمعضلة لا حلَّ لها اليوم، لا بمناصفة أيام الاسبوع ولا باستعارة شعبة إضافية من صف آخر، أو بإضافة حصص لمعلم الصف وتعويض أتعابه على المجهول.
في ٢٠٢٠ اختلف الموضوع. فالمعلم واحد من خمسين ألفا، والسنديانة مدرسة واحدة من مئات المدارس، والإدارات تُضنيها رواتبُ ما قبل صدور السلسة وما بعدها... ولجان الأهل تهلكها أقساط نصفِ المليون متعلم، وهي تطلق وابل بياناتها مقسّطا بوجه المدارس، والأمانة العامة مركزية أبوية أو وكالة حصرية لتَلقّي المشكلات وتصديرِ وعود لا تُفضي الى حلول. والوزارة الحالية يليق بها "حرف السين" في لغتنا العربية لأنها "سين سوف" ستقرر ، ستنظر، ستقترح، ستعلن، ستجتمع، وهذه السين المستقبلية كم صارت ماضوية لمرور الوقت والكورونا والثورة والأقساط والمبالغ والتعاقدات والصرخات عليها.
نعم في غير دولة عربية بينها مصر وسوريا والأردن سارع وزراء التربية والحكومات الى البتّ بعمر العام الدراسي واختزاله، لكن في لبنان، بين الخوف من التسرُّب الى الرسمي وشبه تفريغ الخاص (ربما هذا العام بمئة ألف متعلم) وبين عدم تسديد الرواتب للمعلّمين عن بُعد، والقرب أفضلُ لهم، و اعتبار بعض الأهل التعليم الرقمي لا تعليم (وهذا ما يذكّرني بالقائلين إن الكورونا ليست كورونا بل خدعة سياسية)...وعلى وقع التشبث بالشهادة الرسمية لانها ال" لا إله إلا الله" ثم التخلي عنها لأنها ال" لا إله" وإنهاء العام في تموز ، ولهيبُ ليس حائلا، ثم قبل تموز لأن قيظه مصيبة !!! بين هذه وتيك ضاع العامُ الملبَّد من بدايته بثورة تشرين، والمَشوب في نهايته بتسلُّل الكورونا .
حزن من يودّ أن يطلق الرصاص لأن ابنَه لن ينال شهادة بل إفادة فاعتبر الوزير ضدَّه! فرح من كان يصلّي لإعفاء ابنه من توتر الدرس واعتبر الله معه، غضبت إداراتُ المدارس لأن الأهل لن يدفعوا وغمزت من قناة الوزير :"بَيّ" التلاميذ، أمّا المعلّمون فعلّقوا طبشورهم وقلمَهم وجيوبهم وانتظارَهم على خشبة... والقيامة ليست قريبة!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني