كريم حسامي
عندما نُتابع ونُراقب تطوّر الاحداث منذ بدء ظهور "كورونا" وتفشيه في دول العالم حتّى الآن، تنتابنا الصدمة على خلفية طريقة معالجة حكومات الدول للفيروس وردّة فعلها وتطوّرها.
وعلينا فقط رؤية الصورة الكبيرة بكل تفاصيلها لنفهم ما يحصل وفق سيناريوهات معدة سلفاً تفوق خيال الأفلام الهوليودية، ويمكن البناء عليها لمراقبة المرحلة المقبلة:
أولا، فرضت الدول الإغلاق الكامل في نفس التوقيت، أي أوائل آذار الماضي بعدما فرضته الصين، ثم بدأت رفعها بعد نحو شهرين عندما بدأت الاصابات والوفيات تنخفض نسبياً. أما عندما ترتفع الإصابات مُجدّداً، فيُفرض الاغلاق فوراً مثلما يحصل في أجزاء من الصين الآن وستلحقها دول أخرى.
ثانياً، انتظرت كل الدول من دون استثناء تاريخ 11 أيار الجاري، كموعد مفصلي لفتح البلد تدريجاً حتّى لو استمرت الاصابات والوفيات، وهذا ما حصل حيث بدأت بلدان مثل ألمانيا وفرنسا وبلجيكا ولبنان واليابان والولايات المتحدة وغيرها بفتح بعض القطاعات في هذا التاريخ ضمن مراحل، ولحقتها بريطانيا.
ثالثاً، اعتمدت البلدان نفس اسلوب واستراتيجية فتح البلاد بنفس الطريقة، أي أن المجالات التي اختيرت لتكون ضمن المرحلة الأولى ثم الثانية والثالثة هي نفسها. من المطاعم والمتاجر والمؤسسات العامة والخاصة الصغيرة والكبيرة ومراكز التسوق والأسواق وغيرها... بتوقيت مُحدّد مع قدرة استيعاب محددة تزيد مع الوقت.
رابعاً، تثبيت حظر التجول وتحديد أوقات مُعيّنة لتحرك المواطنين في أبسط الأمور ما دام الفيروس موجود، فهل يبقى هذا الإجراء لفترة طويلة ويصبح من الأمور المُثبّتة؟ وهل يتم فرض حظر تجول كامل في عيد الفطر تفادياً لوقوع كارثة أكبر؟
خامساً، فُرضت نفس الإجراءات من حيث وجوب ارتداء الكمامات دائماً أينما نذهب وعندما نعمل تحت طائلة فرض العقوبات أو السجن ، إضافة الى اختراع تطبيقات هاتفية لتتبّع المصابين.
ما خلفيات تزامن السياسات؟
وفي السياق، يقول خبراء اننا "نجد كل حكومات العالم تتبنى السياسات نفسها في الوقت نفسه وفي المدة الزمنية نفسها، وهذه ظاهرة لم تحدث سابقا". واضافوا ان "هذا يُبيّن أمور كثيرة أهمّها ان ما يحدث سياسة مُنسّقة دولياً وعالمياً بطريقة لم تعتد عليها سياسات العالم سابقاً إطلاقاً".
وشدّد الخبراء على أنّ "تزامن تطبيق هذه السياسات والإجراءات في المدة الزمنية نفسها بهذا النطاق الواسع يطرح علامات استفهام كبيرة عمّا يحدث وراء الكواليس". ولفتوا إلى أنّ "فئة صغيرة أو جماعة توجّه كل الحكومات وتملي عليها ما يجب فعله".
إلى ذلك، تتماشى هذه الأساليب مع المشروع الرامي للانتقال إلى حكومة واحدة تحكم العالم ولتشديد القبضة على الشعوب من أجل الوصول إلى التحكّم بها بالكامل، خصوصاً بعد تخفيض عددها تزامناً مع تطبيق نظام اقتصادي-مالي-نقدي جديد.
الدليل الأكبر على صحّة هذه المخططات التي يسمّونها "مؤامرات" هي وجودها في وثائق عدة، منها وثيقة الأمم المتحدة المُسمّات “Agenda 21” التي تغيّرت لاحقاً لتصبح Agenda 2030، فضلاً عن وجودها في وثائق أخرى تدعم المشروع مثل وثيقة Rockefeller Foundationالتي نُشرت علم 2014 وغيرها الكثير. كل هذه الوثائق تتضمّن وتَصِف بوضوح تفاصيل هذه الخطّة التي تُصنّف تحت فئة "السيناريوهات المتداولة" وتُطبّق حرفياً الآن في العالم.
أما السؤال الجوهري: بعد قيام هكذا حكومة عالمية واحدة يكون هدفها حل مشاكل البشر على كل أنواعها وبالتالي سيطرة السلام، كيف ستعمل هذه الحكومة على تحقيق ذلك في ظلّ عدم وجود أسُس متينة لهذا المسار؟ لسبب بسيط أن الأوضاع العالمية مزرية جداً ومتهالكة، فماذا ستكون قاعدة عمل وانطلاق الحكومة وعامل دعمها فيما سُكّان الأرض منقسمون وضعفاء أم هذا عامل غير مهم؟
لا خطر بعد الآن؟
وسط هذه التطورات، اختارت البلدان المال على حساب الصحة، فالبلدان أصبحت بين مغلقة و"غير مغلقة". وهذا مفهوم لأن الشعوب تريد أن "تعيش" و"تسترزق" وإلّا الفوران البركاني الشعبي الواسع المؤجّل، لذلك فُتحت البلدان قليلاً ولفترة قصيرة.
غير أن "كورونا" لا يزال موجوداً والإصابات والوفيات ترتفع لكنّ البلدان تفتح مُجدّداً، فهل زال الخطر عن حياتنا؟ أم أن لا وجود للخطر ونتناساه عندما نحتاج إلى المال للاستمرارية والمضي قدماً في حياتنا وإلّاّ الموت جوعاً؟
ومن جهة أخرى، هل من الطبيعي ان نعمل ضمن اجراءات قاسية جداً بحق العامل كوضع كمّامة خلال ثماني ساعات؟ هل هذا معقول؟ او العمل بعيدين عن بعضنا ومن دون مصافحات؟ أليس من الأفضل البقاء في المنازل وعدم العودة الى المكاتب إذا كان هناك من خطر حياتي؟